تشغيل نقطة إسعاف الودي ب26 سيارة مزودة بتجهيزات العناية المركزة المتنقلة بالجيزة    ارتفاع مؤشرات بورصة الدار البيضاء لدى إغلاق تعاملات اليوم    رئيس الوزراء يتابع نتائج المبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»    الأمم المتحدة: عودة 3 ملايين لاجئ ونازح سوري إلى ديارهم بعد عام على سقوط نظام الأسد    الشرع في ذكرى سقوط الأسد: توحيد الجيش رسخ الاستقرار.. وما يجري اليوم قطيعة تاريخية مع الماضي    تقرير - لماذا استبعد ليفربول محمد صلاح من مواجهة إنتر ميلان بدوري الأبطال؟    كيف تقود بأمان في الشتاء؟ وزارة الداخلية تقدم إرشادات وقائية للسائقين    محمد هنيدي يحتفل بزفاف نجلته فريدة.. في هذا الموعد    فابريزيو رومانو: محمد صلاح يعود لقائمة ليفربول في مواجهة برايتون بالدوري    ظريف يتلاسن مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي    نائب محافظ مطروح يتفقد المدارس اليابانية بالعلمين الجديدة: تمثل إضافة مهمة للمنظومة التعليمية    الهيئة الوطنية: ندعو الناخبين مجددًا للمشاركة في انتخابات النواب واختيار من يمثلهم    أمطار خفيفة وطقس غير مستقر بمحافظة المنيا.. فيديو    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن وفاة ضابط شرطة بسبب مادة سامة    الأسهم الأمريكية تفتتح على تباين مع ترقب الأسواق لاجتماع الاحتياطي الفيدرالي    لبلبة من البحر الأحمر السينمائي: «أنا بتاعة الجمهور»    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    موجة نزوح جديدة في السودان.. انعدام الأمن يدفع 775 مدنيا للفرار من كردفان خلال 24 ساعة    وسائل إعلام: استبعاد توني بلير من حكم غزة بسبب اعتراضات دول عربية وإسلامية    سفير اليونان يشارك احتفالات عيد سانت كاترين بمدينة جنوب سيناء    فرانكفورت يعلن قائمته لمواجهة برشلونة في دوري أبطال أوروبا    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    محافظ الجيزة يتابع انتظام العمل داخل مستشفى الصف المركزي ووحدة طب أسرة الفهميين    عضو مجلس الزمالك يتبرع ب400 ألف دولار لسداد مستحقات اللاعبين الأجانب    إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    قبلات وأحضان تثير الجدل في 2025.. من راغب علامة إلى منى زكي وفراج    تسليم جوائز التميز الصحفي بالهيئة الوطنية للصحافة في احتفالية موسعة    رئيس الوزراء يبحث مع محافظ البنك المركزي تدبير الاحتياجات المالية للقطاعات الأساسية    "إيقاف يورشيتش وسامي".. رابطة الأندية تعلن عقوبات مباراة بتروجت وبيراميدز في الدوري    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    إنجاز أممي جديد لمصر.. وأمل مبدي: اختيار مستحق للدكتور أشرف صبحي    وزير الصحة يبحث مع الأوروبي للاستثمار إطلاق مصنع لقاحات متعدد المراحل لتوطين الصناعة في مصر    وزير الزراعة يكشف تفاصيل جديدة بشأن افتتاح حديقة الحيوان    بعد ساعتين فقط.. عودة الخط الساخن ل «الإسعاف» وانتظام الخدمة بالمحافظات    السيدة زينب مشاركة بمسابقة بورسعيد لحفظ القرآن: سأموت خادمة لكتاب الله    عقوبات مباراة بتروجت وبيراميدز.. إيقاف يورتشيتش الأبرز    وزير إسكان الانقلاب يعترف بتوجه الحكومة لبيع مبانى "وسط البلد"    أمين الأعلى للمستشفيات الجامعية يتفقد عين شمس الجامعي بالعبور ويطمئن على مصابي غزة    حدث في بريطانيا .. إغلاق مدارس لمنع انتشار سلالة متحولة من الإنفلونزا    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي ال15 للتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية    فرقة القاهرة للعرائس المصرية تكتسح جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    «القومي للمرأة» يعقد ندوة حول حماية المرأة من مخاطر الإنترنت    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    نادي قضاة المنيا يستعد لتشييع جثامين القضاة الأربعة ضحايا حادث الطريق الصحراوي    السفير الأمريكى فى لبنان: اتصالات قائمة لزيارة قائد الجيش اللبناني إلى واشنطن    لتعزيز التعاون بين القطاع القضائي والمؤسسات الأكاديمية، مساعد وزير العدل يزور حقوق عين شمس    حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية    موجة تعيينات قضائية غير مسبوقة لدفعات 2024.. فتح باب التقديم في جميع الهيئات لتجديد الدماء وتمكين الشباب    زراعة الفيوم تعقد اجتماعا لعرض أنشطة مبادرة "ازرع"    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    نيللي كريم تعلن انطلاق تصوير مسلسل "على قد الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما كتب «أنيس منصور» رحلته مع نفسه
نشر في الوفد يوم 21 - 10 - 2011

رحل إلي ذاته وتجول بين ثنايا نفسه القلقة والمعذبة.. إنه ترحال من نوع آخر أقدم عليه كاتبنا الكبير الراحل «أنيس منصور» فبعدد البلاد وآلاف العباد الذين قابلهم وعاش عاداتهم وتقاليدهم من شرق الدنيا الي غربها جاءت رحلته مع ماضيه وذكريات طفولته وشبابه ومراحل تكوينه وكيف كان يرحل في وجوه من يقابلهم ويتعلم منهم فينظر ويفلسف الأشياء والبشر من حوله.
11 شارع السكة الجديدة في المنصورة، كان بداية اشياء كثيرة في حياتي.. مجرد صدفة.
ففي هذا الشارع كان يوجد محل نصر لبيع الورنيش صاحب المحل فلسطيني وزوجته من بولندا وعندما ذهبت إليها لأول مرة وجدتها تقرأ «الأبله» لديستوفسكي وباللغة الروسية.. وحاولت ان تشرح لي عظمة المؤلف والرواية ولكني لم أفهم.. أو لم اكن قادراً علي استيعاب هذا الذي تقول ثم من هي؟
وبالقرب من هذا الشارع توجد دار ابن لقمان الذي اسرنا فيه لويس التاسع أيام الحرب الصليبية وفي داخل هذه الدار وأمامها وفي الطريق اليها أناس من كل شعوب الارض اشكال وألوان وأحجام ولغات.. وكانت معهم كتب صغيرة وكبيرة بعد ان يقرأوها يتركونها إلي جوار الحائط.. وكنا نذهب لجمعها وأحياناً نطلبها.. وفي احدي المرات عندما تزاحمنا علي هؤلاء السياح متسولين فكانوا يعطوننا فلوساً وأحياناً بقايا طعام.. ولم تكن تسعفنا الانجليزية أو الفرنسية أو الايطالية فنؤكد لهم اننا لا نريد إلا الكتب.. شيء غريب في ذلك الوقت كنا نجد اصحاب أي بيت وأي دكان يجلسون أمامه الرجال والنساء والاطفال ومن السهل ان نتحدث الي اي أحد في شيء مثلاً كانت هناك مكتبة الدميري يدخل الواحد منا يسأل: عندك مؤلفات المنفلوطي فيقال: لا.. نحن لا نبيع الكتب نبيع الكراريس والأقلام ولكن اذا أردت أن تجد هذه الكتب اذهب إلي شارع كذا وإذا لم تجدها في هذا الشارع فسوف تجدها عند الست حميدة في شارع كوهين المتفرع من شارع الشيخ حسين.. إنها سيدة مسكينة حاول تساعدها ويجيء رجل طيب معنا يدلنا علي مكان بيع الكتب الجديدة والرخيصة.. وفي يوم كنا نبحث عن التوراة لنقرأ معاً وبصوت مرتفع سفر (نشيد الأنشاد) بسبب ما قرأنا عن هذا السفر ووصف لما فيه من جمال شاعري وموسيقي فقيل لنا: مرقص الجواهرجي له أخ قسيس وصوته جميل ويساعد الطلبة.. اذهبوا إليه ربما اعطاكم ما تريدون مجاناً.. ولو طلبتم إليه ان يشرح لكم كل شيء فسوف يفعل.. اذهبوا إليه..
ونذهب ونجد القسيس هناك ويطلب إلينا ان نزوره في بيته ويشرح ويشرح ونحب فيه أدبه ورقته ومرحه وإخلاصه ويطلب الينا أن نذهب لنسمع موعظة في الكنيسة ونذهب ونجلس في آخر الصفوف».
هكذا تحدث الكاتب الكبير الراحل أنيس منصور في كتابه الذي اعتبره الأهم لأنه خصصه للكتابة عن نفسه ورحلته الشاقة فكرياً وفلسفياً في الحياة وتأثره بمن حوله يقول الكاتب أنيس منصور في موضع اخر من الكتاب انه احب الشاعر كامل الشناوي ولكن بطريقته الخاصة كيف؟ هذا ما ستعرفه مما كتب فهو يقول: لم أر البهاء زهير وحافظ ابراهيم وعبد العزيز البشري وإمام العبد وعبد الحميد الديب ولكني رأيت وسمعت واحببت كامل الشناوي لم اعرفه شاعراً ولا محدثاً ظريفاً.. ولكن الصدفة جعلتني اعرفه صحفياً أهون ما فيه فقد كان كامل الشناوي محدثاً ممتعاً.. تعرفه لحظة واحدة، فكأنك عرفته طول حياتك.. هو الذي يختصر المسافة ويدخل في حياتك.. في عقلك وقلبك.. فإذا به جزء منك وأنت جزء منه هو ضروري لك، وأنت ضروري له هو يعطيك هذا الإحساس.
ومع كامل الشناوي لا تملك الا ان تحبه جداً أو تحبه بحساب أو تحبه علي حذر.. ولكن أنت تحبه أما حبه لك فهو «جاهز» موجود دائماً سواء عرفته يوماً أو ألف يوم.
أما ثالوث الفكر المصري عن الكاتب الراحل أنيس منصور (العقاد، طه حسين، توفيق الحكيم) فيراهم بعقله ثم ينصحك قائلاً: من السهل ان تكره العقاد ومن الصعب طه حسين ومن المستحيل توفيق الحكيم فليس له اعداء حتي اعداؤه يحبونه فالعقاد يصدمك وطه حسين يراودك والحكيم يضحك علي نفسه وعلي الناس فهو يضع الطاقية علي دماغه والعصا في يده ويسحب وراءه حماراً وأحياناً يطيل لحيته وأحياناً يطيل شعره.. ثم انه يخفي يديه في جيوبه دائماً خوفاً من ان يراها أحد فيطلب منه مساعدة!
ونحن أسعد حظاً فقد عرفنا الثلاثة العمالقة.. أما المفكر فهو العقاد والأديب طه حسين والفنان الحكيم وقد اختلفوا في كل شيء ولكنهم جربوا المقال وترجمة حياة «محمد» عليه الصلاة والسلام أما العقاد فقد صنع من تاريخ الرسول درعاً محكمة من الحديد.. وطه حسين جعله عباءة من الحرير والحكيم جعله من التريكو وأذكر أنني جمعت العقاد وطه حسين والحكيم علي خط تليفوني واحد ونشرت ما دار بيننا في صفحة كاملة من «الأخبار» وكان ذلك منذ سنوات حوالي 25 سنة.
يقر الكاتب الكبير أنيس منصور بصعوبة أن يخرج الانسان من عباءة ذكريات الطفولة الأولي وسنوات التكوين البريئة فللمكان سحره الطاغي فيقول: كثير من البذور التي تركها ظلام الريف وحقوله وأزقته الضيقة والعواء والنباح والخوار والنقيق بقي في خيالنا يقاوم العلم والحضارة.. ويظهر في الذكريات أو في الاحلام.. أو في المخاوف التاريخية.. لقد سافرت الي أركان الدنيا جواً وبراً وبحراً.. ومن حين الي حين تقفز قصة غريبة ليس لها أساس ولا أعرف كيف ظهرت ولا تبعاً لأي منطق مثلاً: كنت في جزر هاواي أتمدد علي شاطئ وكيكي الجميل واستطعم الآيس كريم في نصف جوزة الهند فإذا بي اتذكر كفر حمص وبلدنا وذكرياتي فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.