قناعتي الراسخة أن الخطأ ليس من طبيعة الإنسان فقط، ولكنه حق له. فالخطأ للإنسان حق لا يملك أن يسلبه منه أحد. والأمثلة على رفض الخطأ من الإنسان في حياتنا كثيرة: 1 - الأب في عقابه لأبنائه، والكلمة الشهيرة، ممنوع تغلط. 2 - الزوج أو الزوجة مع بعضهما، وكأنهما يظنان بعضهما من الملائكة. 3 - رؤية الناس لبعض المتدينيين أنهم كائنات مختلفة غير مسموح لها بالخطأ. 4 - نظرتنا للصحابة، عند نقد بعض أخطائهم، وكأنهم بشر لايجوز في حقهم الخطأ. 5 - رموزنا عموما في أي مجال، لا نقبل أن نراها مخظئة تحت أي ظرف. هذا غيض من فيض، والأمثلة كثيرة، إنما قصدت الإشارة لنماذج فقط دون الحصر. عجبتني قوي كلمات للشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، بيقول فيها: «كل اللي عايشين م البشر، من حقهم يقفوا ويكملوا، يمشوا ويتكعبلوا، ويتوهوا أو يوصلوا، وإذا كنا مش قادرين نكون زيهم نتأمل الأحوال .. ونوزن الأفعال يمكن إذا صدقنا .. نمشي في صفهم» وكان من دعاء بعض الصالحين: «اللهم إن تقصيري ليس من قبيل تجرئى عليك ولا استهانة بك، ولا استصغارا لذنب في حقك، ولكنه الشيظان الذي ينسيني، والهوى الذي يغويني، والنفس التى تشغلنى بغيرك عنك، فلا تؤاخذنى بذنبى، واغفر لي زلاتي، وعاملنى بحسن ظنى بك، فإنك أنت الله ربي الغفور الرحيم». وهنا يبين النبي صلوات الله سلامه عليه، في حديث رائع المعنى، يفتح به مجالا كبيرا، وسعة عظيمة لكل الناس: عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ». وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة جل وعلا، قال: «أذنب عبد ذنبا، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى، أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك» متفق عليه. أي مادام على حاله هذا، من الذنب ثم التوبة، بلا إصرار، ولا استهانة، فأنا على حالي من المغفرة والتوبة. وأختم بقوله تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (الزمر: 53).