«تلاشي حلم البورصة العربية الموحدة، وبات التكامل العربي مالياً بعيد المنال» يظل المشهد هكذا، دون تغيير في أسواق المال العربية.. الحلم حتي وقت قريب كان متاحاً للنقاش، ولكن مع السنوات، والفشل العربي في تكوين كيان متكامل تلاشي. المعوقات التي تواجه تأسيس بورصة عربية موحدة عديدة تتصدرها اختلاف آليات عدد من البورصات عن الأخرى، خاصة ما يتعلق بأنظمة التداول، وطبيعة القطاعات المقيدة فى البورصات العربية، وقبل هذا وذاك التشريعات التي تختلف من دولة لأخري، وكذلك سيادة كل دولة علي بورصتها التي تعتبر أمناً قومياً. صعوبات تأسيس بورصات عربية طرح بديلاً آخر، لقي ذلك قبول القائمين علي البورصات وهيئات الرقابة المالية العربية، تتمثل في عملية القيد المزدوج بين البورصات العربية، بحيث يتم قيد الشركة في أكثر من بورصة، وكذلك دور شركات المقاصة والإيداع المركزي في الربط الإلكتروني. طرحت السؤال علي المشاركين في اجتماع اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية حول المعوقات التي تحول بين تأسيس بورصة عربية موحدة، وكان الرد بأن معوقات بالجملة تحيل دون تحقيق ذلك. «لكل دولة سيادتها، والاختلاف في القوانين حائط صد لإتمام مشروع البورصة العربية الموحدة»، هكذا قال عبدالحكيم براح، مسئول لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها بالجزائر، إذ إن اختلاف التشريعات بين الدول العربية، يعمل علي هدم فكرة تأسيس البورصة العربية، لكن تتوافر البدائل من خلال سعي الشركات بالقيد في أكثر من بورصة، بحيث يتم التداول عليها بعيداً عن المعوقات التي تحقق البورصة، فالتكامل يتحقق بين الأسواق العربية بعمليات القيد والربط. وبالتالي وفقاً ل «براح» فإنه علي الدول العربية العمل علي تطوير شركاتها طبقاً للمستجدات واحتياجات السوق بما يعمل علي التقارب بين شركات الدول العربية. «البورصة العربية الموحدة حلم بعيد المنال وصعب تحقيقه»، هكذا قال هشام العلمي، مدير الهيئة المغربية لسوق المال، نتيجة لعدم اتفاق التشريعات، وتوحيد القوانين المنظمة للسوق، ولكن تحقيق التكامل بين أسواق المال العربية يتطلب وجود شركات سمسرة مشتركة في الأسواق العربية، تعمل علي تسهيل التداولات وتنفيذ العمليات بين المستثمرين في جميع الدول العربية. وتابع: أنه رغم أن السوق المغربي رأسمال شركاته السوقية تصل إلي 45 مليار دولار، إلا أنه لا يوجد أي شركات عربية مدرجة سوي شركة واحدة بالسوق التونسي.. إذن الأفضل الاتفاقيات الثنائية وتبادل الخبرات والمعلومات بين الأسواق العربية بديلاً للسوق العربية الموحدة، وفقاً ل «العلمي». لم يختلف الأمر كثيراً مع عيسى عبدالله الكعبي، مدير إدارة العمليات في سوق قطر المالي، حيث إن القوانين والتشريعات بين الأنظمة العربية في سوق المال مطلوب منها التوحد، من أجل تأسيس بورصة عربية موحدة، وهذا أمر صعب بسبب سيادة الدول علي الهيئات المالية التابعة لها. كما أنه - بحسب قول «الكعبي» - القطاعات والشركات تختلف من سوق عربي لآخر، ولا يمكن تحقيق التنسيق بين هذه الأسواق، وبالتالي فإن الاتفاقيات الثنائية هي الأوفر حظاً. «تأسيس سوق مالية عربية مشتركة من شأنها تقليل مخاطر وجود الأموال العربية»، يقول محسن عادل، خبير أسواق المال: إن الأفضل أن تزداد العلاقات المالية فيما بين الدول العربية حتى تتفادى المخاطر المحيطة بالأموال العربية فى الخارج، ورغم ذلك إلا أن المعوقات التى تحول دون نجاح هذه الخطوة، تتمثل فى اختلاف القوانين والتشريعات وأنظمة التداول، وهو ما يعنى ضرورة توحيد هذه القوانين والتشريعات، إلى جانب الاختلاف بين النظم والهياكل الاقتصادية وتوجهات القوى الدولية والإقليمية.. كما أن الأسواق العربية مختلفة فيما بينها من حيث درجة النشاط والأدوات المستخدمة والأهمية النسبية لكل أداة، ويستدل على ضيق نطاق الأسواق الثانوية فى الدول العربية من خلال بعض المؤشرات، أهمها معدل دوران الأسهم، الذى يقيس كمية الأسهم المتداولة إلى كمية الأسهم القابلة للتداول «المدرجة»، ويقل هذا المعدل عما نسبته 10% فى عدد كبير من الدول العربية. سألت محمد عبدالسلام، رئيس شركة مصر للمقاصة والإيداع المركزي، حول إمكانية تنفيذ الربط الإلكتروني والقيد المزدوج بين البورصات؟.. أجابني قائلاً: إن مصر للمقاصة نجحت في السنوات الأخيرة في تحقيق الربط الإلكتروني مع العديد من الأسواق العربية ووصل عددهم إلي 5 دول عربية، وهذا يسهم في الارتباط القوي بين البورصات العربية. وتابع: إن هناك قيداً مزدوجاً مع البورصات العربية ومنها بورصة ناسداك دبي، والكويت، وفي كل بورصة ورقة مالية مدرجة في السوقين. إذن تأتي أهمية دور البورصات العربية في قوتها السوقية، حيث تبلغ القيمة السوقية للأوراق المالية المقيدة بالبورصات العربية بلغت 1.1 تريليون دولار بنهاية عام 2015 بينما تبلغ القيمة السوقية لبورصات العالم نحو 64 تريليون دولار، وهى تزيد علي القيمة السوقية لمجموع بورصات دول أمريكا اللاتينية وتتساوى مع بورصة أستراليا.. وفى المنطقة العربية تتصدر القيمة السوقية للبورصة السعودية ب 40% من القيمة السوقية للبورصات تليها الإماراتفقطر ثم الكويت، وتأتى مصر فى المرتبة الخامسة بحصة 5%.