محمد صبحى: إعلامنا " ليس بخير" والمواطن فى متاهة

يحاول الفنان الكبير محمد صبحى دائماً تقديم أشياء ذات قيمة تارة بشكل مباشر وتارة أخرى بطريقة غير مباشرة.. هذا الأمر جعل فريقاً من الناس يعجب بأدائه ومنهجه، وفى المقابل ظهر فريق آخر يقول إنه تخلى عن خيال الفنان واكتفى بالتنظير.. مؤخراً خاض الفنان محمد صبحى تجربة جديدة حيث ظهر كإعلامى فى برنامج يحمل عنوان «مفيش مشكلة خالص» اقترب فى البرنامج من سلوكيات الناس الخاطئة وناقش فى عدد من الحلقات مشاكل الانفصال العربى والأوضاع فى سوريا والعراق، كما استعان فى عدد من الحلقات بتقديم شخصيات قديمة كان لها نجاح كبير مثل شخصية «أيوب».. اتجاه محمد صبحى لتقديم البرنامج جعل أسئلة كثيرة تفرض نفسها، منها على سبيل المثال.. ما المغرى له فى هذه التجربة وهل يعجز الفن عن توصيل الرسائل لذا لجأ الى الاعلام.. فى هذا الحوار أجاب صبحى عن كل هذه الأسئلة:
هناك من يتهم «محمد صبحى» بالتنظير وممارسة دور الاستاذ فى برنامجه الجديد «مفيش مشكلة خالص»؟
- لست منظراً ولا فيلسوفاً ولا استاذاً.. أنا فنان يعيش على أرض مصر ويتمنى لها الخير، لا تعجبنى أوضاع كثيرة، لذا قررت أن أقدم برنامجا أنتقد من خلاله هذه الأوضاع وأقوم بإلقاء الضوء عليها حتى يلتفت لها المسئولون ويقومون بإصلاحها.. وقد تعلمت من واقع خبرتى الطويلة عدم الالتفات إلى النقد الهدام.. وألتفت فقط إلى النقد الذى يضيف لى ويساهم فى الارتقاء بى.
تقول إنك تنقد الأوضاع الخاطئة.. وهل يعجز الفن عن ذلك؟
- بالعكس الفن أقوى وأسرع من أى برنامج وأنا فنان ولست إعلامياً.. ولكن حاول تأمل برنامج «مفيش مشكلة خالص» وسوف تكتشف أنه ليس برنامجاً تقليدياً أو عادياً فهو شىء مختلف تماماً على البرامج الموجودة على الساحة، أغلب البرامج حوارية تعتمد على ضيف ومذيع لكن برنامجى يعتمد على الحوار واسكتش مسرحى «واستند آب كوميدى» وغناء أقدم الفن من خلال برنامج أسبوعى.
ولكن لماذا تنتقد الناس اكثر من انتقاد المسئول؟
- كلامك صحيح.. فى البرنامج أنتقد سلوكيات الناس بنسبة 70% وأنتقد المسئولين بنسبة 30% لأننا باختصار شديد «مش ملائكة» ممارسات الناس تحتاج إلى تعديل وتصحيح، بالفعل فى بلدنا التعليم سيىء لكن ماذا قدم الناس من أجل النهوض بحال التعليم ولماذا تساعد أبناءها على معرفة أهمية التعليم والتمسك به.. وأنتقد سلوكيات الناس فى عدم الحفاظ على نظافة الشوارع وعدم الأمانة والدقة فى العمل.. ورغم ذلك أنتقد المسئول، لكنى مؤمن بأن تحسن حال المجتمع يجب أن يبدأ من المواطن أولاً قبل المسئول.
وهل تشعر بنجاح البرنامج؟
الحمد لله برنامجى هو الأعلى فى نسبة مشاهدة حتى الآن.. ورسائلى تصل للناس بدليل أننى أتلقى تليفونات كثيرة يشكرنى الناس على ما أقدمه، كما أتلقى اتصالات من مسئولين فى الدولة يتابعون البرنامج.. واتصل بى ذات مرة وزير الآثار ووجه الشكر لى على حلقة كنت انتقدت وضعاً خاطئاً فى مجاله ووعدنى بأنه سوف يتدخل لحل المشكلة وهذا أسعدنى جداً.. أمر رائع أن يكون لكل ما تقدمه أثر ونتيجة ملموسة.
ما الهدف من تقديم برنامج فى هذه المرحلة بالتحديد؟
- الهدف توصيل رسائل للناس والمسئولين من خلال برنامج تليفزيونى.. ولا تنس أننى أقدم فناً فى البرنامج ولم أتوقف أمام الشكل التقليدى للبرنامج.
هل يعجبك حال الإعلام فى مصر؟
- بالعكس، الشىء الوحيد الذى دفعنى لتقديم البرنامج هو عدم الرضا على ما يحدث على الساحة الاعلامية.. الإعلام مرتبك «ناس بتطبل للنظام.. وناس بتهاجم النظام».. والمتلقى تائه لا يعرف لماذا يطبل الناس ولماذا الهجوم.. لدينا مواطن ثائر وزكى يريد أن يفهم أشياء واضحة ومحددة وعلى أساس ذلك يبنى موقفه.. لكن الإعلام يتعامل مع المتلقى بدون أى اهتمام وكأنه سوف يكون أميناً على كل ما يسمعه
سمعنا أنك قررت إلغاء الموسم الثانى من تجربة «المسرح للجميع» بسبب الانشغال فى البرنامج؟
- هذا الكلام ليس صحيحاً، سوف أقدم الموسم الثانى من تجربة المسرح للجميع قريباً وقد تعاقدت مع قناة cbc لعرض المسرحيات عبر شاشتها.. وسوف يتوقف برنامج «مفيش مشكلة خالص» فى منتصف فبراير، كان التعاقد مع cbc على تقديم 13 حلقة فقط وتم تقديم 10 حلقات وباق 3 فقط وسوف أقدم فى الحلقات القادمة شخصية «سنبل» التى حققت نجاحاً كبيراً وقت عرضها.. بعد الانتهاء من البرنامج سوف أبدأ التحضير للموسم الثانى من «المسرح للجميع» وتشاركنى فى العروض الجديدة سماح السعيد وغادة رجب وأتمنى أن تنال العروض إعجاب الجمهور والنقاد.
فى مسرح «صبحى» يحضر البعد العربى ولكنه غائب فى البرنامج ما تفسيرك؟
- من قال ذلك، مصر جزء من العالم العربى ولذا أنا دائم الحرص على مناقشة مشاكلها الداخلية وربط الأمر بالواقع العربى الكبير.. كما ناقشت ما يحدث فى سوريا وفى العراق وكيف تبدل الحال.. أنا مهموم جداً بالواقع العربى سواء على المسرح أو فى البرنامج.
بماذا تفسر فشل المتخصصين فى الإعلام فى وضع تصنيف محدد للبرنامج؟
- لا يهمنى تصنيف البرنامج بقدر ما يهمنى ويشغل بالى تأثيره على الناس.. كما قلت فى بداية حديثى تعمدت تقديم شىء مختلف ويكون له أثر على الناس.. لكنى لم أشغل بالى بماهية البرنامج: سياسى أو اجتماعى أو أى شىء آخر، المهم أن تصل رسائلى للناس وتحقق الهدف المطلوب.. فى الفترة الأخيرة أصبحت البرامج تعتمد على إثارة الضيوف وإشعال المعارك بينهم من أجل رفع نسبة المشاهدة.. وهذا أمر خاطئ ولا يساهم فى تقدم المجتمع، بالعكس إعلام الإثارة أدى إلى تراجع المجتمع وخلق حالة من البلبلة فى عقول الناس.
كيف يرى الفنان محمد صبحى حال السينما والمسرح والدراما التليفزيونية؟
- السينما حالها سيئ جداً وأكبر دليل على ذلك الإصرار على تقديم البلطجى فى شكل البطل أصبح موضة، كما تعتمد الأفلام على القص والغناء الشعبى الذى يحمل كثيراً من الإسفاف والابتذال.. السينما تحتاج إلى تصحيح مسار.. والدراما التلفزيونية تعانى أيضاً من لغة الحوار الفجة التى لا تليق بقيم وعادات مجتمعنا المتدين.. الفن كما تعلمنا هو إعادة خلق للواقع وليس تقديم الواقع بشكل فج.. وأرى أن هناك محاولات للنهوض بحال المسرح، ولكن هذه المحاولات لم تنجح وتحقق هدفها إلا باهتمام الدولة بالمسرح ليس داخل القاهرة فقط ولكن فى كل المحافظات.. لو اهتم المسئولون بهيئة قصور الثقافة سوف نرى العديد من المواهب ونرى أيضاً أعمالاً فنية تعبر عن مجتمعنا وليست غريبة عنا
بصراحة شديدة.. لماذا لم تقدم برنامجك عبر التليفزيون المصرى؟
- أين التليفزيون المصرى فقد وضع القائمون عليه خطوطاً حمراء على شىء وكانت النتيجة أنه تراجع للخلف وسوف يتراجع أكثر وأكثر لأن المسئولين بداخله يرفضون الاستماع إلى أصوات النقد ويصرون على المضى فى طريقهم.. كان للتليفزيون المصرى تاريخ كبير وهو رائد للتنوير وفى العالم العربى لكن لا أعرف ماذا حدث ولماذا خرج من السباق وتقدمت عليه شاشات عربية أخرى.. باختصار شديد لست راضياً عن حال التليفزيون المصرى.
تردد أنك تفكر فى العودة للدراما التليفزيونية؟
- كنت أفكر فى ذلك بالفعل لكن تراجعت بسبب الانشغال بالبرنامج.. والتحضير للموسم الثانى من تجربة المسرح للجميع.. كما قلت فى بداية حديثى.. المهم أن تصل رسائلك للناس وتحقق أهدافها عبر برنامج أو مسرحية أو مسلسل.. أنا فى الوقت الحالى فنان ينتقد سلبيات المجتمع من خلال برنامج وسعيد بردود الفعل.
وكيف ترى المشهد السياسى الآن؟
- متفائل رغم كل شىء.. ولكنى أتمنى أن يقوم كل إنسان بواجبه تجاه مصر التى نحبها ونتمنى لها الاستقرار والتقدم.. كفاية كلام نحن الآن فى وقت عمل وإنجاز.