تطلق الشعارات بعد أن تصاغ صياغة دقيقة معبرة بأقل عدد من الكلمات وأوفر قسط من المعاني، فإذا قيل أن "الإسلام هو الحل" مثلا فهي عبارة مختصرة يستطيع الصغار والكبار أن يحفظوها ويرددوها بسهولة بالغة، وذلك شأن الشعار وما يُبتغى منه، وهذه الشعارات يجعلها أصحابها بحيث لا تتيسر مناقشتها، فهي ما أطلقت لتناقش بل لتحفظ وتردد كما هي وحين تخضع للنقاش فقد تتفكك، فلو قيل لصاحب الشعار ما الذي تقصده، أتقصد أنَّ المسلمين وتسلمهم السلطة هو الحل؟ أم تقصد الفقه الإسلاميّ والتراث الإسلاميّ إذا اتخذ مرجعيَّة فسيجد الناس فيه حلولًا لأزمات عصورهم ومشكلاتها السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة والتربويَّة والتعليميَّة؟ قد يقال إنَّ تراثنا قد أُعد لزمن غير زماننا، ولمعالجة مشكلات غير مشكلاتنا، فأن نأخذ منه عبر أو دروس ذلك ممكن، لكن أن نأخذه كما هو لنطبقه بحرفيَّته على وقائع قد تغيَّرت في أشكالها وحقائقها وعناصرها وأركانها تغيرًا تامًا فذلك لن يعالج هذه الأزمات المعاصرة المغايرة في النوع والكم. وإذا قيل إنَّ المراد أن نستند إلى مرجعيَّة الكتاب والسنَّة فذلك يقتضي إعادة بناء العلاقة مع الكتاب والسنَّة بناءً صحيًّا سليمًا خاليًا من المشكلات، بحيث نهتدي بالقرآن الكريم وبالمنهج النبوي باتباعه وتطبيقه اهتداءً سليمًا يؤدي إلى تقديم الهداية والنور والموعظة اللازمة، ونحن نصوغ لأزماتنا ومشكلاتنا الحلول، ويمكن أن نسترسل كثيرًا في هذا الجانب. في هذه الحالة سيخرج الشعار عن كونه شعارًا إلى أن يكون مجرد عنوان لموضوع متشعب ذي وجوه عديدة، كما أنَّ صياغته بهذا الشكل فيها إحراج لمن يختلف مع أصحاب الشعار بأي نوع من أنواع الاختلاف في الأجزاء أو في الإطار الكليّ. فتأمل!