مع انعقاد الجلسة الإجرائية للبرلمان المصري، تكون مصر قد أكملت ثلاثية خريطة الطريق بعد الدستور وانتخاب الرئيس ثم يأتي مجلس الشعب وأمامه ملفات كثيرة منها عشرات القوانين وسط وجوه جديدة وقوى سياسية لا نعرف الكثير عنها، ومن الصعب أن تتضح ملامح المجلس الجديد ومدى قدرته على تلبية مطالب الشعب قبل أن تمضي مدة زمنية معقولة. من المؤكد أن جميع المصريين يأملون أن يكون برلمانهم الجديد مختلفاً عن غيره من البرلمانات السابقة وأن يكون شجاعاً ونشيطاً وحريصاً على مصالحه وينهض بواجباته في رقابة الدوائر والمؤسسات الحكومية ويعمل على إصدار التشريعات التي تلبي مصالح العباد والبلاد، خاصة أن التنوع بين أعضائه وأحزابه سيثري مناقشاته وسيخلق حافزاً ونوعاً من التنافس الديمقراطي الشريف لخدمة الوطن والمواطنين وفق أسس تتفاعل فيه كل قوى المجتمع، ويعكس حقيقة الرأي العام المصري، ويقنع العالم بولادة ديمقراطية صحيحة. تقع على عاتق أعضاء مجلس الشعب المصري الجديد من مستقلين وحزبيين أن يثبتوا جدارة استحقاقهم بتمثيل الشعب، واستعادة ثقة المصريين في الحياة الحزبية السليمة من خلال مواقف مدروسة ومناقشات ثرية تصب في صالح النهوض بالاقتصاد وتوفير فرص العمل وتمكين المرأة المصرية وتعزيز مكانتها وكفالة حقوقها وتوفير وسائل متطورة لرعاية الطفولة وتطوير التعليم وضمان حرية التعبير وصيانة حرية الصحافة وتحسين الخدمات الصحية وتحقيق الشفافية في أعمال الحكومة، ودعم المؤسسات الأمنية في معركتها المفتوحة ضد الإرهاب. عيون المصريين التي تابعت نوابهم وهم يؤدون القسم، تنتظر أن يرتقي النواب إلى حجم التحدي الكبير الذي يواجه البلاد، وأن يكون أداء النواب مشرفاً وعلى قدر عال من المسؤولية بما يحقق أمانيهم في تشييد دولة مدنية ديمقراطية مستقلة مزدهرة اقتصادياً ومتطورة علمياً وثقافياً واجتماعياً من خلال سن تشريعات وقوانين تصب في هذا الاتجاه. مجلس الشعب المصري بأعضائه ال 596 مطالب اليوم، وبعد الانتهاء من جلسته الإجرائية التي دامت 17 ساعة متواصلة وانتهت بانتخاب رئيسه ووكيليه، أن ينطلق بأقصى سرعة لإنجاز مهمته التشريعية وممارسة دوره الرقابي والعمل بإخلاص لتلبية مطالب الشعب المصري وطموحاته بأسرع ما يمكن، واستئناف النشاط البرلماني على جميع الأصعدة الإقليمية والدولية، لإثراء البعد الشعبي في العلاقات الخارجية والإسهام في بناء الدولة الحديثة التي تعلي قيم الديمقراطية والعدالة والمبادئ التي نادت بها ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو من خلال مشاركة الأعضاء مشاركة واعية ومتعمقة في معالجة المشكلات الشعبية الملحة والتعبير عن معاناة وآلام الجماهير واستكمال مسيرة التنمية التي بدأت بعقول وسواعد الشعب وهو ما يمثل معيار نجاح المؤسسات التشريعية. لا شك أن الجميع يطمح لأن يكون مجلس الشعب المصري بنسخته الجديدة مثالاً يحتذى ومنبراً لحوار ديمقراطي شفاف تتاح فيه الفرصة لجميع التيارات السياسية للتعبير عن آرائها بحرية مطلقة وممارسة النقد الذاتي لتلافي السلبيات وتكريس الإيجابيات وفق مبدأ احترام الرأي والرأي الآخر، بعيداً عن الخلافات والصراعات، خاصة أن المجلس يعكس إرادة المصريين في خدمة المصلحة العليا للوطن. تنوع التيارات السياسية لبرلمان مصر 2016 سيثري بالتأكيد العمل الديمقراطي في البلاد، من خلال تشكيل ائتلافات حزبية وكتل برلمانية ما يؤسس لمرحلة جديدة في الحياة السياسية المصرية وتشكل بداية لعملية تطور ديمقراطي حقيقي، تجسد المنافسة وبناء التحالفات وتقضي على حالات الانقسام والتشرذم بما يخدم مصلحة الوطن والمواطنين في النهاية. نقلا عن صحيفة الخليج