الرئيس ينتصر للصحافة والإعلام    وزارة التعليم تحدد اسعار الكتب المدرسية لطلاب المدارس الخاصة    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ مساء غد    محافظ الأقصر يبحث رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية مع وفد الصحة    قيادات تعليم السويس تودّع المدير السابق بممر شرفي تكريمًا لجهوده    تُخالف النِسب المُقررة دستوريا .. ميزانيات الصحة والتعليم تكشف ادعاءات وزارة "مالية" السيسي !    مدبولي يترأس الوفد المصري المشارك في أعمال اللجنة المصرية الأردنية المشتركة    تعاون مصري- إيفواري في مجالي الصناعة والنقل وبحث إقامة مناطق لوجستية مشتركة    يسري الشرقاوي: القطاع الخاص آمن بمبادرة التيسيرات الضريبية    محافظ كفرالشيخ يعتمد تحديث المخطط التفصيلي لمدينة سيدي سالم وتعديل قيود الارتفاع    الكويت ترحب بإعلان أستراليا عزمها الاعتراف بفلسطين ودراسة نيوزيلندا لهذه الخطوة    منة الله محمد تنافس على برونزية الكونغ فو بدورة الألعاب العالمية بالصين    موعد مباراة ريال مدريد وتيرول والقنوات الناقلة    "مكان التواجد والانصراف".. الإسماعيلي يعلن تعليمات حضور الجمعية العمومية    موجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الثلاثاء    محافظ المنيا يوجّه بوقف العمل خلال ساعات الذروة    محافظة الإسكندرية توجه إرشادات للمصطافين لعبور الطريق بعد حادث الشاطبى    ضبط 1429 نسخة من الكتب الدراسية الخارجية بدون ترخيص    نفرتيتى.. النزاع على الملكة الوحيدة    الإعلام من المطبعة إلى المنصة    برعاية وزارة الرياضة.. تكريم شيري عادل في مهرجان إبداع بدورته الخامسة    عاصم عبد القادر: مؤتمر دار الإفتاء يناقش تأثير الذكاء الاصطناعي على الفتوى    في ذكرى رحيله.. نور الشريف أيقونة الفن المصري الذي ترك إرثًا خالدًا في السينما والدراما    عمرو يوسف ودينا الشربينى وأبطال درويش يحتفلون بالعرض الخاص    مذيعة القاهرة الإخبارية لمسئول بالوكالة الذرية: العلاقات لا تبنى على دم الشهداء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    4 تفسيرات للآية «وأما بنعمة ربك فحدث».. رمضان عبدالمعز يوضح    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    وكيل صحة سيناء يتابع تقديم الخدمات الطبية للمترددين على مستشفى العريش    «بمكون ميجيش في بالك».. أسرار «فيجيتار» المصانع في المطبخ (المكونات والطريقة)    وصفات حلويات المولد النبوي الشريف السهلة بدون فرن    «الحرارة تتخطى 40 درجة».. تحذيرات من موجة حر شديدة واستثنائية تضرب فرنسا وإسبانيا    مهاجم مانشستر يونايتد الجديد: إبراهيموفيتش قدوتي وأتمنى مقابلته يومًا ما    جدول مواقيت الصلوات الخمسة غدا الثلاثاء 12 أغسطس في المنيا والمحافظات    مجلس صيانة الدستور الإيراني: نزع سلاح حزب الله حلم واهم    رد حاسم من كهرباء الإسماعيلية على مفاوضاتهم مع محمود كهربا (خاص)    الشباب والرياضة و"مكافحة الإدمان" يعلنان الكشف المبكر عن تعاطى المخدرات    القولون العصبي وأورام القولون- 3 أعراض للتفريق بينهما    إقبال كثيف على شواطئ الإسكندرية مع ارتفاع الحرارة ورفع الرايات التحذيرية    تفسير رؤية الدجاج في المنام.. الدلالات النفسية    روسيا تعزز قاعدتها وتزيد عدد قواتها في القامشلي شمال شرقي سوريا    بدء تداول أسهم شركتي «أرابيا إنفستمنتس» في البورصة المصرية    اللجنة الفنية في اتحاد الكرة تناقش الإعداد لكأس العرب    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    فيبا تضع مباراتي مصر ضمن أبرز 10 مواجهات في مجموعات الأفروباسكت    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة المضادة كما يريدها الأعداء (2)
نشر في الوفد يوم 28 - 10 - 2011

عرضنا فى الحلقة السابقة ما يدور فى الفكر الاستعمارى وأذنابه ضد الثورات الديمقراطية التى تجتاح العالم العربى حالياً، وما يدبره لها الأعداء من ثورات مضادة لإجهاضها،
عرض الكاتبان حسين أغا وروبت ماليف فى بحثهما المطول الذى نشر فى مجلة «نيويورك ريفو أوف بوكس» الحلقة الأولى التى قارنا فيها بين ثورتى مصر وتونس سنة 2011 بالانقلابات العسكرية التى وقعت فى العالم العربى خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضى، وكيف أن هذه الانقلابات ألهبت المشاعر الوطنية القومية ثم انتهت إلى قيام دكتاتوريات شمولية وتركز الثروة فى يد قلة محيطة بدوائر الحكم، وكيف أن الديكتاتوريات الحاكمة انتهى بها الحال إلى الخضوع للنفوذ الأجنبى والتفريط فى السيادة الوطنية، مع استمرار احتكار الحكام للعمل السياسى وللمال وباستمرار إفقار الطبقات الشعبية التى لم تعد تحتمل المهانة الوطنية مع الفقر مما كان السبب الأساسى فى انفجار الثورات العربية سنة 2011 ثم يمهد الكاتبان للثورة المضادة بترويج أن مصير ثورات سنة 2011 يبدو أنه سيكون كمصير الانقلابات العسكرية السابقة على النحو التالى:
2 يقول الكاتبان إن الانتفاضات العربية سنة 2011 كانت رفضاً شعبياً للضياع الذى وصلت إليه الدول العربية، فاندفاع الآلاف المؤلفة من المحتجين إلى الشوارع كان تعبيراً عن رفض ما رأوا من عدوانية دخيلة مزروعة، ومع أن شعارات التظاهرات الأولى كانت المطالبة بالإصلاح فإن الأجندة الحقيقية كانت تغيير الأنظمة، وانتصرت الثورتان فى مصر وتونس فى الجولة الأولى بطريقة مبهرة، ولكن فى دول أخرى تعقدت الأمور، حيث إن أنظمتها الحاكمة كان لديها الفرصة للتأقلم وإعداد المواجهة، انتشر العنف ولاحت الحرب الأهلية على الأفق، ودخلت القوى الأجنبية فى المعمعة، وبدأت القوى الطاردة فى التحرك الطائفى والعرقى والقبلى والجغرافى لتفتيت المجتمعات.
إن الصحوة العربية هى قصة ثلاث معارك توحدت فى معركة واحدة: شعب ضد النظام الحاكم، وشعب ضد شعب، وأنظمة حاكمة ضد بعضها البعض، فالمعركة الأولى هى اندلاع الثورة الشعبية ضد النظام الحاكم، فالمتظاهرون معظمهم مسيسون بالمعنى الفضفاض للكلمة وتحركهم المشاعر الغاضبة التى يقف فى مقدمتها الشعور بنفاد الصبر، والكثير منهم لا يعرفون ماذا يريدون أو من يؤيدون ولكنهم واثقون مما يرفضون، وهو المهانة اليومية التى يتعرضون لها والحرمان وانعدام الحريات الأساسية، ويعرفون كذلك الأشخاص المرفوضين، مما يجعلهم خصوماً أشداء، ولا يمكن لأى من أدوات القمع التى يستخدمها الحكام للسيطرة على الأوضاع أن تنجح بسهولة، فالقمع يرسخ صورة الدولة كعدو، ومحاولة الدولة استمالة زعامات الثوار لا تنجح لعدم وجود زعماء مسيطرين يمكن شراؤهم، ومحاولة الدولة شراء بعضهم تحمل رسالة للثوار بضعف الدولة، مما يزيد الثوار شجاعة والصراع الثانى يتركز فى صراع بين قوى سياسية منظمة، وبعضها مرتبط بالنظام القديم مثل العسكريين والنخب الاجتماعية والاقتصادية والزعامات المحلية والأحزاب التقليدية، والبعض الآخر قوى محظورة قانوناً أو معارضة يتغاضى النظام الحاكم عنها وضمنها الشخصيات والأحزاب فى المنفى، وعلى رأس تلك القوى تقف التيارات الإسلامية، ففى ليبيا وسوريا ظهرت جماعات مسلحة ذات ميول مختلفة، والقليل جداً من الحماس والنقاء الثورى يوجد فى هذه الحركات الاحتجاجية، فهذا المجال هو للعلاقات غير العاطفية وصراع السلطة الصريح، والعلاقة بين شباب الثوار وأحزاب المعارضة التقليدية يشوبها الشك، وليس من الواضح دائماً من الذى يمثله كل طرف منها، ففى مصر حيث حسمت معركة الشارع ضد النظام بنصر سريع للشارع وسرعة تنحى مبارك عن الحكم، كانت المعارضة المنظمة مثل الإخوان المسلمين والأحزاب التقليدية خارج المعركة أولاً، ولكنها سرعان ما دخلتها وحاولت سرقة النصر من المظاهرات غير المنظمة، وفى اليمن يتعايش متظاهرو الشارع مع أحزاب المعارضة المنظمة فى توتر واضح، وفى ليبيا فإن المنافسة بين تيارات المعارضة أدت إلى إراقة الدماء مما قد ينذر بمستقبل من الفوضى وفى سوريا فإن بعض اللجان العشبية المحلية التى انبثقت عفوياً تنظر بعين الشك إلى المعارضين فى المنفى.
أما الصراع الثالث فهو منافسة إقليمية ودولية على النفوذ، وقد أصبح جزءاً مهماً من الصورة وله دور تتزايد أهميته، فالتوازن الاستراتيجى للمنطقة على كف عفريت: هل ستبقى سوريا حليفة لإيران؟ وهل ستخرج البحرين من منطقة نفوذ السعودية؟ هل ستخرج تركيا رابحة أو خاسرة؟ وهل سيعانى الاستقرار فى العراق من هذا الصراع؟ إن الإنسان يعتريه الشك الشديد فى إخلاص السعودية فى الدعوة للإصلاح عندما يراها مع البحرين تدعوان سوريا للسماح بالمظاهرات السلمية، وهما دولتان تمارسان أشد أنوع القمع على شعبيهما، وعندما تؤيد إيران النظام القمعى فى سوريا فى الوقت الذى تندد فيه بالقمع فى البحرين، وعندما توزع تركيا رهاناتها السياسية على النظام السورى وعلى أعدائه فى الوقت نفسه.
إن انتقال العدوى شيء طبيعى، لذلك ينمو الشعور بأن ما يحدث فى أى مكان سيكون له تأثير عميق فى كل مكان، لقد حارب حلف الناتو فى ليبيا وساعد على إسقاط القذافى، وتتنافس كل من إيران والسعودية على النفوذ فى اليمن والبحرين وسوريا، وتحاول قطر تضخيم نفوذها عن طريق مساعدة المعارضة فى ليبيا وسورياللوصول للسلةط، وفى سوريا ترى تريكا فرصة فى مساندة الأغلبية السنية وفى الوقت نفسه تخشى ما قد تفعله سوريا وإيران للرد عليها، فربما تساعدان الانفصاليين الأكراد فى الإخلال بالتوازن الدقيق الذى تقيمه تركيا مع العراق، لا شك أن إيران ستضع مزيداً من ثقلها فى العراق لو شعرت بأن سوريا تفلت من يدها، وبينما يتزايد نفوذ التيارات الإسلامية فى ليبيا وسوريا، فهل سيطول الوقت قبل أن تفجر التيارات الإسلامية وحلفاؤها فى العراق الصراع الذى بدأته فى الماضى وأجهض قبل أن يعطى ثماره؟
لم تكن أمريكا آخر من دخل فى المعمعة، ولكنها دخلت دون أهداف واضحة فقد أرادت تأييد التظاهرات الاحتجاجية دون أن تكون واثقة أنها تستطيع تحمل نتائج نجاحها، والغريب أن إسرائيل كانت أقل المتدخلين فى المعمعة وضوحاً، وإن كان ذلك تعقلاً منها فهى تعلم أن مصالحها معلقة فى الميزان ولكنها تعلم أيضاً أنها لا تستطيع فعل الكثير لحماية هذه المصالح، ولذلك آثرت الصمت.
3 هناك العديد من الاحتمالات التى ستخرج من هذا المعترك المتشابك، فقد يهتز التوازن الإقليمى بعنف شديد عندما تفقد إيران حليفها السورى، وتفقد أمريكا شريكها المصرى وتفقد السعودية الاستقرار فى الخليج، وتفقد تركيا نفوذها الذى اكتسبته مؤخراً، ويفقد العراق ديمقراطيته الوليدة الهشة، وقد ينتج عن ذلك نزاع واسع المدى فى الشرق الأوسط، وعلى المستوى الداخلى فقد تؤدى بعض الانتفاضات إلى مجرد إعادة ترتيب الأوراق بين نخب قديمة تحتفظ بالسلطة، وقد تؤدى الأوضاع إلى فوضى طويلة الأمد وعدم الاستقرار واستهداف مجموعات الأقليات.
ومن سخرية القدر أن الانتفاضات التى كانت المصاعب الاقتصادية أحد أسبابها قد زادت من هذه المصاعب وعندما تجرى انتخابات فربما تؤدى إلى الارتباك عندما تتنافس الجماعات التى تفتقد للتجربة السياسية، وكالعادة فى كل الانتفاضات ستكون هناك فترة من الفوضى قبل أن تتضح الرؤية ويتضح توازن القوى الحقيقى، وقد يتزايد عدد من يتساءلون عما إذا كانت الأنظمة الجديدة أفضل من سابقتها، ويتزايد الحنين إلى الماضى.
وقد تفكك بعض الدول بسبب الفروق العنصرية والطائفية والقبلية، وقد تندلع حروب أهلية مثلما يحدث فى اليمن وما يخشى وقوعه فى سوريا، فالمنطقة جاهزة للانهيار، فقد انقسم السودان واليمن ممزقة بين ثورة حوثية فى الشمال وتمرد انفصالى فى الجنوب، وتقف كردستان العراق على حافة الانفصال، وفى فلسطين تمضى غزة والضفة الغربية كل فى طريقه، وفى سوريا قد تندفع طوائف السنة والعلويين والأكراد والدروز والبدو نحو الحكم الذاتى، فالانتفاضات تزيد سرعة التفتت ومع أن الثورات تعيد إحياء رموز الوحدة الوطنية مثل النشيد القومى والعلم الوطنى فهى تضعف فى الوقت نفسه سيطرة الدولة وتسهل ظهور المشاعر المحلية، فحتى البربر فى شمال أفريقيا الذين طال إهمالهم أصبحوا أكثر إحساساً بخصوصيتهم.
ونقف عند هذه الفقرة من التحليل المطول لعناصر تمزق الوطن العربى كما يتمنى الأعداء لنستأنف فى الحلقة التالية باقى ما يحاولون عن طريق ثورة مضادة دفعنا ليأس يتمنونه لنا، ثم نواجههم بالحقيقة المرة التى ترعيهم وهى أن الثورة التى حطمت حاجز الخوف للأبد وأسقطت آخر وأحط الطغاة لن يستطيعوا أبداً قهرها.
----------
نائب رئيس الوفد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.