يعرف أنه من أثرى رجال العالم، وأكثرهم ذكاءً، كل ثانية تمر من عمر الزمن تضيف إلى رصيده الملايين فى البنوك، رغم أنه بدأ حياته مجرد طالب فشل فى دراسة الحقوق، فتركها واتجه إلى عالم الحاسوب وبرمجيات الكمبيوتر التى جعلت منه واحداً من أكبر مليارديرات العالم، تقدر ثروته ب 81 مليار دولار، لكنه بعد 30 عاماً من هجر كلية الحقوق عاد إليها مجدداً ليكمل دراسته بها، وهو ملياردير، إنه بيل جيتس، مؤسس مايكروسوفت أشهر وأكبر شركة فى العالم لبرمجيات الكمبيوتر. ولد بيل جيتس فى مدينة سياتل، بولاية واشنطن فى 28 أكتوبر 1955، وهو ابن وليام جيتس، ومارى ماكسويل جيتس، من أصل إيرلندى - أسكتلندى (بريطاني)، نشأ فى أسرة بروتستانتية، وله أخت كبرى «كريستانى» وأخت صغرى «ليبى»، كانت أسرته لها تاريخ عريق فى العمل السياسى والخدمة الاجتماعية، فوالده محام بارز، ووالدته عملت فى منصب إدارى بجامعة واشنطن، ومن قلب هذه العائلة المتميزة كان من الطبيعى أن يظهر الطفل «بيل» الذكاء والطموح وروح المنافسة فى وقت مبكر، حيث تفوق على زملائه فى المدرسة الابتدائية خاصة في الرياضيات والعلوم. وقد أدرك والداه ذكاءه المبكر فألحقاه بمدرسة «ليكسايد» الخاصة والمعروفة ببيئتها الأكاديمية المتميزة، ومن خلال هذه المدرسة تعرف بيل على الحاسوب لأول مرة، وذلك عندما قررت المدرسة فى ربيع 1967، شراء جهاز حاسوب لتعريف طلابها بعالم الحاسبات، وكانت أجهزة الحاسوب فى ذلك الوقت لا تزال كبيرة الحجم ومكلفة، ولم تتمكن المدرسة من تحمل نفقات شراء جهاز الحاسوب، فقررت شراء حسابات مستخدمين بمدة زمنية محددة لطلابها، وأصبح جيتس شغوفاً بالحاسوب وعمره 13 عاماً، يمضى غالبية وقته فى غرفة الحاسوب منشغلاً بكتابة البرامج وتطبيقها، وأهمل واجباته الأخرى، وفى غرفة الحاسوب، تعرف بيل على بول آلان الذى شاركه الاهتمام، ونشأت بينهما صداقة، وكان أن تسبب الطلاب فى تعطيل نظام الحواسيب، ما دفع الشركة إلى حرمانهم من استخدام النظام لأسابيع، وبعد انتهاء مدة الحرمان توجه أربعة من طلاب المدرسة منهم بيل وبول آلان، وقدموا عرضاً بمساعدة الشركة فى إيجاد أخطاء النظام والعمل على علاجها، مقابل أن تمنحهم الشركة زمناً مجانياً وغير محدود لاستخدام النظام، وبالفعل منحتهم الشركة هذه الفرصة، وشكل الطلاب الأربعة مجموعة سموها «مبرمجو ليكسايد»، واكتسبوا خبرة برمجية واسعة فى لغات البرمجة التى كانت شائعة فى ذلك الوقت مثل بيسك، وفورتران، وليسب، كما قاموا بإنتاج بعض برامج الألعاب. وترك جيتس جامعة هارفارد، وانتقل للعمل مع بول فى تطوير البرمجيات، فقد أدرك الاثنان أن المستقبل يكمن فى سوق البرمجيات، وأن عليهما أن يتصدرا هذا الدرب، وفى منتصف عام 1975، انشآ معاً شركة خاصة لتطوير البرامج باسم مايكروسوفت، ومع نهاية عام 1976 تم تسجيل مايكروسوفت رسمياً كشركة مستقلة، وبلغت أرباحها أكثر من 104 آلاف دولار، وأصبح جيتس مطلوباً من شركات البرمجيات، وعمل البرامج المضادة للقرصنة، وفى 18 مايو 1998 رفعت وزارة العدل الأمريكية و20 ولاية قضية مدنية ضد شركة مايكروسوفت، تتهمها فيه باحتكار سوق البرمجيات، وبعد التحقيقات صدر حكم فى 3 أبريل 2000 يقضي بأن الشركة محتكرة ومنتهكة لقوانين حماية المستهلك، ويجب أن تنقسم الشركة لجزأين منفصلين، أحدهما لإنتاج نظام التشغيل ويندوز، والآخر لإنتاج الإصدارات البرمجية الأخرى لمايكروسوفت. فى عام 2000 أنشأ بيل وزوجته مليندا مؤسسة بيل وميلندا جيتس للأعمال الخيرية، وقدمت هذه المؤسسة الكثير من الدعم المادى لمحاربة مرض الإيدز والأوبئة المتفشية فى دول العالم الثالث، بجانب المساعدات الجامعية كالمنح والمعونات الدراسية، وحصل جيتس من جامعة الأعمال على أربع شهادات دكتوراه فخرية فى هولندا عام 2000، والمعهد الملكى للتكنولوجيا فى السويد 2002، وجامعة واسيدا فى اليابان 2005، وجامعة هارفارد عام 2007 كما حصل عام 2005 على لقب فارس من ملكة بريطانيا الملكة إليزابيث الثانية، ورغم كل هذه الشهادات أراد أن ينتصر على فشله القديم فى دراسة الحقوق؛ لأنه لا يعرف المستحيل، فعاد بعد 30 عاماً إلى مقاعد الدراسة بجامعة هارفارد، ليحصل على شهادة جامعية فى الحقوق وفى الخطاب الذى ألقاه أمام الخريجين فى حفل التخرج قال مازحاً: «أخيراً، سأستطيع إضافة درجة جامعية إلى سيرتى الذاتية»، ووجه كلامه لوالده قائلاً: «أبى، لقد قلت لك إنني سأعود وسأحصل على شهادتى الجامعية فى أحد الأيام».