الرئيس السيسي يعلن التوقيع على إصدار قانون العمل الجديد    السيسي يوجه الحكومة بالانتهاء من إعداد مشروع قانون العمالة المنزلية    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : ردا على غارات تزوير عبدالناصر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المعركة لازالت مستمرة?!    الصحفيون المصريون يتوافدون فى يوم عرسهم لإجراء انتخابات التجديد النصفى    خالد البلشي يفوز بمنصب نقيب الصحفيين للمرة الثانية    الحكومة تزف بشرى ل المصريين المقيمين في السعودية والكويت.. التنفيذ اليوم    مسابقة معلمي الحصة 2025.. مواعيد التقديم والشروط    رئيس مياه مطروح يتفقد محطة التحلية بالسلوم.. ويشارك في ملتقى جماهيري مع الأهالي    قيادي بمستقبل وطن: رسائل الرئيس في عيد العمال تعكس الحرص على حقوقهم باعتبارهم شركاء التنمية    روسيا تحث أوبك+ على المساهمة بشكل متكافئ في توازن العرض والطلب    وزير الإسكان ومحافظ السويس يتفقدان رافع مياه السخنة    الذهب يسجل خسارة للأسبوع الثاني مع انحسار التوترات التجارية    وول ستريت تسجل مكاسب للأسبوع الثاني بدعم من بيانات اقتصادية قوية    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء في مصر.. استقرار بعد انخفاض حاد    أزمة "محلات بلبن" لم تنتهي بعد| إجراء عاجل من الفريق كامل الوزير    الأعنف خلال عام 2025.. طيران الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات خلال الليل على سوريا    بابا من إفريقيا.. هل يحقق الفاتيكان المفاجأة؟    زيلينسكي: أوكرانيا لا تستطيع ضمان سلامة ممثلي الدول خلال إحياء ذكرى الحرب العالمية في موسكو    ترامب لا يستبعد حدوث ركود اقتصادي لفترة قصيرة في أمريكا    رئيس الوزراء يُشارك في حفل تنصيب الرئيس الجابوني بريس نجيما    تهديد لن يتبعه تنفيذ ..بقلم : مصطفى منيغ    استقرار التضخم في منطقة اليورو عند 2.2% خلال أبريل    مسئول أمريكي: الولايات المتحدة لا ينبغي أن تدفع لعبور قناة تدافع عنها    أيمن يونس: طريقة لعب بيسيرو لا تُناسب الزمالك في الوقت الحالي    الونش يشارك في مران الزمالك الجماعي قبل مواجهة البنك الأهلي    بعد إقالة جيسوس.. تشافي أبرز المرشحين لتدريب الهلال السعودي    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لآسيا للمرة الأولى في تاريخه    مصر تحصد 11 ميدالية في البطولة الأفريقية للسباحة بالقاهرة    محكمة برازيلية ترفض طلب نيمار تعليق بث «بودكاست» عن حياته    نجيب ساويروس: لا أؤيد قرار رحيل كولر رغم أن خسارة صن داونز كانت مؤلمة    مواعيد مباريات اليوم في الدوري المصري والقنوات الناقلة    خلال 24 ساعة.. الداخلية تضبط 5 أطنان دقيق خلال حملات ضد التلاعب في أسعار الخبز    حقيقة سرقة شخصين يستقلان دراجة نارية لشخص بالإكراه بمطلع كوبرى الدائرى بالجيزة    ضبط عصابة تخصصت فى جلب المخدرات بحوزتهم مواد بأكثر من 20 مليون جنيه في القاهرة    ضبط 39.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    الأرصاد: طقس غداً الأحد مائل للحرارة نهاراً معتدل ليلاً على أغلب الأنحاء    توجيه وزاري باتخاذ الإجراءات العاجلة لاحتواء تلوث بترولي قرب مدينة أبورديس    الصور الأولى للحريق الذي اندلع صباح الجمعة في محطة الخصوص الخاصة بالأتوبيس الترددي.    التعليم تمنع أية جهة من زيارة المدارس دون تنسيق وموافقة مسبقة    تكريم رواد النشر العربى    من يوسف وهبي إلى ليلى سليماني.. تعرف على الحضور العربي في لجان مهرجان كان السينمائي    اكتشافات أثرية جديدة بسيناء تكشف عن أسرار حصون الشرق    الرئيس السيسي يتابع مستجدات مشروع تطوير محطة «الزهراء» للخيول العربية    ابجد ..بقلم : صالح علي الجبري    قصة قصيرة بعنوان / صابر..بقلم : محمد علي ابراهيم الجبير    وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    حديث مع الذات ..بقلم : د. رساله الحسن    " قلب سليم " ..شعر / منصور عياد    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : هيّا معا نفر إلى الله ?!    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الوطن لازال يحتاج تجديد الفهوم!?    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 28-4-2025 في محافظة قنا    الصحة: العقبة الأكبر لمنظومة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة ضعف الوعي ونقص عدد المتبرعين    فحص 415 مواطنا فى قافلة طبية بالإسماعيلية    فحص 700 حالة ضمن قافلتين طبيتين بمركزي الدلنجات وأبو المطامير في البحيرة    هيئة الرعاية الصحية تعلن رفع درجة الاستعداد بمحافظات التأمين الصحي الشامل    مصر تتعاون مع شركة صينية لتصنيع أجهزة الرنين المغناطيسي محليًا    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكرم البني يكتب : ولكنْ ما الذي تريده موسكو؟!...
نشر في الوفد يوم 29 - 01 - 2016

كان التهديد بتشكيل وفد موازٍ للوفد المفاوض الذي أفضت إليه توافقات مؤتمر المعارضة في الرياض، والتفرد في تحديد ماهية الجماعات المسلّحة التي توصف بالإرهاب، ووضع «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» في خانة التنظيمات الجهادية التي لا حوار معها، والإصرار على فرض رؤية خاصة لطابع المرحلة الانتقالية وموقع بعض رموز النظام فيها...، هي عناوين التشدّد الروسي في إدارة الملف السوري ورفع سقف الاشتراطات تجاه المفاوضات بين السلطة والمعارضة.
والحال أنه ما كان لموسكو أن تحوز هذا الوزن المؤثر في مصير الحل السياسي السوري لولا سببان رئيسان:
أولهما، حضور عسكري مباشر تمكّن من وقف التدهور الميداني ومساعدة قوات النظام على استرجاع بعض المناطق المهمة في أرياف دمشق ودرعا واللاذقية، وزاد الأمر وضوحاً واقع المعارضة السورية المرتبكة التي تعيد تموضعها للتلاقي مع الخطة الأممية للتسوية، بينما يحاصرها نفوذ التنظيمات المتطرفة وتقدّمها على حساب التشكيلات العسكرية التي توصف بالمعتدلة. وثانيهما، استمرار سلبية الدول الغربية واستهتارها بالمحنة السورية، وزاد الطين بلة تبدّل مواقفها نحو أولوية مواجهة الإرهاب الإسلاموي وتنظيم «داعش». وقد وصل الأمر عند واشنطن إلى التنازل عن عدد من النقاط الخلافية والتسليم بما ترسمه موسكو لأفق الصراع، وكأن البيت الأبيض يتقصّد إطلاق يد الكرملين في سورية، ربما كاستمرار لسلبية أوباما المزمنة، وربما عشية انشغاله بالانتخابات الرئاسية المقبلة، كي يغازل مزاج الشعب الأميركي الذي تهمّه الإنجازات الداخلية وليس الأدوار الخارجية، بعد تجارب سابقة دفع ثمنها غالياً من عافية اقتصاده.
وإذا كانت ثمة شعارات معلنة لقيادة الكرملين لتسويغ دورها في إدارة الملف السوري ورعاية تحولاته السياسية، منها الحرب على الإرهاب الجهادي وضرورة الحفاظ على الدولة ووحدة البلاد وتعايش مكوناتها، فالحقيقة أن هذه الشعارات ليست ما يحدّد سياسة الكرملين، بل المصالح وحسابات التنازع على النفوذ والهيمنة، والتي تحدوها أهداف مضمرة تسعى موسكو إلى تحقيقها، تبدأ بهدف سياسي استراتيجي يتوسّل التمسك بآخر موطئ قدم في الشرق الأوسط، كرد على إهمال مصالحها والاستهتار بوزنها في المنطقة وكورقة ضغط على الأطراف الغربية لتحسين شروطها التنافسية في ساحات الصراع الأخرى، بخاصة في أوكرانيا، وفي الطريق تعزيز التوجّه المشترك للنيل من تنظيم «داعش»، على أمل فتح نافذة لتخفيف العزلة وإعادة بناء الثقة.
وهذا مروراً بهدف اقتصادي يزداد حضوراً مع تفاقم المشكلات الاقتصادية في روسيا بسبب العقوبات وتراجع أسعار النفط، تكثفه مرة، حاجة موسكو التقليدية إلى استمرار توريد الأسلحة وزيادة حجم التبادل التجاري مع المنطقة، ومرة ثانية ضمان حصة مجزية في استثمار ثروات النفط والغاز الكامنة في حقول بحرية قرب الشاطئ السوري، ومرة ثالثة قطع الطريق على مشروع مد أنابيب الغاز القطري عبر الأراضي السورية، والذي في حال تنفيذه يحرر البلدان الأوروبية من حاجتها الى الغاز الروسي واشتراطاته. وانتهاءً بالهدف الأمني، وهو توظيف كل ما يلزم من جهود عسكرية وأمنية لضرب الجماعات الجهادية، بما فيها المنظمات المسلّحة ذات الطابع الديني وتحطيم قدراتها، فليس مثل موسكو من يتضرّر من تنامي وزن الجهاديين في سورية ومنهم بالآلاف من أصل روسي! وليس مثل روسيا من يتحسب من خطرهم في حال سقوط النظام وقيام بديل إسلامي، وتالياً تداعيات تعاطف مسلمي القفقاس والبلدان المحيطة بها معهم. وليس من خيار أجدى يقيها أذاهم المباشر ويقطع طريق عودتهم إلى المناطق الروسية التي خرجوا منها سوى مواجهتهم خارج أراضيها وحصر المعركة معهم في سورية والعراق أسوة بتكتيك أميركا وحلفائها.
صحيح أن الموازين الداخلية والخيارات الدولية في اللحظة الراهنة لا تسمح بتنفيذ حل سياسي يحقق آمال الشعب السوري، وصحيح أن موسكو أقدر اليوم على التحكم بمصير هذه البؤرة من التوتر والإمساك بمفاتيحها، لكن الصحيح أيضاً أن المسافة بين شعاراتها المعلنة وأهدافها المضمرة باتت تتّسع وتتّضح أكثر فأكثر، ربما لأن ما يهم موسكو هو توظيف الملف السوري للالتفاف على المشكلات الداخلية والهروب إلى الأمام عبر الإيحاء بأن السياسة الخارجية مكّنتها من استرجاع موقعها كقوة عظمى ونجحت في إجبار العالم على التعامل وفق هذا الأساس، وربما لأن ما تحقق من تقدّم على الأرض أغراها بتغليب الخيار العسكري، وشجّعها على تناسي تجاربها المؤلمة، بخاصة المستنقع الأفغاني، وتالياً إغفال حقيقة تقول باستحالة تسوية أي صراع بمنطق القوة والحرب ومن دون أخذ مصالح مختلف مكوناته بالاعتبار، فكيف الحال إن كان مفتوحاً على مختلف التدخلات العالمية والإقليمية؟
وربطاً بما سبق، يمكن النظر إلى إحجام موسكو عن تقديم أي تنازل حقيقي ينسجم مع روح التوافق بين الأطراف المتحاربة أو يعمل على تقريب المواقف بين بعض السلطة وبعض المعارضة، وأيضاً إلى صدقية الادعاء بالحفاظ على وحدة الأرض والدولة، أمام التسليم بتقاسم النفوذ مع المعارضة المسلّحة والاكتفاء عملياً بضمان أمن مناطق محددة وتحصينها، ثم اختبار حقيقة شعار وقف حمام الدم في ظل تصاعد دور عسكري يبقي الجرح السوري مفتوحاً ويعمّق الاصطفافات والتخندقات!.
وإذ نعترف بأن متابعة السير في طريق الحل السياسي تحكمها ارتباطات ودوافع متداخلة ومعقّدة زادها تعقيداً طول أمد الصراع وما كرسّه العنف المفرط من نتائج مؤلمة يصعب تجاوزها راهناً، ونعترف بأن الرهان يبقى ضعيفاً على نجاح التسوية السياسية مع تصاعد التشدد الروسي، وصعوبة التوفيق بين مصالح متعارضة تمثلها قوى عربية ودولية، وفئات من النظام والمعارضة، لكن لن يتأخر الوقت كي يدرك الجميع أن لا خلاص من المحنة السورية ومن ثقل أعبائها وخطورة تداعياتها، سوى الركون الى مبدأ الحوار والتفاوض القائم على أسس عادلة تحافظ على وحدة البلاد ومطالب الناس بالتغيير وبناء دولة المواطنة، وعتبة الإقلاع، الوقف الفوري للعنف والمعالجة الناجعة للملفات الإنسانية كافة.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.