بقلم:حسام عبد العزيز منذ 5 ساعة 10 دقيقة تناولت في المقال السابق مخططا لتفتيت مصر بدأ بالإطاحة بمبارك بعدما استيقنت الولاياتالمتحدة أن الرجل قد قدم لها كل ما لديه لخدمتها وأن المرحلة المقبلة تتطلب أشياء أخرى. علق كثيرون على مقالي بالسخرية والسباب لأنني عزوت معلوماتي لمصادر مطلعة لم أستطع الإفصاح عنها ولأن نظرية المؤامرة من وجهة نظرهم لا وجود لها إلا في خيالي. الغريب أن الأمر نفسه حدث الثلاثاء الماضي عندما نقلت صحيفة عن مصادر بالحزب الوطني المنحل خطة لتحريك عدد من الاعتصامات "السلمية" أمام الوزارات والمؤسسات الحكومية، في حال استجابة المجلس العسكري للمطالب بعزل أعضاء الحزب سياسيا. لكن المثير هنا أن التعليقات كلها في الصحيفة لم تشكك في الخبر أو تشتم الصحيفة التي نقلت عن مصادر مجهولة وبات من الواضح أن إخفاء المصادر في الأخبار لا يزعج قراء الثورة ما دامت تلك الأخبار تتهم الحزب الوطني لكن الذعر ينتاب هؤلاء القراء عندما ينال أي خبر أو مقال من حركة 6 أبريل بسوء، وهنا تظهر الأصوات المطالبة بالأدلة المادية. من الواضح أيضا أن نظرية المؤامرة عظيمة إذا كان المتآمر الحزب المنحل لأنها وافقت هوى السادة الذين يلقبون أنفسهم بالثوار لكنهم يصفون النظرية نفسها بالوهمية إذا كان الحديث عن واشنطن وكأن الولاياتالمتحدة ليس لها مصلحة في الإضرار بنا. إنني لا زلت أؤكد في مقالي الثاني عبر "بوابة الوفد" ورغم أنف الغاضبين أن مؤامرة يجري تدبيرها لفوضى شبيهة بفوضى 28 يناير وإسقاط المجلس العسكري، وأن شلال الفيديوهات الذي تدفق بعد ما يُسمى بجمعة استرداد الثورة والذي يحاول زورا وكذبا أن يثبت أن القناصة الذين تواجدوا فوق أسطح المنازل تابعين للداخلية بات يزيدني يقينا أن جهات خارجية هي التي تجند هؤلاء القناصة وأنها الآن تمهد بهذه الفيديوهات لعمليات قنص مماثلة الأيام القادمة لإشعال فتيل تدمير وشيك للجيش. أؤكد أن كلامي لن يلقى صدى لدي أغلب السامعين الذين يخلطون بين الدفاع عن مصر وبين الدفاع عن المجلس العسكري. ولكنني أؤكد بالنبرة نفسها أنني إذ أكتب هذا المقال فإنني أكتبه معذرة إلى ربنا. وستذكرون ما أقول لكم. والآن نأتي للإجابة عن السؤال الذي طرحته في المقال السابق: ما المصلحة الأمريكية في الإطاحة بمبارك وهو خادمهم الوفي؟. يقول الكاتب الكندي "هنري ماكاو" عن مبارك: كان وسيطا في عصابة من المافيا فقررت تلك العصابة الإطاحة به والاستئثار بالأرباح بالتعاطي مباشرة مع الضحية، وفي نفس الوقت "ستصنع انقلابا سيمنحها فرصا جديدة على الدوام”. إذن فاللعبة في نظر "ماكاو" تتلخص في استبدال دمى بأخرى تخدم مصالح جديدة وتظهر خلال تلك المرحلة فرصا اقتصادية هائلة. ويضيف الكاتب والمؤرخ الشهير "وبستر تاربلي" أن الولاياتالمتحدة وبريطانيا ترغبان في إحداث فوضى في المنطقة بثورة ليس لها قائد، فلا تستطيع كتلة بعينها الاستحواذ على السلطة ويصبح بإمكان القوى الإمبريالية في وقت ما السيطرة على قناة السويس التي تتحكم في 8% من حركة التجارة العالمية وحرمان روسيا والصين وإيران منها. ويشير الخبير الروسي "نيكولاي ستاريكوف" إلى أن الولاياتالمتحدة قلقة من انخفاض قيمة الدولار، ولذلك تسعى إلى زعزعة الاقتصاد العالمي وجره مجددا لكي يكون عبدا لعملتها، ولكي تبقى القوية الوحيدة في العالم. وتسعى أيضا إلى إدامة القروض الأمريكية ولتحقيق هذا الهدف يتعين إشعال الحروب. فالحربان العالميتان الأولى والثانية خلقت القوة الأمريكية وجعلتها مهيمنة. ثم يؤكد أن الولاياتالمتحدة تتخلى عن حلفائها الذين فقدوا ثقة شعوبهم فهي تزيل الأنظمة الموالية لها عندما تصبح مستهلكة وتستبدلها بأخرى. وتتفق صحيفة "بابتوورلد بوست" مع ستاريكوف على هذا الهدف لكنها تتهم بشكل صريح “عائلة روتشيلد صاحبة لجنة الأزمات الدولية” التي يعمل بها جورج سوروس زميل البرادعي ببذل الأموال لتحريك ثورتي تونس ومصر. وعائلة روتشيلد فهي عائلة يهودية تسيطر على كثير من المصارف العالمية وهي التي حصلت من بلفور على وعده الشهير بوطن قومي لليهود على أرض فلسطين وتعمل حثيثا لتحقيق أرض الميعاد عبر المال وتستخدم المال في أعمال استخباراتية عالمية وتمول الاستيطان في دولة إسرائيل إلى الآن. راجع كتاب "آل روتشيلد.. تجار الحروب.. والثورات.. وجنى الثروات" لمجدي كامل. ويربط تقرير صحيفة بابتوورلد بوست بين البرادعي وروتشيلد برباط لجنة الأزمات الدولية ويقول إن جورج سوروس وزبغينيو بريزنسكي” العضوين باللجنة هما ممثلا روتشيلد في التعامل مع البرادعي ودعم النشطاء باسم الديمقراطية من أجل غاية “استعبادهم اقتصاديا”، على حد وصف التقرير. ويقول التقرير إن تجربة تنامي المصارف الإسلامية في مصر (كمصارف فيصل وأبوظبي والبركة) وتونس (كمصرف الزيتونة) أقلقت عائلة روتشيلد وفكرت في سحقها. الحل إذن هو زعزعة الاستقرار في هذه الدول لهز الثقة في المصارف الإسلامية التي ستنهار عند عجز السيولة لأنها لا تستطيع الاقتراض بحكم الشريعة الإسلامية وستتعرض للإفلاس تدريجيا بسبب اضطرارها لبيع الأصول. لقد كتبت نيويورك تايمز تقريرا في 22 نوفمبر 2009 ذكرت فيه المصارف الإسلامية التي تعتمد على ثروة النفط باتت تجذب غير المسلمين. وأضاف التقرير أن أكبر المصارف الإسلامية يقع في منطقة الخليج لكن الأسواق المحتملة الأكثر جذبا تقع في تركيا وشمال أفريقيا. ونعود لتقرير بابتوورلد الذي يؤكد نصا أن: روتشيلد تريد من مسلمي شمال أفريقيا أن يقترضوا من مصارفها ويدفعوا الفائدة بالمعدلات التي يقررها مصرف روتشيلد المركزي. إنهم لا يريدونهم قادرين على الاقتراض من المصارف الإسلامية ولا يدفعون أية فائدة. روتشيلد يريدون المسلمين أن يقايضوا قمعهم السياسي الراهن على أيدي ديكتاتوريين وحشيين بعبودية اقتصادية قادمة يشرف عليها المصرفي اللورد روتشيلد. ---------------------- صحفي سابق بإذاعة هولندا العالمية