الإصلاح والنهضة يكلف النائب محمد إسماعيل أمينًا عامًا ونائبًا لرئيس الحزب    صندوق النقد الدولي: اقتصاد الإمارات يتصدر النمو خليجيًا في 2025    نتنياهو: المرحلة الأولى من خطة ترامب أوشكت على الانتهاء    مباشر كأس العرب - المغرب (0)-(0) السعودية.. عمان (0)-(0) جزر القمر.. حسم المجموعة الثانية    فرانكفورت يعلن قائمته لمواجهة برشلونة في دوري أبطال أوروبا    الداخلية تنبه المواطنيين بتعليمات المرور لضمان سلامتهم أثناء الأمطار    إيمي سمير غانم تكشف سبب هجومها على منتقدي إطلالتها الأخيرة    سفير اليونان يشارك احتفالات عيد سانت كاترين بمدينة جنوب سيناء    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    محافظ الجيزة يتابع انتظام العمل داخل مستشفى الصف المركزي ووحدة طب أسرة الفهميين    رسميا.. استبعاد محمد صلاح من قائمة ليفربول ضد إنتر ميلان    عاجل- البورصة المصرية تسجل إنجازًا تاريخيًا باختراق EGX30 حاجز 42 ألف نقطة لأول مرة    استقرار أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 8 ديسمبر 2025    "إيقاف يورشيتش وسامي".. رابطة الأندية تعلن عقوبات مباراة بتروجت وبيراميدز في الدوري    إنجاز أممي جديد لمصر.. وأمل مبدي: اختيار مستحق للدكتور أشرف صبحي    عضو مجلس الزمالك يتبرع ب400 ألف دولار لسداد مستحقات اللاعبين الأجانب    رئيس الوزراء يبحث مع محافظ البنك المركزي تدبير الاحتياجات المالية للقطاعات الأساسية    23 طالبًا وطالبة بتعليم مكة يتأهلون للمعرض المركزي إبداع 2026    إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    قبلات وأحضان تثير الجدل في 2025.. من راغب علامة إلى منى زكي وفراج    منزل عبد الحليم يفتح أبوابه رقميا.. موقع جديد يتيح للزوار جولة افتراضية داخل إرث العندليب    الاتحاد الأوروبي يهاجم استراتيجية ترامب    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    أمير قطر: مباحثات الرياض فرصة لاستعراض آفاق الشراكة الاستراتيجية    وزير الصحة يبحث مع الأوروبي للاستثمار إطلاق مصنع لقاحات متعدد المراحل لتوطين الصناعة في مصر    عقوبات مباراة بتروجت وبيراميدز.. إيقاف يورتشيتش الأبرز    وزير العدل يترأس الاجتماع الثالث عشر للجان الوطنية العربية للقانون الدولي الانساني    عرض كامل العدد لفيلم غرق بمهرجان البحر الأحمر السينمائى    وزير الزراعة يكشف تفاصيل جديدة بشأن افتتاح حديقة الحيوان    بعد ساعتين فقط.. عودة الخط الساخن ل «الإسعاف» وانتظام الخدمة بالمحافظات    السيدة زينب مشاركة بمسابقة بورسعيد لحفظ القرآن: سأموت خادمة لكتاب الله    وزير إسكان الانقلاب يعترف بتوجه الحكومة لبيع مبانى "وسط البلد"    د. معتز عفيفي يكتب: المسئولية القانونية للذكاء الاصطناعي.. بين تمايز المجالات وحدود الإعفاء المهني    حدث في بريطانيا .. إغلاق مدارس لمنع انتشار سلالة متحولة من الإنفلونزا    وزير الصحة يتابع تطورات الاتفاقيات الدولية لإنشاء مصنع اللقاحات متعدد المراحل    وكيل تعليم بني سويف تبحث استعدادات امتحانات نصف العام لسنوات النقل والشهادة الإعدادية    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي ال15 للتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية    «القومي للمرأة» يعقد ندوة حول حماية المرأة من مخاطر الإنترنت    بسام راضي يشرح موقف مصر من سد النهضة أمام المؤتمر الدولي للمياه بروما    نادي قضاة المنيا يستعد لتشييع جثامين القضاة الأربعة ضحايا حادث الطريق الصحراوي    فرقة القاهرة للعرائس المصرية تكتسح جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    السفير الأمريكى فى لبنان: اتصالات قائمة لزيارة قائد الجيش اللبناني إلى واشنطن    موجة تعيينات قضائية غير مسبوقة لدفعات 2024.. فتح باب التقديم في جميع الهيئات لتجديد الدماء وتمكين الشباب    حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية    عاجل- الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار لليوم ال59 وقصف مكثف يطال غزة    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    أمطار شتوية مبكرة تضرب الفيوم اليوم وسط أجواء باردة ورياح نشطة.. صور    وزارة العمل تحتفي باليوم العالمي لذوي الإعاقة بجمعية المكفوفين    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    نيللي كريم تعلن انطلاق تصوير مسلسل "على قد الحب"    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور التحولات الاقتصادية والطبقية والإثنية في التطرف الصهيوني؟
نشر في التغيير يوم 25 - 09 - 2012

لا خلاف على أن عملية التسوية قد وصلت إلى طريق مسدود، إسرائيل ترفض الوفاء بالمتطلبات الأساسية لتسوية الصراع سلمياً، وهي ترفض حتى مجرد الوصول لحلول وسط بشأن قضايا الرئيسة، مثل القدس، اللاجئين، وغيره. وفي الوقت ذاته تواصل الاستيطان والتهويد والقمع. تعاظم الاستيطان منذ التوقيع على أوسلو بأكثر من 60%، ومعظم البنى التحتية المرتبطة بالاستيطان دشنت بعد التوقيع.
في الحقيقة لا يمكن بناء تصور إزاء مستقبل التسوية في المنطقة بالنسبة لإسرائيل بدون محاولة رصد العوامل التي تؤثر في إتجاهات إسرائيل إزاء التسوية
عوامل داخلية
أولاً: القيود التي تفرضها العقيدة الأمنية الإسرائيلية التي هي محور إجماع بين مركبات الطيف السياسي والحزبي الإسرائيلي تؤكد على أن إسرائيل لا يمكنها الاستغناء عن العمق الإستراتيجي التي تمثله الضفة الغربية، والذي يحمي – حسب الرؤية الإسرائيلية – حواضر الساحل في الكيان الصهيوني: تل أبيب والمدن الأخرى التي تضم التجمعات السكانية والصناعية الكبرى.
ثانياً: لقد أدت العقيدة الأمنية التي تمثل اجماعاً للأحزاب الصهيونية يمينية ويسارية عملياً إلى تآكل الفروق الأيدلوجية بين الطرفين. فعلى سبيل المثال حزب العمل يرى أن أية تسوية سياسية للصراع يجب أن تضمن احتفاظ إسرائيل بمنطقة غور الأردن والتجمعات الاستيطانية الكبيرة وما يسمى بالقدس الكبرى، وهذه المناطق جميعاً تشكل حوالي 45% من مساحة الضفة الغربية. إلى جانب رفض الحزب حق العودة ومنح أي من مقومات السيادة لأي كيان فلسطيني يتشكل بعد التسوية. وهذا يعني أن الحد الأقصى من التنازلات الإسرائيلية لا يلتقى مع الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية.
ثالثاً: التحولات الديموغرافية والإثنية والطبقية في إسرائيل: لقد خدمت هذه التحولات بشكل واضح اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل. فقد تعاظم الثقل الديموغرافي للمتدينين في المجتمع الإسرائيلي بسبب الزيادة في نسبة الولادات؛ بالإضافة إلى زيادة ثقل القطاعات الإثنية التي تتضامن بشكل تقليدي مع أطروحات اليمين، مثل المهاجرين الجدد من الدول التي كانت تشكل الاتحاد السوفياتي، الذين يشكلون لوحدهم 20% من نسبة المستوطنين. وفي الوقت ذاته، فقد تحولت معظم أصوات أبناء الطبقة الوسطى من يسار الوسط واليسار الصهيوني ليمين الوسط، لأن هؤلاء قبلوا نظرية انعدام وجود الشريك الفلسطيني "، التي روج لها إيهود براك بعد فشل مؤتمر كامب ديفيد، عام 1999. عملياً لقد اصبح التمايز النظري بين الفريقين في السياسات الاقتصادية الاجتماعية، وهو تمايز نظري وغير حقيقي.
رابعاً: الأوضاع الاقتصادية: الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها إسرائيل وارتفاع أسعار السكن تحديداً في المدن الكبرى دفع الكثير من الأزواج الشابة للتوجه للاقامة في المستوطنات، حيث يتم امتلاك الشقق السكنية في ظروف ميسرة جداً، علاوة على تمتع هؤلاء بحوافز اقتصادية تقدمها الحكومات الإسرائيلية. ونظراً لأن التحسن في ظروف حياة هؤلاء ارتبط بالانتقال للمستوطنات المقاومة على الأراضي التي احتلت عام 1967، فإنهم يرفضون أي تسوية يمكن أن تهدد بقاء التحسن في ظروف حياتهم.
رابعاً: إعادة صياغة النخبة في إسرائيل، وعلى وجه الخصوص النخبة الأمنية، والنخبة الإعلامية بشكل يخدم خطاب اليمين الصهيوني ومواقفه من التسوية. في العقدين الاخيرين كثف المتدينون القوميون من اختراقهم للجيش، فعلى سبيل المثال، أصبحت نسبة الضباط من التيار الديني القومي تمثل 60% من الضباط، وهي نسبة تفوق اربعة اضعاف نسبتهم في المجتمع. وإذا عرفنا أن الجيش هو المسؤول عن تقديم التقديرات الاستراتيجية المهنية، التي على أساسها يتم اتخاذ القرار السياسي، إلى جانب أن هؤلاء الجنرالات يصبحون بعد تقاعدهم النجوم التي تتنافس الأحزاب على استمالتها. وما ينطبق على النخبة الأمنية ينطبق على النخبة الإعلامية، حيث أن رجال الأعمال المتضامنين مع اليمين أصبحوا يديرون أهم وسائل الإعلام في إسرائيل.
عوامل خارجية
ثانياً: ثورات الربيع العربي. أثرت ثورات الربيع العربي على التعاطي الإسرائيلي للتسوية في مستويين:
1- منح صدقية لدعاوي اليمين الإسرائيلي ضد التسوية، حيث أن اليمين الإسرائيلي رأي في الإطاحة بالأنظمة العربية الاستبدادية وصعود الإسلاميين دليل على صدقية مواقفه الرافضة للانسحاب من الأراضي المحتلة مقابل تسويات سياسية، بزعم أن إسرائيل لا يمكنها التفريط في أوراقها الاستراتيجية مقابل تسويات مع أنظمة غير مضمونة الاستقرار. فعلى سبيل المثال، هناك حالة من الرضا التام لأن المحاولات للتوصل لتسوية سياسية للصراع مع سوريا لم تنجح على الرغم من انها كانت قاب قوسين أو أدنى.
2- ولقد ارتأت النخب الحاكمة في تل أبيب أن الثورات العربية تفرض على إسرائيل إعادة بلورة سلم أولوياتها من جديد، بحيث يتم منح أفضلية للسعي لتعزيز القوة العسكرية، وما يتطلبه ذلك من زيادة موازنة الأمن على حساب الموازنات الأخرى، وإعادة بناء الجيش وإعادة الاعتبار لقيادة المنطقة الجنوبية، التي يفترض أن تتحمل عبء أية مواجهة عسكرية على الحدود مع مصر مستقبلاً، وتبني سياسات تفشفية على الصعيد الاقتصادي تسمح للدولة بالوفاء بهذه المتطلبات.
ثالثاً: الانقسام الفلسطيني المعيب أضعف الموقف الفلسطيني ومكن إسرائيل من المناورة وتسويغ عدم استعدادها للوفاء بمتطلبات التسوية، بالقول أن التوقيع على تسوية مع الرئيس عباس مخاطرة لانه لا يمثل كل الفلسطينيين، وقد عبر عن هذا الموقف بشكل واضح وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان. وفي الوقت ذاته، فإن سلوك الفلسطيني المقاوم يمنح إسرائيل الفرصة بحرف اتجاه العالم عن أصل القضية، عبر استغلالها عمليات إطلاق القذائف الصاروخية على المستوطنات اليهودية.
ثالثاً: السلوك الدولي: يشجع السلوك الأوروبي والأمريكي إسرائيل على مواصلة خط التطرفن فهي تدرك أنها لن تدفع عملياً ثمن مقابل موقفها من تسوية الصراع. فالرئيس أوباما تراجع عن كل ما عرضه في الخطاب في جامعة القاهرة، بل أنه مؤخراً – ويا للمفارقة –بات يحمل عباس المسؤولية عن الجمود في عملية التسوية. وما ينطبق على الولايات المتحدة ينطبق على الأوروبيين. فمؤخراً الاتحاد الأوروبي وافق على توسيع دائرة التعاون الاقتصادي والدبلوماسي مع إسرائيل في ستين مجالاً. فعملياً الاتحاد الأوروبي يكافئ إسرائيل على تطرفها، وهذا لا يضمن أن تغير إسرائيل من سلوكها.
وقد أدى هذا الواقع إلى:
أولا: حرص إسرائيل على إرساء حقائق على الأرض جعلت من فرص التوصل لتسوية سياسية للصراع ضرباً من ضروب المستحيل، وذلك من خلال التوسع في بناء المستوطنات المقاومة على الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، والتي يفترض أن يحسم مصيرها في المفاوضات.
ثانياً: واصلت حكومة اليمين في إسرائيل خلال عام 2011 التشبث بمواقفها التقليدية من الصراع والتي لا يمكن على أساسها التوصل لتسوية سياسية مع أي طرف عربي. فخارطة التسوية التي توافق عليها إسرائيل من أجل تسوية الصراع مع الفلسطينيين تقوم على احتفاظ إسرائيل بحوالي 70% من مساحة الضفة الغربية، إلى جانب عدم الاستعداد لطرح مصير مدينة القدس المحتلة على طاولة التفاوض على اعتبار أنها يتوجب أن تبقى " عاصمة إسرائيل الأبدية الموحدة "، حسب المنطق الإسرائيلي.
خلاصة
مما تقدم يتبين بشكل واضح وجلي أنه في ظل الأوضاع القائمة، وفي حال لم يحدث فإن فرص التوصل لتسوية سياسية للصراع تؤول للصفر.
------------------------------------------------------------------------
* المقال ملخص المحاضرة التي ألقاها الدكتور صالح النعامي في "حوار باريس الثالث"، الذي نظمه مركز الدراسات الأوروبية العربية في باريس في 18-9-2012.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.