«إذا خانتك قيم المبادئ فحاول ألا تخونك قيم الرجولة».. هكذا نصح الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، رجال العرب، إلا أن بعض الشباب اتخذوا النصيحة على عكس محملها فضاعت داخلهم القيم، وتخلوا عن رجولتهم ومبادئهم سويًا، وأصبح الرجل ذراعًا تمتد لتنتهك الحرمات، وعقلًا يفكر ليخدش الحياء، وقلبًا ينبض ليقسو على القوارير. التحرش عينى عينك من كلمات مغازلة، لتقطيع هدوم بالأسلحة البيضاء، تحولت مظاهر التحرش من الثلاثينات إلى عصرنا الحالى، ففى عام 1932، أبدى فكرى أباظة انزعاجه من التحرش، قائلًا: «إن الشاب الصفيق من هؤلاء يتعمد الوقوف على رصيف الترام بالقرب من المكان المخصص لركوب السيدات، وعندما يجد سيدة تقف بمفردها يقترب منها بمنتهى البجاحة ويقول لها دون سابق معرفة بونسوار يا هانم». فى الوقت الحالى، أصبح الشاب يتحرش بالفتيات على مرأى ومسمع من الشارع بأكمله، ولم يكتفِ بالكلمات التى تتعدى الغزل العفيف، بل يصل الأمر إلى مد يده عليها أو تقطيع ملابسها، دون أن يصده أحد الرجال المارين، أو حتى يصفه ب"الصفيق»، وإنما يكتفى المارة بالمشاهدة.. والأخطر من ذلك أن الأمر تطور إلى عمليات الخطف والاغتصاب!! ومع انعدام الشهامة والرجولة فى نفوس الشباب، وصلت نسبة التحرش بالفتيات فى مصر يوميًا إلى 98%، وهى النسبة الأعلى على مستوى العالم، وفقًا لدراسة أعدها برنامج الأممالمتحدة بالتنسيق مع الجهاز القومى للإحصاء. خدش الحياء جهرًا بجولة فى الشارع المصرى تجد الشباب والرجال فى مختلف أعمارهم يتفوهون بأبشع الألفاظ وأكثرها انحطاطًا دون مراعاة لمشاعر الفتيات المارات أو حرصًا على حيائهن، ولعل تقاعس الحكومة عن حمايتهن تسبب فى انتشار تلك الظاهرة واعتبرها «أشباه الرجال» حقًا مكتسبًا. فى مارس عام 1979، أصدرت الحكومة المصرية قانونًا يعاقب من يسب أو يتلفظ بلفظ خارج فى وجود امرأة بخصم يومين من راتبه فى المرة الأولى، على أن يخصم ثلاثة أيام إذا كررها ثانية، وأربعة أيام إذا تكررت الواقعة للمرة الثالثة، ما انعكس بدوره على الواقع ورسخ أحد معانى الرجولة فى نفوسهم. القوامة على الكراسي أصبحت قوامة الرجل تنحصر فى رغبته فى السيطرة وعلو صوته، فتجده فى وسائل المواصلات يسبق المرأة فى الجلوس على المقاعد، بينما يترك المرأة الحامل أو العجوز تقف، ولم يكتفِ بذلك، وإنما اقتحم عليها خصوصيتها فى «عربات السيدات» بالمترو. «جوز الست» بعد أن عُرف الرجل المصرى، فى فترة الخمسينات، بشخصية «سى السيد» المتحكم فى بيته وأسرته، والمنفق عليهم، تحول الوضع فى الأيام الراهنة، ليرتكن بعض الشباب إلى زوجاتهم لينفقن عليهم، وتخلى رجل اليوم عن مسئولياته فى رعاية الأسرة وحمايتها، وترك أدواره تلك للمرأة. وبحسب الإحصاءات الرسمية المصرية الصادرة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، فإن 35 في المئة، أى أكثر من ثلث الأسر المصريَّة تعولها نساء؛ نظرًا لغياب عائِلها إمَّا بالموت الماديّ أو المعنوى، والثلث الآخر من المجتمع تتحمَّل المرأة فيه مسئولية الأسرة اجتماعيًا، إضافة إلى مشاركتها المادية التى قد تصل إلى 80% نظرًا لغياب عائلها بسبب السفر.