السيناريو فى أى عمل فنى، سواء سينما أو دراما مع المخرج المحترف القادر على قراءة موهبة وحدود وقدرات النجم هو عامل السحر فى استمرار بعض الكبار على عرش النجومية والتأثير فى الجمهور وفى صناعة الدراما فى مصر، وربما السينما أيضاً نجد ثلاثة نماذج مؤثرة أو أربعة من الكتاب استطاعوا تغيير وجوه النجوم الذين يتعاملون مهم، والحفاظ ببقائهم على قمة التأثير الجماهيرى وليس النجومية فقط، وهناك كيميا خاصة جمعت بين بعض النجوم والكتاب، ربما ظهرت بعد نجاح أول عمل وتغيرت أشكالهم الفنية بشكل كشف عن مخزون كبير من الوهبة لم يستشعرها سوى سيناريو هؤلاء الكتاب. ولعل أشهر هذه الثنائيات أو الثلاثيات إن جاز التعبير، التى جمعت النجم بمخرج يعرف قدراته وسيناريو يشبع موهبته ويبرزها، هو الثلاثى: وحيد حامد وعادل إمام وشريف عرفة، وقدموا معاً فى السينما روائع من الأفلام التى جعلت عادل إمام نجم شباك بلا منازع سنوات طويلة، أشهرها «الإرهابى، الإرهاب والكباب، المنسى» وغيرها ونجح عادل إمام بذكائه فى الإفلات من مرحلة العمر واكتشف موهبة يوسف معاطى فى كتابة السيناريو، وقدما معاً سلسلة أفلام ناجحة جماهيرياً، منها على سبيل المثال: «مرجان أحمد مرجان، التجربة الدانماركية، السفارة فى العمارة» وانتقل «معاطى» و«إمام» للتعاون الدرامى وقدما معاً مسلسلات: «فرقة ناجى عطاالله، العراف، صاحب السعادة، أستاذ ورئيس قسم» وأخيراً «مأمون وشركاه»، وانضم إليهما فى معظم هذه المسلسلات والأفلام المخرج رامى إمام. والنجم الكبير يحيى الفخرانى نجح أيضاً فى تغيير ملامح شكله الدرامى بعد نجاح كبير فى تجارب مع مجدى صابر فى «للعدالة وجوه كثيرة» ومن قبل فى «نصف ربيع الآخر» مع محمد جلال عبدالقوى و«الليل وآخره» بعد تحفة ««ليالى الحلمية» لأسامة أنور عكاشة، وقدم «الفخرانى» أحد أجمل أعماله فى مسلسل «يتربى فى عزو» و«عباس الأبيض» مع يوسف معاطى، ولكن ظهر «الفخرانى» بشكل مختلف مع تجاربه الدرامية مع السيناريست الموهوب عبدالرحيم كمال بدأت فى «شيخ العرب همام» ثم «الخواجة عبدالقادر» ومسلسل «دهشة» وحالياً مسلسل «فتنة» ويؤكد يحيى الفخرانى أنه أحد أهم أعماله الدرامية ونجح «كمال» فى تحويل مسار مشوار«الفخرانى» بالتعاون الثلاثى مع نجله شادى كمخرج والكاتب والسيناريست محمد الحناوى نجح فى أن يغير مسار نجومية الفنان خالد الصاوى ومنحه كثير من الصقل ونقله لمصاف الترتيب الأول فى نجومية الدراما بمسلسلات، أهمها «تفاحة آدم، على كف عفريت، خاتم سليمان، الصعلوك» وأخيراً «هى وعم دافنشى» مع ليلى علوى، ورغم تعاقب أكثر من مخرج على ثنائيات «الحناوى» والصاوى لكن ما زال التعاون قائماً والإبداع الثنائى أو الثلاثى مستمر، وأصبح خالد الصاوى أكثر قبولاً وأكثر جماهيرية وأكثر ثقلاً ووزناً فى عامل الدراما نتيجة هذا التعاون الذى كشف أبواباً سحرية لدهاليز موهبة «الصاوى» وقدراته التمثيلية لعلها تجسدت بقوة فى مسلسل «خاتم سليمان»، ثم «الصعلوك»، و«تفاحة آدم» و«عم دافنشى» ستضيف وزناً آخر الالصاوى كما يراهن هو نفسه. النجمة نيللى كريم لا ينكر أحد موهبتها لكن لا ينكر أحد أيضاً تأثير السيناريست مريم نعوم فى النقلة النوعية التى أحدثتها فى مشوار نيللى وحولتها من مجرد ممثلة عادية إلى نجمة من العيار الثقيل تحصد كل عام جوائز الجمهور باكتساح بأعمالها الأقرب للواقع والتى كشفت الجزر المتباعدة فى مساحة موهبتها بدأت بمسلسل «بنت اسمها ذات»، ثم «سجن النسا» ومسلسل «تحت السيطرة» وأخيراً المسلسل القادم «سقوط حر» ولا شك أن وجود الطرف الثالث المتمثل فى أغلب الأحيان بالمخرجة كاملة أبوذكرى أضاف «نكهة» جديدة لإبداع ورق «مريم» وقدرات نيللى التمثيلية وبالنظر لهذه الثنائيات والثلاثيات فى عالم الدراما نجد فارقاً كبيراً فى ترتيب أصحابها فى الحجم والتأثير والنجومية عن باقى المسلسلات فهى أعمال تجمع بين الطابع الفنى العميق والصفة الاحترامية والأداء الممتع تمثيلياً بشكل لافت للنظر ولم يظهر بشكل واضح فى باقى الأعمال لنجوم آخرين رغم ضخامة ومساحة أعمالهم لكنها تُمحى من الذاكرة بمجرد انتهاء عرضها. ونفس المثال ينطبق على تجربة النجمة عبلة كامل مع السيناريست مجدى صابر بمسلسل «سلسال الدم»، فمن يشاهد موهبة وأداء عبلة كامل المتدفق فى دور يتميز بالغزارة الإنسانة والمشاعر ربما لا يصدق أن هذه الفنانة الكبيرة هى من قدمت «بلطية العايمة» و«خالتى فرنسا» و«اللمبى» فى السينما وإن كانت قديرة وصاحبة تأثير درامى، وهذه التوأمة الفنية التى جاءت ربما وليدة الصدفة أو لمجرد التجربة فى البداية هى التى جعلت العمر الفنى لبعض هؤلاء النجوم بطولة بشكل أكثر نضجاً وتأثيراً وقبولاً وهو الأهم. وهناك نماذج فى كتاب السيناريو، مثل محمد أمين راضى، الذى تميز بفكرة ورؤيته المختلفة التى أطلق عليها البعض تتميز بالجنون والفانتازيا ونجح أن يصنع منها ثقل لفنانة مثل رانيا يوسف وهنا شيحة فى «السبع وصايا» لكنه لم يستمر فى صناعة التأثير لأنه تعالى فكرياً فى بعض أعماله وأصبح يسبح فى شاطئ بلا رواد فأصبح أقل تأثيراً من النماذج السابقة من الكتاب أمثال «كمال» و«الحناوى» و«معاطى» و«صابر».