درج كثيراً من الصحفيين على إصدار كتب تحوى أبرز حواراتهم الصحفية التى أجروها خلال عملهم بالصحافة، كإصدار توثيقى أكثر منه إصداراً يمكن أن يجذب القارئ العادى باعتباره قرأ تلك الحوارات عندما نشرت بالصحف أو يمكنه بحال من الأحوال أن يطلع عليها إذا أراد، عبر مواقع الصحف المختلفة. إلا أن المحاور الكبير مفيد فوزى عندما يعتزم إصدار أحدث كتبه «اسمح لى أسألك»، ليجمع خلاله نخبة مختارة بعناية من أبرز حواراته الصحفية فإنه حدث يجب أن يلفت أنظار الكتاب والصحفيين وحتى القارئ الذى يسعى إلى كلمة مكتوبة برقى وجاذبية خاصة، لأن فوزى ليس مجرد صحفى انتقل من خندق الكتابة إلى معسكر مقدمى البرامج التليفزيونية وإنما مشاغب لا يكل ولا يمل من أن يستخرج مكنون الشخصيات التى يقوم بحوارها، عبر احتفاظه بالكثير من الأسرار التى تميزه عن غيره أثناء حواراته المتعددة. «اسمح لى أسألك»، عنوان كتاب يأتى على طريقة العم مفيد الذى اختاره بعناية من مقدمة برنامجه الأشهر «حديث المدينة»، وهو يعبر بدقة عن هوية الكتاب ومضمونه، لأننا إذا مددنا الخط على استقامته فإنه سيؤدى إلى آخر هذه الأسئلة ومنها «اسمح لى انرفزك.. اسمح لى أحرجك». وذلك على اعتبار أن السؤال هو فن فى حد ذاته، كذلك الاقتراب من الضيف هو فن أيضاً، لا يمكن معه أن تخرج بالإجابات التى يريدها الصحفى بالطريقة المباشرة أو التقليدية للأسئلة وإنما بالطريقة «المفيدية» أو ب«السرسبة» داخل أوردة الضيف، الذى يجرى الحوار معه وهو أمر يتضح بسهولة إذا طالعت محتوى الكتاب لأن ما نشر به من حوارات لا تمت لأى نسب لحوارات هذه الأيام التى نراها على صفحات الصحف. مقدمة الكتاب جاءت رقراقة على لسان الشاعر الكبير فاروق شوشة صاحب فكرة الكتاب الذى ألح على مفيد فوزى فى تجميع الحوارات التى أجراها، وقد عمل مفيد خلال هذه الحوارات على أن يخرج نص الحوار باللغة العامية لتتميز بالبساطة أكثر من التعقيد ولتكون قريبة من لغة الشارع، على عكس مقدمات الحوارات التى جاء فى منتهى الإحكام بلغة رصينة تقدم الضيف فى صورة بسيطة لا تكلف فيها، وجاء الفواصل والعناوين فى مجملها مناسبة للحالة وللضيوف. جاءت الحوارات التى ضمها الكتاب الذى صدر عن دار العين للنشر والتوزيع مع عدد كبير من الفنانين والمبدعين والسياسيين ورجال الدين والمجتمع المدنى منهم فاتن حمامة، فاروق حسنى، وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ورشوان توفيق وماجدة الرومى وبثينة كامل والرئيس الفلسطينى محمود عباس، والمفكر د. على السمان، وبطرس غالى، والشيخ محمد متولى الشعراوى، والبابا تواضروس، ود. مجدى يعقوب، والفريق مهاب مميش، والمستشار ماهر سامى، المتحدث الرسمى للمحكمة الدستورية، ود. مصطفى سويف ومى آل خليفة، وزيرة ثقافة البحرين، ونهلة القدسى، زوجة الموسيقار محمد عبدالوهاب، ليقدم داخل كل حوار درساً تفصيلياً فى حياة من حاورهم ودرساً آخر فى كيفية إجراء الحوارات الصحفية.