إذا كانت هيكلية نظام ما تشبه بنية الاستعمار الداخلي، واذا كانت مماراساته تحاكي ممارسات استعمار داخلي كأن يقصف مدنه بالطائرات ويتعامل مع ثقافة شعبه تعامل المستشرقين، فيبدو أنه استعمار داخلي، وينطبق عليه حق الشعوب في مقاومة الاحتلال... هذا بغض النظر عن رداءة خصوم هذا النظام الدوليين، وهم سيّئون فعلا، وهذا لا يغير من طبيعة معركة هذا الشعب العادلة في مقابل جرائم ضد الإنسانية يرتكبها الاستعمار الداخلي، أما المدافعين عن (بغض النظر عن كل الهذر والنظريات بعشر قروش، وبغض النظر عن التحريض والأكاذيب التي ينشرونها ضد الآخرين للتمكن من مناقشتهم والتحريض عليهم) فهم في هذا السياق شركاء في الجريمة، وفي دعم الاستعمار الداخلي. ولا شيء، لا شيء يغسلهم من هذا الدم.لا شيء يغسلهم من اتهام "إرهاب" المعارضة بجريمة قصف المدن بالطائرات، لا شيء في الدنيا يغسلهم من هذا السقوط الأخلاقي والسياسي المريع، تماما كحال من دافعوا عن قصف الاستعمار للمدن بالطائرات بحجة وجود ارهابيين، هذا مع ان النظام الفاشي الذي نتكلم عنه هنا يقصف مدنه وشعبه. إن تعيير الشعب الذي يعاني من نظام الاستعمار الداخلي بخصوم هذا النظام السيئين كحلفاء موضوعيين لهذا الشعب، لا يقلل من عدالة قضيته ومن حجم جرائم النظام ضد الإنسانية مثل قصف المدن بالطائرات. لم يناضل شعب في التاريخ هذه المدة الطويلة بهذا الدعم الضئيل وبكثافة القصف هذه بالقنابل وبالشعارات ومزايدات المزايدين باللغو الفارغ كأنهم كانوا يناضلون ضد إسرائيل وينظمون عمليات مقاومة حين نشبت الثورة السورية، وقد كانوا يتكلمون كما يتكلمون الآن حين قصفت غزة. أما النظام السوري فلم يقصف سوى شعبه. ولم يتعامل العالم في اي مكان بهذه اللامبالاة مع قصف نظام لشعبه بالطائرات. يكتب هذا الكلام من ما زال يميز بين من صنع سلاما مع اسرائيل ومن لم يصنع وبين من استسلم ومن قاوم، ومن تضامن مع غزة ومن تآمر عليها، فهذا موقف وليس مزاجا يتغير بسبب المحرضين الذين يستخدمون قضية فلسطين كأداة. ولكنه الآن يميّز بقسوة بين من يدافع عن قصف نظام لشعبه بالطائرات ومن يقف مع الشعب المظلوم، ولا يترك هذا الشعب المظلوم، المظلوم جدا، لخصوم النظام السيئين وحدهم. لا شيء يغسل عار من برر للنظام قصف داريا، وبلدات ريف دمشق كلها حاليا، ومدن بلاد الشام طيلة الأشهر الأخيرة، لا شيء.