الحزن كالحفر كلما اخذت منه اتسع! الحزن ليس شعورا عابرا، الحزن الحقيقي بذرة تنغرس في القلب، ثم تنمو بفعل حوادث الزمن، فتكبر حتى يستظل بها القلب، عندها تبدأ في طرح ثمارها، في البداية تكون الثمرة مرة المذاق صعبة على النفس، ثم يعتاد عليها الانسان فتصبح معتادة بل مطلوبة بل ضرورية بل جميلة، حينها يدرك الانسان أن شجرة الحزن قد بلغت أطرافه وتفرعت داخل كل خلية بجسمه، حينها تفقد الثمرة طعمها، حينها يصبح الحزن عملا يوميا يتم مع كل شهيق وزفير، حينها وحينها فقط تصبح الحياة أثرا جانبيا للحزن. الحزن صفة إنسانية، والبكاء دليل على إنسانية الإنسان، أتعجب من هؤلاء الذين يريدون منعنا من البكاء على من فارقناهم. الحزن في بعض الأحيان قد يصبح مشاركة بين بني الانسان، حينها تنعدم جدران الحداثة، فالحزن- مع عدم ترحيب معظمنا به- إلا انه معول من معاول هدم الحداثة، فهو في نهاية الأمر يعيد أنسنة الأنسان. الحزن أصدق من السعادة، فالسعادة شعور زائل، لا يترك تأثيرا بعده، إنه أشبه بمخدر وقتي ينعش الانسان ثم ينتهي تأثيره بمرور الزمن، أما الحزن فهو قائم مقيم، ربما ينساه المرء، لكنه يخرج كلما تحينت الفرصة لكي يذكر الإنسان به. الحزن النبيل طريقة حياة.