كعادة أهل الصعيد البسطاء، تم زفاف «رشا» ربة المنزل و«أحمد» العامل الأجير فى شقة متواضعة، ولم يمض عامان ورزقا بأول أولادهما، وظل الزوج يعمل باليومية خلال تلك الفترة، حتى بدأ يدب فى جسمه المرض، فأصبح لا يقوى على العمل اليومى، فبدأ يعمل يوماً ويستريح الآخر، واستمر على هذه الحال عامين، إلا أنه أضحى لا يستطيع العمل بالمرة، فبدأت الخلافات مع زوجته، خاصة بعد أن جاء مولودهما الثانى، فأني لهما أن يوفرا متطلبات حياتهما اليومية؟.. فهما لا يملكان من حطام الدنيا شيئاً، سوى هذا الأثاث المتواضع فى الشقة المكونة من غرفتين، وقد زاد الأمر تعقيداً عندما جاء مولودهما الثالث، فإن المصائب لا تأتى فرادي. جلس الزوجان سوياً، يفكران فى وسيلة لتوفير المال، وشاركهما الشيطان فى التفكير، فذكر أحمد زوجته بذلك الرجل الغنى الذى جاءه فى يوم من الأيام يطلب منه أن يقدم له بعض الخدمات نظير مبلغ مالى، وكانت عيناه تتطلع إلى الزوجة بشكل لافت للنظر، فعرض عليها أن يأتى بالرجل، لتناول الشاى فى منزله، ولم تبد الزوجة اعتراضاً، وكان ما أراد، فقد حمل لهم الرجل الكثير من الهدايا، وأعطى للأولاد مبلغاً من المال لا بأس به، وغادر الزوج المنزل، تاركاً صديقه يفعل ما يشاء، واستمر الحال لعدة شهور، فانقطع الرجل عن منزل صاحبه، فقد أخذ ما أراد. وأصبح الزوج لا يفكر إلا فى اصطحاب كل من يعرف ومن لا يعرف إلى منزله، بل زاد الأمر مرارة، عندما سلبت منه كرامته ورجولته، فقد أضحى يتعاقد بنفسه مع طالبى المتعة الحرام مع زوجته فى منزله وفى وجوده، تاركاً زوجته فريسة للذئاب البشرية، وقد سمح لهم باصطحاب المشروبات الكحولية أمام أطفاله الصغار، التى ترنو أعينهم إلى ما يحدث، دون أن يسألوا لماذا يغدو ويروح هؤلاء إلى منزلهم كل يوم؟. أحد هؤلاء اصطحب معه صديقه الصياد، لقضاء وقت لطيف فى منزل صاحبه، نظير مبلغ مائتى جنيه، وبعد أن أخذ كل منهما ما يريد، اختلفا مع الزوجة على المقابل، وحدثت بينهم مشادة كلامية، تطورت إلى مشاجرة بالأيدى، ولم تشعر الزوجة بنفسها، فقد سارعت بالدخول إلى المطبخ وأحضرت سكيناً، وقامت بطعن الزبون وصديقه بطعنات نافذة، فسقط أحدهما على الأرض، وسارع الآخر بجروحه للخروج من المنزل، وذهب إلى المستشفى للعلاج، وعندما سأله الأطباء عن سبب الجرح أخبرهم بأن سيخاً حديدياً سقط على صدره من مكان عال. حمل الزوجان جثة الرجل فى توك توك وألقياها فى مكان بعيد عن القرية، وعندما عثر عليها المارة، سارعوا بإبلاغ اللواء أحمد أبوالفتوح مدير أمن سوهاج، فأمر بتشكيل فريق بحث بإشراف العميد خالد الشاذلى مدير مباحث سوهاج وقيادة العميد منتصر عبدالنعيم رئيس فرع الأمن العام، وتمكنوا من حل لغز الجريمة، وتمكن الرائد أحمد المراغى معاون مباحث قسم ثان سوهاج من ضبط «أحمد» و«رشا»، واعترفا بجريمتهما تفصيلياً، وبرراها بالفقر، وأنهما لم يقصدا قتل الرجل بل أرادا تأديبه فقط، وقاما بتمثيل الجريمة أمام النيابة العامة، فأمر حازم على مدير نيابة قسم ثان سوهاج بحبسهما أربعة أيام على ذمة التحقيق، وتركا وراءهما ثلاثة أطفال لا حول لهم ولا قوة ولكن معهم العار والفضيحة من أب وأم لا يعرفان قيمة الأبناء.. قبعا فى غياهب السجن ينتظران السجن مدى الحياة، أو الإعدام، ولكن أين هما من عذاب الضمير والمهانة والعار التى يحياها أطفالهم حتى يكبروا ويواجهوا الفضيحة.. إنها النهاية ولكن نهاية أقسى مما كان يتخيلان.