لي رأي في السعودية من زمن سأقوله وأمري لله .. ومتقبل كل الردود والتعليقات والانتقادات. فأنا لا أرى في السعودية نظاما استبداديا أبداً بالمعنى المعروف للاستبداد، وإنما أراه فقط نظاما أبويا وصائيا، يتعامل مع مواطنيه بمنطق الأب الوصي، وليس بمنطق الحاكم الدكتاتور. وتاريخ السعودية الحديث يشير لهذا (باستثناء فترة ما بعد تفجيرات 2003 وشرق الرياض ومجمع المحيا والوشم .. حينها بدأ الملف يتلقى معاملة بشكل آخر وظهرت قضية المعتقلين والتعذيب .. ولا زالت للآن). لكن بالمجمل، لم تكن المملكة تعامل رعاياها أبداً بنوع من العنف، وكان مجال العمل العام مفتوحا في المملكة، لدرجة أن حركة الصحوة وجماعات الإخوان الأربعة العاملة حتى بداية التسعينات كانت تتحرك بأريحية تامة من أول تأسيس التنظيمات وبناء المؤسسات والكيانات .. وحتى إقامة المظاهرات السياسية المطالبة بالملكية الدستورية! وهذه الأخيرة أعلى سقف يمكن الوصول إليه في ظل المملكة، وهو يماثل إسقاط النظام في مصر مثلاً. وأظن أن كلام حسن البنا عن المملكة كان مصيباً جداً لأبعد الحدود وأعمقها! ، بخلاف كلامه عن باكستان مثلاً ورؤيته لها! المهم .. أرى أنه ينبغي أن تستمر العلاقة الرسمية والشعبية مع المملكة وأن ندعمها بقوة .. وكنت معترضا بشدة على الطريقة التي تعامل بها الثوار المصريون مع قضية أحمد الجيزاوي فيما يتعلق بطريقة احتجاجهم على ما حدث له! كذلك أرى أن المملكة العربية السعودية هي الممكن التاريخي الوحيد في تاريخ الجزيرة العربية الحديث والمعاصر من حيث بقاء الشطر الأعظم من الجزيرة موحدا، وإلا تحولت لأكشاك الخليج! بيد أنه ينبغي المطالبة بمطالب إصلاحية واسعة وتوسعات تتناسب مع مستوى ما يطلبه المجتمع السعودي (أغلب السعوديين لا يوافقوا على مبدأي الانتخابات والديمقراطية، لكنهم يعانون من الفساد الاقتصادي والإداري والمؤسسي ويعانون—خاصة المثقفين بينهم—من غياب الحريات العامة في العقد الأخير! هذا رأيي باختصار شديد وربما مخل جداً، بمناسبة زيارة الرئيس المصري للمملكة، وبمناسبة أنني قضيت أجمل سنوات عمري في الرياض (95-96) وكان سني عندئذ خمس سنين، لكنني اذكر تقريبا كل شيء بأدق التفاصيل! حيث جاورت نوعا راقيا جداً من البشر، لم أر مثلهم كثيراً.