فى ظل ما تعانيه السياحة المصرية من تراجع كبير في عدد من الأسواق الأوروبية، إلا أنه يجب أن نتوقف عند أسواق محددة كانت تشغل المركز الأول وتراجعت بشدة الآن.. والنموذج الأول هو السوق الإيطالية.. فبعد أن كان هو السوق الأول الذي وصل إلى أكثر من مليون ونصف مليون سائح سنوياً.. تراجع إلى المركزين الرابع أو الخامس فما السر؟ هل بسبب الإهمال والتقصير من هيئة تنشيط السياحة؟ أم بسبب مشكلة الطيران وعدم وجود طيران شارتر إلي المقاصد المصرية أم كما يؤكد الخبراء من أن الحركة من السوق الإيطالى ليست إلي مصر فقط، بل إلى كل أسواق العالم بأنها حركة يمكن أن تسمى حركة «الموضة» السياحية.. بمعني أن السوق الإيطالى تحركه الشركات إلي أسواق محددة كل سنة وأنه إذا كانت إيطاليا أحد بلاد الموضة في العالم والتي تخرج من ميلانو، عاصمة الموضة، فإن السياحة تخرج من إيطاليا علي شكل موجات تتجه كل سنة إلي مقاصد محددة، فكلنا يذكر أن شرم الشيخ في التسعينات وبداية الألفية الثالثة كانت مدينة إيطالية من كثرة ما فيها من سياح إيطاليين وكذلك عاملين في السياحة ثم تحركت بعد ذلك واتجهت إلي مرسى علم.. فهل فعلاً السياحة الإيطالية مثل الموضة تتحرك كل سنة إلي بلد محدد وهل السائح الإيطالى يفضل التغيير ويتحرك من مدينة إلي أخرى كل سنة؟ هناك اتجاه آخر يري أن أسباب تراجع السوق الإيطالية إلي مصر في الوقت الذي تتزايد فيه حركة السياحة الإيطالية إلي المقاصد الأخرى هو التضارب والتراجع الذي وقع من الجانب المصرى فيما يتعلق بسياحة الإقامة في جنوبسيناء، حيث كانت هناك ثلاث من أكبر شركات السياحة الإيطالية تعمل في هذا المجال بنشاط كبير وكان إقبال السائحين الإيطاليين ضعيفاً علي شراء وحدات فندقية في جنوبسيناءوشرم الشيخ تحديداً إقبالاً كبيراً، وعندما صدرت القرارات النهائية بعدم تملك الأجانب لوحداتهم المشتراة قررت تلك الشركات العملاقة وقف التعامل تدريجياً مع المقاصد المصرية وزيادة تعاملها مع المقاصد المنافسة وعلي رأسها تركيا في الصيف، وإسرائيل في الشتاء. عندما طرحنا الأمر علي خبراء السياحة من العاملين في السوق الإيطالى عن الأسباب الحقيقية لاختفاء السياحة الإيطالية رغم عدم صدور أية تحذيرات من حكوماتهم من عدم المجيء لمصر فأكدوا أن الأسباب الحقيقية بعيدة عن «الموضة» أو التملك ولكنها ترجع إلى أسباب نتيجة تفجير القنصلية الإيطالية وأحداث المختطفين في ليبيا وأحداث تونس الأخيرة إلي جانب إهمال هيئة تنشيط السياحة لحملات التنشيط في السوق الإيطالى. من العاملين في السوق الإيطالى، الخبير السياحي المهندس أحمد بلبع رئيس لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال الذي قال إن السياحة الإيطالية تراجعت تماماً وتكاد تكون اختفت من مصر بسبب عدم وجود حملات تنشيط لهذا السوق المهم الذي كان يأتي منذ أكثر من مليون و300 ألف سائح إيطالى سنوياً. والآن أصبح لا يتعدى 300 ألف في أحسن الظروف والنتيجة أن ضاع مليون سائح وشىء محزن لضياع مجهود تسويقى استمر لأكثر من 20 عاماً خسارة كبيرة. والشيء الغريب كما يقول «بلبع» أن شركات السياحة الإيطالية طالبت كثيراً بضرورة وجود حملات دعاية وتنشيط للمقاصد المصرية داخل إيطاليا لإمكانية استعادة هذا السوق وزيادة الطلب ولم يتحرك أحد.. وعلينا الآن محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه لاستعادة هذا السوق المهم. وطالب «بلبع» ضرورة الالتفاف إلي هذا السوق من خلال دعم شركات السياحة الإيطالية بالاجتماع بهم مع وزير السياحة ورئيس هيئة التنشيط للوقوف على تمويل الدعاية اللازمة والمطلوبة عن طريق اجتماع عاجل مع شركات السياحة الإيطالية وإعطاء أهمية لهذا السوق والتأكيد لهم علي اهتمام الدولة. وأعرب «بلبع» عن أمله أن يعطي وزير السياحة اهتماماً لهذا السوق بالوقوف إلي جانب هذا السوق لاستعادته مرة أخرى، ومن الضرورى زيارتهم وعقد لقاءات مع أصحاب الشركات والاستماع إلي مشاكلهم وكيفية الوصول إلي حلول لتمويل الدعاية اللازمة. ويؤكد الخبير السياحي الدكتور عاطف عبداللطيف أن السوق الإيطالي اختفى تماماً من مصر نتيجة تجاهلنا له وعدم الاهتمام به، مشيراً إلي أن هذا السوق كان أقوى الأسواق بالنسبة لمصر فكان يأتي منه أكثر من مليون ونصف سائح سنوياً وتتميز عن باقي الأسواق أن السائح الإيطالي عالى الإنفاق ووجوده يخلق حالة من الرواج في البلد، لافتاً إلي أن إيطاليا الدولة الوحيدة التي لم تفرض حظر السفر إلي مصر لأنها دولة محبة لمصر ووقفت إلي جانبها في أشد الأزمات وفي الوقت الذي فرض فيه معظم الغرب حظر السفر إلي مصر، فكان يجب أن نضع هذا السائح نصب أعيننا ولكن للأسف تركناه وأهملناه في الوقت الذي كنا فى أشد الحاجة إليه أمام العالم في ظل الحرب الاقتصادية من الغرب علي مصر.. وكان علينا الاهتمام بهذا السوق بعد الضربة التي تعرضت لها السياحة المصرية من السوق الروسى والإنجليزى كان مهم التحك السريع لهذا السوق، ولكنه للأسف لم نفكر في هذا السوق المهم سياحياً واقتصادياً وتجارياً. وطالب «عبداللطيف» بضرورة قيام وفد رسمي من مصر لزيارة المسئولين الإيطاليين للتحدث معهم عن السياحة الإيطالية ومع منظمى الرحلات هناك وغرفة السياحة وتوجيه الدعوة لهم لزيارة مصر وشرم الشيخ. وأكد «عبداللطيف» أن مشاركة مصر في معرض «ميلانو» مهم للتواجد في المعارضة الدولية ولكن غير كافٍ، خاصة أن هذا المعرض افتقد مشاركة الشركات الكبرى بسبب تكلفته العالية وأصبح التجمع الأكبر من معرض «ريمنى»، لذلك مطلوب تحرك سريع ولا تكون الزيارة من خلال المشاركة في مصر ولكن الزيارة الخاصة نتائجها أفضل للاستماع إلي مطالبهم وفي نفس الوقت طمأنتهم ومحاولة إرجاع الصورة الذهنية الإيجابية عن مصر وندعمهم للعودة للمقاصد المصرية مرة أخرى حتي لا ينسوا مصر. ويقول الخبير السياحي كريم محسن، أحد العاملين في السوق الإيطالى: السائح الإيطالى مثله مثل باقي أسواق أوروبا لن يعود وليس لمصر فقط، ولكن لمنطقة الشرق الأوسط، مؤكداً أن السوق الإيطالى تأثر بعد حادث اختطاف المصريين في ليبيا وأحداث تونس وتفجير القنصلية الإيطالية في مصر، إلي جانب غياب التنشيط السياحي وعدم وجود حملة دعائية.. وإن كنت أرى أن التقصير ليس من جانب وزارة السياحة فقط لأنه للأسف لا يوجد لمصر تسويق سياسي ولا سياحي ولا اقتصادى، فالتقصير في كيفية تغيير صورة الغرب عن مصر، فما يحدث في ليبيا وسوريا لا يد لمصر فيه ولكنه أثر بالسلب عن كل أوروبا. وقال محسن: وما يقال إن السائح الإيطالي مثل الموضة يفضل التغيير، فمن الممكن أن يتأثر ولكنه تأثير بسيط لا يتعدى 10٪ ولكنه قد يختفى تماماً من مصر، خاصة في موسم الشتاء، فهذا ليس «موضة» التغيير لأنه لن يجد منافس لمصر سواء في الطيران، فالمدة 4 ساعات فقط بالطائرة أو في مصر المقصد المصرى الذي يتميز بسعره الرخيص بالمقارنة بمقاصد أخرى. وأشار الحسن إلى أن السوق الإيطالى استمر بشكل جيد بعد يناير 2010 حتي 2013 بعد أحداث فض رابعة ثم حدث حظر علي مصر من كل بلاد العالم وحدث تراجع بعض الشيء ثم بدأنا نتماسك وتعود السياحة الإيطالية في عام 2014 حتي بداية 2015 وجاءت أحداث ليبيا وتونس وتفجير القنصلية التي دمرت السياحة الإيطالية تماماً. وطرح كريم محسن الحل لكيفية استعادة هذا السوق بضرورة عودة حملات التنشيط بشكل جيد وشركة علاقات عامة متخصصة لتحسين صورة مصر أمام الغرب الذي لا يعلم ما يحدث في مصر إلا أن المصريين يقتلون بعضهم البعض، لذلك أؤكد أن الأمر أكبر من وزارة السياحة ومطلوب تفعيل دور الدولة وعليها تخصيص ميزانية تخصص لتحسين صورة مصر في الخارج وشرح حقائق الأوضاع في مصر من استقرار واختفاء للمظاهرات ووجود برلمان جديد وهنا سوف يتحسن الاقتصاد والسياحة. ويؤكد الخبير السياحي محمود عبدالدايم، العضو المنتدب لمجموعة بلبع للفنادق، اختفاء السوق الإيطالى تماماً، ونتيجة لذلك إغلاق معظم فنادق مرسى علم وبعض فنادق شرم الشيخ، مشيراً إلي أن هذا السوق كان السوق الأول لمصر وأحد أهم الأسواق خلال عامي 2008 و2009، حيث كان يصل منه حتي عام 2010 أكثر من مليون و300 ألف سائح سنوياً ثم بدأ يتراجع بعد يناير 2011، ثم بدأت العودة تدريجياً بنسبة لا تتعدى 30٪ من حجم الشغل في السنوات السابقة حتي أوائل عام 2015، إلي أن جاء تفجير القنصلية الإيطالية في شهر يولية الماضى فقضى تماماً علي السياحة الإيطالية، ورغم أن الحكومة الإيطالية لم تصدر أية تحذيرات، إلا أن الشركات الإيطالية التي تعمل في مصر وتونس أغلقت ونظراً للخسائر التي تعرضت لها الشركات عملت حظراً داخلياً لمن يرغب السفر وعليه يتحمل المسئولية كاملة بعيداً عن شركات التأمين في حالة تعرضه لأي حادث، فمن الطبيعي حدوث حالة من التخوف لدي السائح الإيطالى، إضافة إلي سوء حالتهم الاقتصادية وتخوفهم من ركوب الطائرات لأى دولة في العالم بعد حادث الطائرة الروسية. والغريب كما يقول «عبدالدايم» رغم أهمية هذا السوق الذي يحتاج إلى حملات تنشيط لاستعادة الحركة منه مرة أخرى فلا نجد تحركاً لا من وزارة السياحة ولا من هيئة التنشيط السياحي، في الوقت الذي طالب فيه منظمو الرحلات الإيطاليون بضرورة وجود حملات تنشيط في إيطاليا. وأكد «عبدالدايم» ضرورة التحرك فوراً من خلال حملات تنشيط في السوق الإيطالى لاستعادة هذا السوق المهم الذي كان يحتل المركز الأول قبل عام 2010.