"نحن نشجع حرية الرأي، وندافع عن حق كل شخص في التعبير عن وجهات نظره الخاصة، لكننا لا نسمح بأي كلام يحض على الكراهية (الكلام الذي يٌقصد به مهاجمة أفراد جماعة ما أو الحطّ من قدرهم على أساس العِرق أو الأصل العرقي، والدين، والإعاقة، والجنس، والسن، والخبرة المهنية، والميول الجنسي/الهوية الجنسية)، تلك الإرشادة من قواعد الذوق العام التي نشرها منتدى يوتيوب للحيولة دون وقع المشاكل. يبدو من الوهلة الأولى أن القاعدة صارمة محددة قاطعة لاسيما فيما يخص مسألة الدين كما هو مذكور آنفاً، وهذا القواعد ليس من تأليفنا بل ما قضت به يوتيوب ومنتداها وأقرته لنفسها منهاجاً ودستوراً، غير أن ما يحدث على الموائد المستديرة وبين صناع القرار يختلف عما هو مكتوب ومدون للعامة، فالأمر برمته شبكة من المصالح والتداخلات العنكبوتية بين رواده. مبادئ متضاربة فالكل في العالم سمع بالفيلم المسيء للرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، إن لم يكن رأوه، والكل أقر بإدانته واستنكاره مسلمون ومسيحيون وحتى اليهود أنفسهم، ومع هذا نجد "ميوعة" كبيرة في تطبيق الإرشادة المتعلقة بيوتيوب تلك المنتدى المملوك كلية لجوجل، وما أدراك ما جوجل، فهل لا تستطيع أن تقوم بإزالة ذلك الفيلم الخبيث بمحتواه الفاسد الذي يحض على الكراهية والحط من القدر وتسبب في كوارث وليس مشاكل، غير أن المسئولين اكتفوا ببيان توضيحي هزيل، أقل ما يقال عنه، أغلب تصريحاته عشوائية لا ترقى للمصداقية الفعلية، وهذا ماجاء فيه تعمل "جوجل" بكل جهد على تطوير منصة يوتيوب" باستمرار لتصبح منصة متكاملة تتيح لجميع مستخدمينا من كافة التوجهات التفاعل معها والتعبير عن آرائهم بكل حرية. وكثيراً ما يمثل هذا الوضع تحدياً كبيراً لنا، نظراً لاختلاف الثقافات وتنوعها حول العالم، لأن ما يعتبر مقبولاً في بلد ما أو ثقافة ما قد يكون مرفوضاً في بلد آخر وثقافة أخرى، إن هذا الفيديو المتاح على شبكة الإنترنت لا يخالف سياسات وإرشادات موقعنا، بما لا يسمح لنا حذفه من منصة "يوتيوب" ولكن نظراً للموقف العصيب في ليبيا ومصر، فقد تم تقييد الوصول إليه مؤقتاً في البلدين، قلوبنا ودعواتنا مع عائلات ضحايا الإعتداء الذي وقع في ليبيا". هذا قولهم بأفواههم :"الفيلم المسيء لا يخالف سياسات وإرشادات الموقع، لأن ما يعتبر مقبولا في بلد ما أو ثقافة ما قد يكون مرفوضا في بلد آخر وثقافة أخرى، لكن كيف الحال إذا تسبب هذا المحتوى كريه الرائحة في إثارة الفتنة بين أقوام وتأجيج نار العداء بين طوائفه تحت حجة الإبداع، أي إبداع هذا الذي يقوم ببث الكراهية والنفث في نيران الحرب وتهييج الموطنين، والتسبب في مصرع من لا ذنب لهم". وخرجت علينا إحدى مسؤولي شركة جوجل في مصر والشرق الأوسط تؤكد لنا أن الفيلم المسيء قد تم تقييده في مصر وليبيا، مؤكدة أن هذا الإجراء جاء من تلقاء الشركة وليس بتدخل رسمي من حكومات تلك الدول، باستثناء الهند واندونيسيا وأفغانستان اللاتي طالبت حكوماتهن رسمياً بوقف عرض الفيلم، لكن الفيلم لا يزال يُعرض في مصر ومقاطعه منتشرة وبالبحث عنه تجده، وهو ما أكده مسؤول جوجل مصر وائل الفخراني، بقوله :"إن حجب الفيلم المسيء ليس مسئولينا بل يخص جوجل العالمية، بيقذفونا لبعض، على طريقة المكاتب الحكومية، بالتزامن مع رفض شركة جوجل العالمية لطلب أمريكي بإعادة النظر في قرارها بالإبقاء على مقطع الفيلم المسيء للرسول الكريم، برغم رسائل الملايين حول العالم بوقف عرض الفيلم، وتأكيدات يوتيوب نحن نراجع مقاطع الفيديو التي تم الإبلاغ عنها كغير لائقة". غضب إسلامي وانطلقت التظاهرات في العالم العربي والإسلامي تندد بالفيلم المسيء ، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، ليلقى السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفنس وثلاثة من مساعديه مصرعهم على يد جماعة، لا يعرف ماهيتها حتى الآن، وتشتت دمائهم بين القبائل، بسبب الكراهية والعداء التي لاتقر بوجودها في الفيلم جوجل حتى الآن، لتبدي صمتا لا يغتفر لما يحدث من توترات في العالم بسبب محتوى قادرة على إزالته بالكامل من منتداها يوتيوب، وهو ما قد يطفيء نار الحرب التي أوقدها ثلة من المجرمين عدونا وظلما. والأحوال في مصر ليست بأحسن حالاً من سابقتها فمنذ عرض الفيلم حتى الآن لا تزال الاشتباكات دائرة بين المتظاهرين الرافضين للفيلم المسيء للرسول وبين قوات الأمن عند مبنى السفارة الأمريكية بالقاهرة، الأمر الذي تسبب في مقتل مواطن مصري جراء هذه الاشتباكات، وإهدار دماء موريس صادق أحد المشاركين في إنتاج الفيلم الرذيل، وليس الوضع في اليمن بالأفضل حيث خرجت المظاهرات والاحتجاجات التي تطالب بوقف عرض الفيلم، وأحاطوا بالسفارة الأمريكية بصنعاء في محاولة لاقتحامها، الأمر الذي دفع واشنطن لإرسال فرق المارينز لتأمين منشآتها وهيئاتها الدبلوماسية في المنطقة. ناهيك عن قيام الكثير من نشطاء الإنترنت والهاكرز المسلمين بإعلان "الجهاد الالكتروني" للرد على الفيلم المسيء للرسول، الذي أثار موجه احتجاجات واسعة أمام السفارات الأمريكية في عدد من الدول العربية، باختراق المواقع الأمريكية وتعطيلها، حيث قام هاكرز مصري باختراق 50 موقعاً من بينهم بعض المواقع الحكومية الأمريكي، فضلاً عن اختراق أكبر موقع للتسوق الإلكتروني في هولندا وضع عليه عبارة "إلا رسول الله"، فضلاً عن دعوات تنظيم القاعدة إلى قتل السفراء الأمريكيين لدى الدول العربية والإسلامية. كل هذا، وهناك المزيد والمزيد، وتعتقد جوجل بأن الفيلم المسيء لا يحتوى على مخالفات لإرشادات منتدى يوتيوب متعلقة بالحض على الكراهية والعداء، الأمر الذي لا يستوجب معه حذف الفيلم بالكامل. تسييس جوجل ويربأ المراقبون بجوجل أن تكون أداة ومطية لدى بعض الساسة في العالم لاستخدامها كوسيلة للدعاية الرخيصة بين المرشحين في الانتخابات الأمريكية، بغية إحراج الديمقراطيين بزعامة باراك اوباما بعد تصريحاته التي أبدى فيها تعاطفاً مع المسلمين ضد الفيلم، وهو ما استغله مرشح الجمهوريين ميت رومني، ليشن حربا على أوباما وينتقد تصريحاته لاسيما بعد مقتل السفير الأمريكي في ليبيا، متهما إياه بالتهاون لاسيما وأن أمريكا قدمت الكثير لليبيين في معركة تحريرهم من القذافي، وفي المقابل دعا المجلس المحلي ببنغازي كافة الثوار والكتائب الليبية إلى الاستعداد والتصدي لأي سفن تحاول الاقتراب من الشواطيء الليبية، وأبلغ رئاسة الأركان إعلان حالة الطوارئ خلال ال 48 ساعة القادمة، وحمل الحكومة الانتقالية المسئولية كاملة في الحفاظ على الوطن وحماية أمن المواطن الليبي، واستنكر المجلس تصريحات بعض المسئولين الأمريكيين بشأن إرسال قوات مارينز إلى المدن الليبية الشرقية، معتبرين ذلك تعدياً على سيادة الأرض الليبية، والاستعداد لطرد أي مستعمر يحاول تدنيس أراضيهم تحت أي ذريعة أو مسمي. تتعالى الصيحات حالياً بضرورة بأن يكون للمسلمين محرك بحثي خاص بهم منافس لجوجل، لاسيما وأن جوجل تعتبر اعتراض مئات الملايين من المسلمين على الفيلم المسيء ليس كافيًا لحذفه من يوتيوب، وترفض طلب البيت الأبيض بحذف مقاطع منه، هل لو كان الفيلم يمس الكيان الصهيوني ويكذب من محارق الهولوكوست أو لو كان معاديا للسامية لالتزمت جوجل الصمت أيضا؟.