طريق الألف ميل يبدأ بخطوة.. وأمس بدأت أول خطوة في درب الانتخابات، ولكن هذه البداية لا تعني أن الانتخابات ستتم، أو أن المصريين سيسيرون في هذا الطريق حتي تحكم بينهم صناديق الانتخابات. فالواقع يقول: إن الانتخابات ليس لها وجه واحد أو اثنين ولا حتي أربعة وإنما لها خمس وجوه. تفحصت الوجوه الخمسة للانتخابات فوجدت أحدها مفزع، والثاني خطير والثالث تجبرك بشاعته علي أن تغلق عينيك وتصرخ من أعماقك «أستر يارب»، أما الوجهان الأخيران فيوحيان بأن الانتخابات ستكون حرباً سينزف فيها البعض دماً والبعض الآخر قتلي. المشهد الأول نجاد البرعي: لابد من الانتخابات مهما كانت التضحيات. الوجه الأول كان رؤية حقوقية بعيون خبير حقوق الإنسان، نجاد البرعي، الذي أكد في رؤيته ضرورة إجراء الانتخابات مهما كانت التضحيات ومهما كان الثمن.. وقال: «إجراء الانتخابات صار ضرورة حتمية، فالفوضي التي تعم مصر حالياً سببها المباشر هو تأخر إجراء الانتخابات، وأمام هذه الفوضي لابد وفوراً أن تكون هناك حكومة منتخبة مسئولة أمام برلمان منتخب ولهذا يجب أن تتم الانتخابات تحت أي ظرف لأنها الحل الوحيد لإنقاذ مصر مما يحدث فيها الآن من فتن ومؤامرات. الوجه الثاني الوجه الثاني.. قانوني.. ويستطلعه المستشار طارق البشري، الفقيه القانوني الكبير رئيس لجنة تعديل الدستور الأخير، فيقول: «لا يجوز تحت أي مسمي وأي زعم تأجيل الانتخابات». ويضيف: لا يجوز تأجيل الانتخابات ويجب أن تتم في الأوقات المحددة لها. سألته: ألا تخشي من إجراء الانتخابات في ظل الأجواء الحالية وآخرها فتنة ماسبيرو؟ - فقال: الانتخابات يجب أن تتم في موعدها ولا تؤجل تحت أي ظرف، وما يحدث في مصر الآن يمكن مواجهته بكل حسم وحزم وبسيف القانون، ويجب أن تكون في مصر سلطة تشريعية منتخبة وسلطة تنفيذية جاءت بإرادة شعبية وهذا هو الهدف الذي يجب أن نسعي لتحقيقه من خلال الانتخابات لأنها الوسيلة الوحيدة لإنقاذ مصر من أزماتها. الوجه الثالث الوجه الثالث أمني.. والرؤية للخبير الأمني الكبير اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة سابقاً مؤكداً أن الانتخابات ستكون وبالاً علي مصر كلها.. ويقول: من الأفضل من الناحية الأمنية أن تلغي الانتخابات كلية فلو تمت الانتخابات في الأجواء الحالية فستقع كارثة، فالبلاد بها حالة احتقان شديدة جداً وتدهور أمني مرعب والوضع العام غاية في الخطورة، ولو تمت الانتخابات في مثل هذه الأجواء فسيأكل الناس بعضهم بعضاً. سألته: إلي هذه الدرجة؟ - فقال: وأكثر.. ومن الآن أحذر من أنه لو تمت الانتخابات فستحدث حاجات مرعبة. مثل التي وقعت في ماسبيرو قبل أيام؟ - لا ستكون أحداث ماسبيرو هينة وبسيطة أمام ما سيحدث. وما الذي سيحدث بالتحديد؟ - أهوال ولا أريد أن أخوض فيها علشان لا يقال إنني أثيررعب الناس ولكن استعد لرؤية بدايات هذه الأحداث بعد أسبوعين اثنين من فتح باب الترشح. معني ذلك أن وزارة الداخلية ستقف عاجزة عن مواجهة مثل هذه الأحداث؟ - وزارة الداخلية منهارة تقريباً ولن تستطيع الشرطة حماية الانتخابات، ويجب أن تتم حماية ثلاثية لهذه الانتخابات إذا أصر أولو الأمر علي إجراء الانتخابات.. وأعني حماية من القوات المسلحة والشرطة والقوي الشعبية. ولو حدث ذلك هل يمكن تأمين إجراء الانتخابات؟ - لا. لا أحد يضمن شيئاً. الوجه الرابع الوجه الرابع من منظور رجل خاض عدداً كبيراً من الانتخابات البرلمانية وهو المناضل البدري فرغلي، أحد قادة اليسار المصري، الذي يحذر هو الآخر من إجراء الانتخابات، مؤكداً أن المناخ العام في مصر غير صحي. سألته عما يقصده بغير صحي؟ - فقال: يعني فيه قوي تاريخية موجودة منذ فترة ومنظمة وقوي سياسية نشأت حديثاً ولم تأخذ حظها بعد في الانتشار والتنظيم، والقوي القديمة المنظمة تطالب بسرعة إجراء الانتخابات لكي تنقض علي السلطة وتستولي عليها. ليس في الانتخابات انقضاض علي السلطة وإنما سيكون الحكم للشعب؟ - لا.. الانتخابات القادمة لو أجريت الآن فلن يكون الحكم فيها للشعب ولن يفوز فيها الأكثر شعبية وإنما الأكثر تنظيماً. تقصد أنه سيتم تزويرها؟ - ستزور بشكل أبشع مما كان يفعله الحزب الوطني، فالحزب المنحل كان يزور الانتخابات داخل اللجان الانتخابية، أما الانتخابات القادمة فسيتم تزويرها من المقاهي والكافتيريات، وحتي لا يحدث ذلك يجب تأجيل الانتخابات حتي يكون المجتمع مستعداً تماماً لخوضها. ونظل هكذا نعيش مرحلة انتقالية بلا رقابة شعبية علي أهل الحكم؟ - طيب هل هذا أفضل أم تزوير إرادة الأمة كلها لصالح فصيل واحد، الانتخابات لو أجريت حالياً فلن يربح فيها سوي فصيل واحد وستخسر مصر كلها. الوجه الخامس وهذا الوجه هو أكثر الوجوه جميعاً رعباً، وخلاصته كما يقول الناشط السياسي الدكتور ممدوح حمزة، أمين المجلس الوطني المصري: إن مصر الآن تعيش مرحلة غاية في الخطورة. ويضيف: ملعون أبو الانتخابات ما يهمني الآن مصر. سألته: وكيف تري مصر الآن؟ - مصر الآن تتفتت وتحترق وتخرب. ولكن هناك من يري أن الانتخابات هي العلاج الشافي لكل أزمات مصر. - الانتخابات ستشعل في مصر حرباً أهلية وأنا أقول هذا الكلام بعد أن طفت ربوع مصر كلها وأنا أعرف نبض مصر أكثر ممن ينظرون ويتحدثون وهم جالسون في مكاتبهم. إذن أنت تري إنقاذ مصر في عدم إجراء الانتخابات؟ - مصر تتعرض حالياً لمؤامرة خطيرة تنفذها عائلة مبارك ومساعدوهم من الحرامية والفاسدين والمتربحين بمساندة الموساد الإسرائيلي الذي كان يري في مبارك وعصره كنزاً استراتيجياً، وبالتالي إنقاذ مصر يبدأ بإلقاء القبض علي سوزان مبارك التي مازالت تحرك الحرامية من أجل تدمير مصر وإذلال شعبها وكذلك يجب الفصل بين نزلاء طرة من الفاسدين وتطهير جميع الوظائف العليا من بقايا النظام السابق المستبد الخائن، وأيضاً يجب علي من يديرون شئون البلاد بتجفيف منابع تمويل البلطجية وعندما يحدث كل ذلك يتم إنقاذ مصر.