"اللغات تعز بعزة أهلها وتذل بذل أهلها، فاللغة العزيزة أهلها أعزاء".. عبارة بسيطة شخّص بها العالم الراحل محمد حماسة عبد اللطيف رفاعي، نائب رئيس المجمع اللغوي، حال الأمة العربية، وسبب ما أصابها من تفكك وضعف. وفي رسالة موجزة وجهها "حماسة" إلى الأمة العربية، قبل مرضه الذي أودى بحياته، طالبهم فيها بأن ينهضوا ويدركوا أنهم أصحاب رسالة وأصحاب قوة، معتبرًا أن اللغة الإنجليزية تسيطر على العالم بسبب قوة أمريكا التي تتحدث الإنجليزية، فالهيمنة تكون في كل شيء حتى في اللغات. رحل العالم الجليل، فارس اللغة العربية، الذي حارب من أجل سيادتها، وعزة أهلها، اليوم الخميس، الموافق 31 ديسمبر 2015، تاركًا إرث ثقيل لطلابه وزملائه، يتمثل في الحفاظ على الهوية العربية، وانتشال المنطقة مما لحق بها على أيدي التنظيمات الإرهابية. أبى العام أن يرحل قبل أن يترك أثرًا حزينًا في نفوس المحافظين على اللغة العربية، برحيل عالم له مدرسة في النقد اللغوي، تعيد علم العربية إلى سابق دائرته الكبرى ومفهومه الأوسع وعلاقاته الحية بالإبداع الأدبي شعرًا ونثرًا، حسبما وصفه فاروق شوشة، الأمين العام للمجمع. ولد "حماسة" عام 1941م بقرية كفر صَراوة مركز أشمون بمحافظة المنوفية، وحفظ القرآن الكريم وجَوَّده على يدي والده الشيخ عبد اللطيف رفاعي ثم رحل إلى القاهرة لطلب العلم بالأزهر الشريف، حصل على درجة الليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى من دار العلوم عام 1967م ثم على الماجستير والدكتوراه من نفس الجامعة. تدرج في الوظائف الأكاديمية من فعين مدرسًا 1976م فأستاذًا مساعدًا 1984م فأستاذًا 1990م، ثم عُين رئيسًا لقسم النحو والصرف والعروض 1994م ثم عين وكيلاً للكلية لشؤون التعليم والطلاب من 2001م حتى 2006م، وأصبح أستاذ متفرغ، ثم اختير عضوًا بالمجمع اللغوي فى 12مايو 2003، حتى تولى منصب نائب رئيس المجمع. من أبرز مؤلفاته: "الضرورة الشعرية في النحو العربي"، و"النحو والدلالة مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي"، و"بناء الجملة العربية"، و"الجملة في الشعر العربي"، و"ظواهر نحوية في الشعر الحر"، و"البناء العروضي للقصيدة العربية"، و"العلامة الإعرابية في الجملة بين القديم والحديث". ل"حماسة" نشاطات عديدة في في مجال الجمعيات العلمية، حيث كان عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو مؤسس باتحاد الكتاب المصري، وعضو بمجلس إدارة مركز تعليم اللغة العربية للأفارقة وغيرهم بجامعة القاهرة، وعضو جمعية الأدب المقارن المصرية. تجلت شاعرية "حماسة" في أربعة أعمال شعرية، هم: "ثلاثة ألحان مصرية"، و" نافذة في جدار الصمت"، و" حوار مع النيل"، و"سنابل العمر".