قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن القوتين الإقليميتين "السعودية وإيران" يمسكان في رقاب بعضهما البعض، مشيرة إلى أن خطوة الرياض القادمة لن تكون ضرب سوريا أو اليمن، وإنما ستوجه ضربة مؤلمة إلى طهران. وأفادت المجلة أن عام 2016 على ما يبدو ولد بأعمال العنف، حيث إن تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيعي البارز، نمر النمر، من قبل المملكة العربية السعودية، أدى إلى تصعيد التوتر مع عدوها الإقليمي إيران، مضيفة أن متظاهرين إيرانيين هاجموا السفارة السعودية في طهران، مما أسفر عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وأردفت أنه تم إنشاء تحالف إقليمي من الدول الصديقة للرياض، لقطع علاقاتها مع إيران أيضًا، مشيرة إلى أن البحرين، والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت وجيبوتي والسودان، بعضهم قطع علاقاته مع طهران والبعض الآخر خفض العلاقات الدبلوماسية، في حين أن إيران زعمت أن الرياض ضربت سفارتها في اليمن. وأوضحت أنه بعيدًا عن كون هذه الخطوات تبدو مثل سلسلة غاضبة من الإجراءات غير المنطقية، إلا أن التصعيد السعودي في الأيام الأخيرة يبدو وكأنه فعل بارد ومتعمد من الألاعيب الدولية، مشيرة إلى أنه على الجانب الآخر، يوجد سببًا للاعتقاد بأن تحركات إيران في أعقاب إعدام النمر، كانت خطأ استراتيجيا فادحا، ففي النهاية الشيخ الشيعي هو مواطن سعودي. وأكدت أن رد الفعل الإيراني خدم الرواية السعودية التي تقول إن الشيخ الشيعي هو العقل المدبر الإرهابي لتنفيذ الأجندة الإيرانية، مضيفة أن تداعيات حرب التصريحات الأخيرة لن تظهر فقط على الساحة السورية أو اليمنية، وإنما سيكون هناك صراع على الساحة الإقتصادية. وأشارت المجلة إلى أن كلًا من إيران والسعودية يفضلان توظيف حلفاء أو وكلاء لخوض معاركهما الموجودة خارج أراضيهما، بدلًا من إرسال جيوشهما الخاصة، مضيفة أنه مع وجود اثنين من الحروب الأهلية المحتدمة، يبدو أن الرياضوطهران يدعمان حلفاءهما، بينما مفاوضات السلام تبدو أبعد من أي وقت مضى، وللأسف فإن المدنيين السوريين واليمنيين هم من يدفعون ثمن هذا العنف. وذكرت أن الأسواق تأثرت أيضًا بهذا الصراع الدائر، دون أن يبدو هناك أي نية لمواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين، مشيرة إلى أن المملكة العربية السعودية في وضع سييء عندما يتعلق الأمر بمواجهة عسكرية مع إيران. وأوضحت أن قبضة الرياض على العالم السني معرض للانتقادات أكثر من مناصرة إيران للشيعة، فالعديد من الجماعات السنية، بما في ذلك تنظيم "داعش" الإرهابي، تعارض السعودية وتتحدى حكامها علنًا، وعلى الجانب الآخر، إيران لم تتعرض لوضع مماثل، كما أنها تتمتع بدعم مباشر من روسيا، خاصة في سوريا، في الوقت الذي يوجد هناك فتور في العلاقات الأمريكية السعودية. وقالت إنه من المرجح أن تفضل السعودية خوض الحرب بميزة واحدة ضخمة، تكمن بسوق النفط، موضحة أن الرياض وضعت خطتها لإضعاف الاقتصاد الإيراني، عن طريق ضخ كميات هائلة من النفط في الأسواق، رغم أن أسعاره انخفضت ووصلت لأدنى مستوى لها منذ 11 عامًا. ونقلت المجلة آراء محللين الذين قالوا إن المملكة بهذه الطريقة تحاول زج الولاياتالمتحدة المنتجة للنفط الصخري، للخروج من السوق، إلا أنه من المرجح أن الهدف الأهم للرياض هو أن تعيث فسادًا في ميزانيات إيرانوروسيا، حيث إن كليهما يعتمد على عائدات النفط للحصول على الدخل. وأشارت المجلة إلى أن خطة المملكة المتحدة تعود عليها بالضرر، حيث إن عجز الميزانية للبلاد وصل إلى 98 مليار دولار، وحذر صندوق النقد الدولي من أن البلاد سوف تستنفد الأصول المالية في غضون خمس سنوات إذا لم يتم استرداد أسعار النفط، ودفعت هذه التطورات إلى تكهن المحللين بأن "الإفلاس يلوح في أفق السعودية"، وأن انهيار المملكة سيكون أمرًا لا مفر منه. وذكرت أن التقارير التي تفيد زوال المملكة من الممكن أن يكون مبالغ بها، فرغم اعتماد المملكة الكبير على النفط، إلا أنها مازالت تملك وسادة مالية مريحة يمكن أن تستخدمها في ميزانيتها. وتساءلت المجلة هل هذه الحرب تعد نهاية المملكة العربية السعودية؟، مشيرة إلى أن رد فعل إيران كان خطأ استراتيجيًا فادحًا، فبدلًا من إصدار بيان إدانة، توعدت طهران بأن الرياض سوف تدفع الثمن باهظًا. وأوضحت المجلة أن الرياضوطهران يخوضان منافسة شديدة المخاطر من أجل السيادة الإقليمية، قائلة على الرغم من أن كليهما يدعي الشرعية الدينية ويستشهد بالكتاب الإسلامي، إلا أن تصرفاتهما تنم عن غض بصرهما عن المخاطر المستقبلية للوضع الحالي، فمن الذي سيتعامل مع استمرار التوترات بين السنة والشيعة وتمزيق المنطقة وزرع بذور الكراهية والانتقام على مدى الأجيال القادمة؟ وقالت المجلة إن لم يتم كتابة الفصل الأخير من هذه القصة بعد، ولكن المنطقة لن ترى السلام حتى يعترف كلا الجانبين باحترام حدود بعضها البعض.