لم يعد للأغنية بريقها الذى كانت عليه طوال تاريخها سواء عندما كانت فى قمتها حيث عصر عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم حافظ ثم جيل الوسط ويمثله الحجار وهانى شاكر ومحمد الحلو ومحمد منير وعفاف راضى وغيرهم، أو حتى الجيل الذى شهدت الأغنية على يده بداية الانهيار حميد الشاعرى ورفاقه هشام عباس وإيهاب توفيق وعمرو دياب وإن كان الأخير قد سبقهم بعدة سنوات خلال تلك الفترات كانت الأغنية تحدث صدى كبيراً فى الشارع المصرى والعربى، الآن الوضع تغير رغم الطفرة الهائلة فى التكنولوجيا والتى حولت العالم إلى قرية صغيرة، وبالتالى كان من المفترض أن تحظى الأغنية بانتشار أوسع، لكن تكرار الأفكار فى الكلمة واللحن جعل مسألة انتشار أغنية ما ليس بالأمر اليسير ففى خلال السنوات الأخيرة لم تحظ أغنية بنجاح سوى «تسلم الأيادى» وهى حالة خاصة لأن الشعب المصرى كان يمر بظروف تشبه ظروف الحرب التى قام بها الشعب بأكمله ضد الإخوان فيما عدا هذا لم نلاحظ أى نجاح مدوٍ كما كان فى الماضى، هذا الأمر جعل الكثير من المطربين يروجون أعمالهم بأشكال أخرى، لكنها أيضاً لم تساهم فى نشر أعمالهم على مستوى أغانى السينجل أصوات كثيرة قدمت أغانى من هذه النوعية أغنية واحدة تطرح على الفضائيات، وإذاعات ال«إف. إم» آخرها أغنية محمد منير «أنا منك اتعلمت» ورغم الضجة الكبيرة التى روجت بها بداية من الاستعانة بفريق موسيقى ألمانى «كايرو ستبس» وما تم نقله للإعلام بأن الأغنية سجلت فى ثلاثة بلاد ألمانيا وإسبانيا ومصر، وفى الحقيقة العمل سجل فى ألمانيا والاستوديو الخاص بمحمد منير فى منزله، وسجلت مثل أى أغنية وليس كما قيل وتردد عبر الإنترنت وكأن العالم كله فى انتظار «أنا منك اتعلمت» وصورت الأغنية وخرجت والبعض وضعها فى مقارنة مع أغنية «هالو» للمغنية العالمية «اديل» وهى مقارنة أضرت بمحمد منير لأن أغنية «هالو» حطمت كل الأرقام القياسية على مستوى العالم سواء على مستوى المشاهدة أو التحميل أو الاستماع، وبالتالى كانت المقارنة سقطة من بعض المواقع والصحف وأتصور أن منير نفسه يعى الفارق بين عمله وأغنية «اديل» فى كل شىء. وما يجعلنا نؤكد أن أغنية منير «أنا منك اتعلمت» لم تحظ بالاهتمام الجماهيرى هو الشارع المصرى، لأننا تعودنا على أن النجاح الجماهيرى يبدو من أول لحظة من خلال ترديد الناس للأغنية وربما يكون أحد أسباب عدم انتشار «أنا منك اتعلمت» أنها حالة خاصة عاشها فريق العمل مؤلفاً وملحناً ومطرباً ولذلك محاولات فرض الأغنية على الناس كانت ضد العمل ككل، ودائماً الجواب يبان من عنوانه. على صعيد الألبومات أيضاً انتهج بعض المطربين طرقاً أخرى لمحاولة إيهام الناس أن الألبوم حقق نجاحات كبيرة.. مثل حشد الإعلاميين والصحفيين فى مؤتمرات صحفية، وتكثيف نشر الأخبار من نوعية أن أغنية معينة فى الألبوم حظيت باستماع وصل إلى لغة الملايين،حدث هذا مع ألبومى سميرة سعيد «عايزة أعيش» وأنغام «أحلام بريئة»، ولأول مرة نجد مؤتمرات صحفية أو حفلات يحضرها نجوم من الوسط الفنى، وهو نوع آخر من الحشد ففى مؤتمر أنغام حضرت ليلى علوى وإلهام شاهين ومحمد هنيدى وسميرة سعيد وأصالة. وفى حفل ألبوم سميرة الذى أقامته بمنزلها حضرت أنغام وأصالة وليلى علوى وآخرون، وبعد كل هذه الاحتفالات شهدت مواقع التواصل الاجتماعى حملة شرسة لترويج الأغانى بدأتها أنغام بطرح أغانى ألبومها الجديد التى غنتها فى حفلها بدار الأوبرا خلال مهرجان الموسيقى العربية وتبعتها سميرة بطرح أعمالها المصورة، ثم حملة أخرى لكل منهما عن حجم المشاهدات التى حظيت بها أغانى الألبومين، تلك السلسلة من محاولات المطربين لإحياء ذكرى بقائهم ما هى إلا انعكاس لعدم القدرة على الابتكار والتجديد عند المؤلف والملحن، وبالتالى أصبح المطرب لا يجدأمامه سوى ذلك المنتج المقدم إليه، وبالتالى أصبح الجمهور يشعر بحالة من الملل نتج عنها تراجع فى السبع وكذلك المبيعات، وبالتالى فالقرصنة ليست وحدها وراء حالة انهيار سوق الكاسيت وحالة الركود الذى نعيشه منذ سنوات نجوم الغناء فى مصر لم يعد بحثهم عن الأفضل لتقديمه بقدر بحثهم عن العائد سواء كان من سبوبة البرامج أو الحفلات أو الدراما كنوع من استغلال الشعبية، وكان عليهم أيضاً البحث عن صيغة تؤكد أنهم مازالوا على قيد الحياة الغنائية «عملهم الأصلى» لأنه ليس من المقبول أن يظل تواجد المطرب من خلال الحديث عن الماضى فى البرامج لذلك كانت الحيلة الجديدة وهى طرح أرقام عن حجم المشاهدة على اليوتيوب من خلال أخبار على المواقع لكن هناك فارقاً بين ما ينشر على المواقع وبين ما هو على الواقع بدليل أن شركات الإنتاج الآن تهرب من الإنتاج كبار النجوم لأنهم مازالوا يتعاملون بمنطق أنهم الأكثر مبيعاً فى حين أن الشركات ترى أن هناك تراجعاً كبيراً يقابله مطالب كثيرة للنجم، وبالتالى أغلب الشركات لم تعمد تهتم بهم، وهم الآن أبناء الماضى، أما الحاضر والمستقبل فدائماً ما يحتاج إلى لغة أخرى فى الكلمة واللحن تحمل مفردات العبور إلى مناطق جديدة لم يتطرق إليها المطرب من قبل أو على الأقل يكون هناك شبه إجماع على قيمتها الفنية بعيداً عن لغة أرقام المبيعات أو المشاهدة لأن هذه اللغة فى أغلب الأحيان لا تذهب لمن يستحقها، بدليل أن أغانى المهرجانات الآن فى المقدمة، وهى من الناحية الفنية سيئة المستوى والسمعة.. المطرب الآن مشغول بكذبة كبيرة اسمها الأرقام بدأت بالمبيعات وعندما انهارالكاسيت أصبحت مشاهدات وتحميل..