تطرح بين الحين والآخر، فكرة حدوث تحالف إسلامي واسع في الانتخابات، خاصة بين حزبي الحرية والعدالة والنور. والواقع أن هذه الفكرة تبدو مستبعدة، لأنها ببساطة سوف تؤدي إلى خسائر لكلا الحزبين. فالتحالف بين الأحزاب الإسلامية، أو أغلبها، يؤثر سلبا على التنوع الحادث بينها، وهو تنوع يفيد هذه الأحزاب جميعا، كما يفيد المشروع الإسلامي ويثريه. كما أن أي تحالف بين الأحزاب الإسلامية، خاصة الكبرى، مثل حزبي الحرية والعدالة والنور، سوف يؤدي إلى حصولهم مجتمعين على عدد مقاعد أقل. مما يعني أن عدم التحالف انتخابيا يحقق نتيجة أفضل، من التحالف الانتخابي. فحزب الحرية والعدالة له جمهوره، والذي سوف يفقد جزءا منه بتحالفه مع حزب النور، كما أن حزب النور له جمهوره، والذي سيفقد جزءا منه بتحالفه مع حزب الحرية والعدالة، مما يجعل نتيجة التحالف أقل مما يمكن تحقيقه للحزبين بدون تحالف. كما أن التنافس الانتخابي بين حزب الحرية والعدالة وحزب النور، حسب التجربة العملية، يساعد في تقوية كل منهما، وفي تمدد قاعدة كل منهما، ربما على حساب أحزاب أخرى. كما أن جمهور التيار الإسلامي، يمثل قاعدة عريضة، يصعب تجميعها لصالح تحالف انتخابي واحد، فهي قاعدة عريضة ولها توجه إسلامي، ولكنها متنوعة أيضا، أي تمثل تعددية داخل التيار الإسلامي، ومحاولة جمعها لصالح تحالف واحد صعبة، وقد تؤدي إلى فقدان جزء مهم من الكتلة المؤيدة للقوى الإسلامية بسبب تحالف تلك القوى. فالتيارات التي يكون لها جمهور واسع، لا يمكن التعبير عنها بتحالف واحد أو حزب واحد، بل أن محاولة جمعها لصالح تحالف واحد، قد تصب في صالح أحزاب أخرى. بمعنى أن التحالف بين حزبي الحرية والعدالة والنور قد يكون في مصلحة القوى التي تنتمي للتيار الليبرالي والعلماني، في حين أن دخول قوى التيار الإسلامي الانتخابات بقائمتين على الأقل، واحدة تعبر عن التيار الوسطي والأخرى تعبر عن التيار السلفي، يؤدي إلى تحقيق القوى الإسلامية مجتمعة لمكاسب أكبر. لذا يجد المتابع أن العلاقة بين حزب الحرية والعدالة وحزب النور، تتجه نحو التنافس الصرف في فترات الانتخابات، أما في المواقف السياسية، فنجد تفاهم أحيانا واختلاف أحيانا، وفي المجمل نجد التفاهم في القضايا الرئيسة، والاختلاف في القضايا الفرعية. وفي كل الأحوال فإن التحالف بين القوى الإسلامية في مواجهة مشاريع العلمنة، حاضر دائما.