مشكلة هذا الدين أنه لا يُضيره المنافقون أبدا، بقدر الضرر الذي يلحقه على يد المخلصين السُذّج! لقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن التعرُّض للمنافقين، فإنما شأنهم أقلّ من أن يكترث له. لكن الإمام عليّا (كرم الله وجهه) قد عانى الأمرّين مع المخلصين السُذّج الذين جَسّدهم الخوارج. عانى في مناظرتهم ومحاججتهم. بل إن هؤلاء السُذج الذي وصفهم الإمام بأنهم «من الكفر فرّوا» قد كفّروه، وهو من هو في الإسلام والصحبة والجهاد! فما أهميّة هذا الكلام الآن؟! إن القاسم الأعظم ممن خرجوا بنيّة نُصرة النبيّ (ص) هُم مُخلصون حتماً، ولا يُمكن اعتبارهم منافقين. لكن هل هُم على الحق؟ وهل بيدهم فعلاً نُصرة النبي أم هو محض تفريغ للكبت؟ وهل هذه معركة أصلاً؟ إن النيّة الحسنة ليست هي وحدة قياس الأثر الاجتماعي لعملٍ ما، وإنما النية موكولة لمن هو أعلم بها، فإن شاء غفر، وإن شاء غير ذلك- والعياذ بالله- وقد يجزي الله الخير على النوايا التي يعلمها ويغفر سوء العمل. أما الأثر الاجتماعي الذي تنبني عليه الأحكام الشرعيّة، فلا يتعلّق بالنيّة، بل بالعمل ذاته. وقد تُعاقب الدولة الإسلامية شخصاً على عمل سوء في حق الجماعة، ويغفره الله له بنيّته وتوبته. خلاصة القضيّة أني أحمل على أتباع كُل ناعق لأنهم مخلصون، وليس لأنهم منافقون! إن كان الغرض لا يزال غير مفهوم، فإليك هذه القصّة قد تبين مقصدي: كان علي شريعتي في مجلس ضم آية الله محمود الطالقاني أحد آباء الثورة، والمفكر والأديب جلال آل أحمد. وكان جلال عاتباً على شريعتي شدّة نقده لعلماء الحوزة، فقال له: هيا، أرنا كيف ستنتقد الأساتذة الجامعيين والمثقفين العلمانيين، فأجاب شريعتي: لا أرب لي بانتقادهم، وإنما أنتقد أهل الحوزة لظني بهم الخير وتوسّمي فيهم قيادة الأمة، أما من ذكرتهم فلا أعلق عليهم الآمال أصلا! والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل.