لاشك أن الطفل يتأثر بالخلافات والشجار التي قد تحدث بين الوالدين، وتؤثر على نفسيته بالسلب حيثُ تجعله عُرضة للتعرض للاكتئاب وارتكاب الجرائم الوحشية، فكلما تمتعت الأسرة بالتوافق والترابط فيما بينهم كلما ساعد هذا على نشأة جيل إيجابي وسوي. يقول الدكتور جميل صبحي استشاري الأمراض النفسية والعصبية، إن الأسرة تشكل مصدر هاما في بناء المجتمع، فكلما تحقق التوافق الأسري ساعد ذلك على نشأة جيل سوي اخلاقيا واجتماعيا يساهم في بناء مجتمعه، والعكس فعدم وجود توافق يساعد ذلك على نشأة جيل مريض اخلاقيا ونفسيا. ويشير إلي أن التوافق الأسري يُبنى علي ثلاثة أسس هامة هما الحب، والتفاهم، والمشاركة. ويضيف :"أن الحب ليس مجرد مشاعر أو كلمة أو مديح أو غزل، ولكنه حياة معاشة من خلال سلوك حب ناضج بين الزوجين". لافتا إلى أن هذا السلوك يبنى علي أساس قبول الطرف الآخر كما هو بميزاته وعيوبه وليس كما أحبه أن يكون. ويشدّد على الرجال بالابتعاد عن المقارنة، أو صورة الأم الذي يبحث عنها في زوجته. ويتابع :"على الطرفان الالتزام بالعطاء الدائم، حتي ولو كف الطرف الآخر عنه، وتجنب استخدام الأساليب الطفلوية كالخصام أو التجاهل أو الإهانة". ويسترسل قائلا :"الحب يحمل ضمناً قبول الأخر كما هو رغم اختلافه، ولا يسعى لامتلاكه في حدود ضيقة يرسمها له، فالشخص المُحب هو الذي عادة ما يبحث عن عن رغبات واحتياجات من يحب ويحاول اشباعها له". وينصح الزوجين، باتباع مبدأ المصارحة عن كريق فتح نقاش هادئ خالِ من الشجار والخلافات لتسوية اموركم وخلافاتكم، مع مراعاة تجنب تدخل الاهل والأقارب في مشاكلكم الخاصة حتي لا يزيد الأمر سوءا. وعن ثاني وأهم قاعدة لتحقيق التوافق الأسري إلا وهي "التفاهم"، يقول صبحي استشاري الأمراض النفسية :"إن التوافق لا يعني التطابق في أسلوب التفكير والسلوك ووجهات النظر ولكنه يعني إمكانية التفاهم رغم الاختلاف، ويمكن تحقيق ذلك من خلال محاولة إيجاد الحوار المناسب في الوقت المناسب وبالطريقة الملائمة، تجنب الخلافات علي اتفه الأمور، تجنب الثورة والانفعال والغضب والإهانة والتجريح". ويستكمل حديثه قائلا :"على الزوجين تجنبا الذاتية والاهتمام بالموضوعية في حالة الاختلاف بشأن أمر ما". أما عن المشاركة التي تُعد واحدة من أهم القواعد اللازمة لتحقيق التوافق الأسري، يقول :"علي كل طرف أن يشعر الطرف الأخر برغبته في مشاركته مشاكله، وآلامه، وأحزانه ولكن لا يفرض عليه هذه المشاركة ويجب أن تبدأ المشاركة بما يهم الطرف الآخر، ضرورة التخلص من الأنانية، والذاتية، ومعرفة اهتمامات الطرف الأخر وكيف يمكن مشاركته في هذه الاهتمامات حتى لو كانت بسيطة في شكل هوايات، وخدمات، وعلاقات اجتماعية، أو اهتمامات روحية، أو فكرية، أو ثقافية".