تطالعنا الصحف كل يوم عن إغلاق للعيادات الخاصة أو معامل التحليل والنوادى الصحية غير المرخصة، ولكن لا يتم ذلك الإجراء إلا بعد أن تكون تسببت تلك العيادات في موت شخص أو إصابته بعاهة مستديمة، وذلك بعد أن يتقدم أهله بشكوى، أما دون ذلك فهذه المنشآت تواصل عملها في غفلة من القانون «دون ترخيص»، مما يسفر عن مزيد من الكوارث التي تقع للمرضى في مشهد يكشف غياباً تاماً للأجهزة الرقابية التي باتت لا تؤدى الدور المنوط بها القيام به في مكافحة أوجه القصور والإهمال، خاصة في الجهات التي تهدد صحة المواطنين. العلاج في مصر مقسم إلي قسمين، الأول العلاج الحكومى والتابع لوزارة الصحة، والثانى العلاج الخاص والذي ينظم عمله ويراقب عليه العلاج الحر ويشمل المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية وبنوك الدم ومراكز الغسيل الكلوى وعيادات الأسنان والمعامل الطبية الخاصة ومحال النظارات الطبية والعيادات وغيرها العديد من الكيانات الطبية الأخرى، وتحتل هذه المنشآت الطبية الخاصة نحو 70٪ من الطب في مصر، وهناك ضوابط وقوانين تنظم عمل هذه المنشآت وكيفية تراخيصها من خلال المادة رقم 51 لسنة 1981. فوضى لا تنتهى عندما تسير في شوارع المحروسة تجد الكثير من اللافتات التي تحمل أسماء أطباء ومعامل وتخصصات ما أنزل الله بها من سلطان، فنجد مثلاً من يعلق عبر اللافتة التي يعلقها علي عيادته «زميل الكلية الملكية، دكتوراه بجامعة همبورج، ماجستير في الأمراض المستعصية»، وغيرها الكثير من الشهادات التي لا نعرف من أين ولا متى حصل عليها المذكور، فالمواطن المصري بسيط وتخدعه العبارات ويتخيل أن الحاصل علي مثل هذه الشهادات عبقرى في علاج الأمراض النادرة، وفي النهاية وبعيداً عن أي مجهود من قبل السلطات المختصة يكتشف المرضى بعد جهد أن هذه التخصصات شبه وهمية وحاملها يمارس التزوير بادعاء غير الحقيقة، عبارة عن لافتة فقط ويكون صاحبها لا يحمل حتي شهادة الطب، وكذلك الحال في النوادى الصحة. كل هذه العيادات والمعامل من المفروض أنها تخضع إلي الرقابة والمحاسبة الدورية حتي لا تتعرض حياة المواطنين البسطاء لخطر، فهناك جهة تابعة لوزارة الصحة من شأنها المراقبة والمحاسبة وهي إدارة تتحكم بجميع المنشآت الطبية الخاصة وتسن القوانين التي تتحكم بتشغيلها، إنها الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية أو المعروفة ب«إدارة العلاج الحر»، هذه الإدارة التي تصب فيها العديد من المشكلات الخاصة بالمستشفيات الخاصة والعيادات ومعامل التحليل التي لطالما سمعنا عن الإهمال الجسيم الذي يحدث بداخلها والتي عاني منها الكثيرون لعدم وجود الرقابة الكافية عليها، فنحن في مصر نمتلك حوالي 100 ألف منشآة طبية خاصة موضوعة تحت رقابة 27 إدارة علاج حر في 27 محافظة. ورغم ذلك يستطيع أصحاب بعض العيادات الخاصة الإفلات من العقوبات التى من المقرر أن يتعرضوا لها حال تزويرهم بها لفترة زمنية محدودة إلي أن يتم اكتشافهم بعد حدوث الكارثة، فقد سمعنا عن إغلاق حوالى 650 منشأة طبية نتيجة لمخالفة الاشتراطات الخاصة لها أو عدم ترخيصها، حتي الإعلانات التي تنتشر عن المنشآت الخاصة لابد أن تحصل علي موافقة من وزارة الصحة عليها للتأكد من حقيقتها. إن المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية وبنوك الدم ومراكز الغسيل الكلوى وعيادات الأسنان والمعامل الطبية الخاصة ومحال النظارات الطبية والعيادات جميعها يخضع للإشراف من قبل قطاع العلاج الحر الذي يبدأ دوره بمجرد حصول هذه المنشآت علي الترخيص، ومن المفترض أن القانون يغلق أي منشأة يثبت عدم مطابقتها المواصفات. شروط علي الورق هناك شروط للحصول علي ترخيص افتتاح منشأة تحاليل طبية مثلاً ينص عليها قانون مزاولة المهنة ويحمل رقم 367 لسنة 1954 ويقر بحق الحصول علي الترخيص للحاصل علي بكالوريوس طب وجراحة، صيدلة، علوم، وطب بيطرى، بالإضافة إلي الحاصلين علي الشهادات الكيميائية التي تؤهل حامليها لمزاولة العمل. وأما بالنسبة للنوادى الصحية والنوادي الرياضية صالات «الجيم»، فهناك قرار وزارى رقم 463 لسنة 2014 بين الصحة ووزارة الشباب والرياضة، وذلك لكي ينظم العمل داخل الصالات الرياضية، ولكننا نجد هذه الصالات والنوادى يقوم أصحابها ببيع المنشطات والعقاقير البنائية في غفلة من القانون. أكد الدكتور سعد الشاذلى مدير إدارة العلاج الحر والتراخيص بمديرية الصحة بالجيزة، متابعة ومراقبة المنشآت الخاصة سواء كانت عيادات أو مستشفيات خاصة، أو مراكز علاج الإدمان، أو النوادى الصحية من خلال القانون رقم 51 لسنة 1981 والمعدل برقم 153 لسنة 2004 بشأن تنظيم المنشآت الطبية واللائحة التنفيذية. وتابع «الشاذلى» أن أي منشأة طبية لها مواصفات معينة للموافقة علي منحها الترخيص بمزاولة المهنة، وكل ذلك بحسب التخصصات التي يتم تقديمها للموافقة عليها، فالعيادة الخاصة مثلاً لابد أن يكون مؤسسها عضو نقابة الأطباء، بالإضافة إلي تقديم ورق التخصص وعقد إيجار أو تمليك للشقة موثقاً في الشهر العقارى، وعقد النفايات الخطرة فلابد أن تكون كل منشأة متعاقدة مع شركة للنفايات الخطرة. وعن المدة التي يتم فيها فحص الأوراق، قال مدير إدارة العلاج الحر إن القانون يمنحنا مدة شهر من تاريخ تقديم الأوراق لفحصها، وتشكيل لجنة فنية لمعاينتها والمكان المخصص للمنشأة، وعن اللافتات التي يتم وضعها علي هذه المنشآت، قال «الشاذلى» إنه عند تقديم الأوراق الخاصة بالمنشأة لابد أن يتضمن صورة من اللافتة الرئيسية لها وتتم مراجعتها أيضاً طبقاً للتخصصات المقدمة مع الأوراق، وإذا كانت مخالفة يتم رفضها وطلب لافتة جديدة تحمل التخصصات الموثقة. وعن الجزاء المتوقع، أشار «الشاذلى» إلي أنه علي حسب نوع المخالفة يكون العقاب، بمعني أن المنشأة الطبية المرخصة إذا وجد بها مخالفات يكون العقاب عبارة عن إنذار لمدة 15 يوماً لإصلاح المخالفة، وإذا مرت اللجنة مرة أخرى ولم تتم إزالة سبب المخالفة يتم الغلق مباشرة، أما إذا كانت المنشأة غير مرخصة فيتم الغلق الفورى. وأوضح مدير إدارة العلاج الحر بالجيزة إغلاق 224 منشأة طبية ما بين عيادات خاصة ومستشفيات ونوادٍ صحية ونوادي جيم ومعامل تحاليل مخالفة للمواصفات عام 2015. بالإضافة إلي أننا نستقبل الشكاوى من المواطنين، والجهات الحكومية على «الخط الساخن» بالوزارة والنيابة الإدارية. ويتم فحص هذه الشكاوى والتي تتراوح بين 30 و50 شكوى شهرياً.