كتبت قبل أسابيع فى مقال نشر إلكترونيا أقول إن مصر لم يعد فيها تنظيم واحد خارج عن رقابة القانون، كما يقول ناقدو الإخوان، فبتدشين «التيار الشعبى» بالأهداف والوسائل التى أعلن عنها مؤسسه يكون لدينا تنظيمان رئيسيان كلاهما لا أوراق قانونية له ولا يعرف الناس شيئا عن مصادر تمويله ولا إنفاقه. ورغم أن ذلك المقال،الذى حمل عنوان «المرشد العام للتيار الشعبى، ركز على مناقشة «السطو» على حقوق الملكية الفكرية لتنظيم الإخوان واستنساخها فى التنظيم الذى أطلقه حمدين صباحى ليكون مرشده العام، إلا أننى قلت فى آخره إن أحد التحديات الرئيسية التى تواجهه،إن كان حقا يريد أن يمتاز عن الإخوان، أن يكشف لنا مصادر تمويل التيار الذى تبدو أنشطته المعلنة تستلزم كثيرا من الإنفاق، ومصادر تمويل المؤسس نفسه الذى لا نعرف مصدر رزقه حاليا، والذى إن صدف والتقته السيدة مارى منيب لسألته سؤالها الأثير: إنتى تشتغلى إيه؟! هل يعرف أحد إجابة هذا السؤال؟ من أين يكسب الرجل قوت يومه وكيف ينفق على ملابسه الفاخرة وتنقلاته الفارهة بصحبة مصورين محترفين؟ وكيف مول سفر وإقامة شباب التنظيم الذين صحبهم إلى إيطاليا والمكسيك؟! قبل انتخابات الرئاسة بأشهر بث صباحى فيديو وصفه بأنه «إقرار ذمة مالية» فهلل له مؤيدوه طويلا، وللدهشة فالفيديو يتحاشى ذكر مصدر دخله الشهرى، والغامض فيه أكبر كثيرا من المكشوف عنه، فقد ذكر أنه ورث أفدنة قليلة عن أبيه وأن عليه أقساطا يدفعها وأنه يدخر 7 آلاف جنيه فقط فى البنك، وأن آخر وظيفة شغلها كانت عام 2010، وأن زوجته تملك «مائة ضعف» رصيده البنكى، ثم سكت عن دخل أولاده لأنهم راشدون لهم ذمتهم المستقلة!! إزاء هذا الغموض حول مصدر رزق رجل توقف عن العمل عام 2010 نحن أمام عدة احتمالات: إما أنه ما زال ينفق منذ ذلك الحين من الآلاف السبعة التى ادخرها، ووقتها سأتحسر فعلا أنه لم يصل مقعد الرئاسة لأن من يعش مرفها عاما كاملا بهذا المبلغ يمكنه بالتأكيد أن يصنع معجزات فى بلدنا بميزانيتها المنكوبة، وإما أن لديه عملا لم يكشف عنه وقتها، وفى هذه الحالة فالأولى به أن يصدر ملحقا لإقرار ذمته المالية يكشف مصدر دخله المتجدد ليطمئن قلوب محبيه ويقطع ألسنة المشككين. وإما أنه تبقت لديه بضعة آلاف فائضة من تبرعات حملته الانتخابية فرأى أن يواصل بها النضال استعدادا لمعركة رئاسية لاحقة، وهنا عليه أن يخبرنا كم تبقى من تلك الأموال، وكم ينفق على تياره الشعبى وعلى احتياجاته الشخصية منها، وهل استخدام هذه الأموال جائز قانونا بعد انتهاء الانتخابات؟ أو أنه بدأ جمع تمويل للتيار الذى، شأنه شأن الإخوان، لم يتم إشهاره قانونا، وهنا أيضا تطرح الأسئلة عن قانونية أموال تنظيم غير شرعى وشكل رقابة الدولة والمجتمع عليها. وإن لم يكن شيئا مما سبق، فلا يبقى إلا أن جهة خفية، داخلية أو خارجية، تتولى ذلك التمويل، وتحرص أن يبقى حجمه ومصدره طى الكتمان لأهداف تعلمها. تمويل التيار ومرشده حمدين أكثر غموضا من تمويل الإخوان ومرشدها، فنحن نعلم عن الأخيرة أن أعضاءها يدفعون 7% من راتبهم الشهرى للتمويل، وبحسبة بسيطة يمكن تخيل حصيلة ضخمة شهريا تكفى لنفقاتهم، ونفهم أيضا أن مسؤوليها المتفرغين ينالون راتبا أقره لهم الأعضاء.. فما هو الشأن بالنسبة لتنظيم حمدين؟ أتمنى أن يكشف مسؤولو التيار ذلك بعد عودتهم من مؤتمرات توحيد اليسار فى إيطاليا والمكسيك والتى تذكرنى، - والشىء بالشىء يذكر- بلقاءات التنظيم الدولى للإخوان. نقلاً عن الصباح المصرية