أكد الدكتور فؤاد المغربي المفكر الفلسطيني المعروف والمحاضر في الجامعات الأميركية على أن هناك ما يشبه «عودة الوعي» في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث تغير موقف الرأي العام الأميركي بصورة جوهرية عما كان عليه الأمر خلال السنوات الطويلة الماضية، كما أن هناك تغيرا في السياسة الأمريكية وإن لم يمس بالثوابت الأمريكية المعروفة. وتناول المغربي مظاهر التغيير بقوله: لقد برز هذا التغيير بشكل واضح من خلال العودة إلى ما كان عليه الوضع في أوائل الثمانينيات باعتبار أن القضية الفلسطينية تؤثر بشكل مباشر على القضايا الأخرى بالمنطقة، حيث أن عدم حل القضية الفلسطينية بات يهدد المصالح الحيوية والأمنية للولايات المتحدةالأمريكية .وأضاف: في هذا السياق نستطيع أن نفسر تصريحات ديفيد بترايوس قائد المنطقة الوسطى في الجيوش الأمريكية حول ضرورة أن توضع فلسطين وإسرائيل تحت مظلة قيادته وأن حياة الجنود الأمريكيين مهددة بسبب عدم حل الصراع في المنطقة، وتصريحات هيلين توماس عميدة المراسلين في البيت الأبيض التي طالبت اليهود بالعودة إلى ألمانيا وأمريكا وبولندا، وترك فلسطين لأصحابها الأصليين. وتابع المغربي بأن هناك قضية ساعدت على حدوث التغيير، وهي الإدراك المتزايد بأن هناك حدودا لاستخدام القوة العسكرية بالسياسة الخارجية، وأن الأحادية والحروب الاستباقية، مثلما كان الأمر في عهد إدارة جورج بوش الابن، لم تعد ممكنة ولا مجدية. وساعد أيضا على إحداث التغيير في الرأي العام الأمريكي وحتى في السياسة الأمريكية أن مكانه وقوة وتأثير الولاياتالمتحدةالأمريكية على الصعيد العالمي بدأت في الهبوط تأكيدا للمسار التاريخي، الذي يوضح أن قيادة العالم لم تدم ولن تدوم لقوة واحدة أو دولة واحدة. وأضاف أن النكسة الاقتصادية التي ضربت اقتصاد الولاياتالمتحدةالأمريكية والاقتصاد العالمي، والتي لا تزال أثارها موجودة، أعطت مؤشرا على تراجع قوة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وحذر المغربي من عدم التمييز ما بين التغييرات التي حدثت في الرأي العام الأميركي وهي جوهرية، وبين تلك التي حدثت في مصادر صنع القرار وفي القرار الأمريكي نفسه، حيث لا تزال تحكمه الثوابت الأمريكية المعروفة، والتغير الذي حدث في القرار الأمريكي يتعلق بالرمز والشكل ولم يمس الجوهر. لذلك حذر المغربي من الاعتقاد بأن التغيير في الولاياتالمتحدةالأمريكية يمكن أن يحدث نتيجة تأثير الرأي العام الأمريكي، خصوصا بالنسبة للقضية الفلسطينية، بل أن هذا التغيير مرهون بوجود عوامل وضغوط تؤثر على المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. فإذا لم تشعر الإدارة الأمريكية بوجود ما يهدد مصالحها، وأنها أصبحت تدفع ثمن تأييد إسرائيل أكثر من الفوائد التي تعود عليها في المنطقة، لا يمكن أن تغير سياستها وتنتقل للضغط على إسرائيل. وأضاف المغربي، أن المنطقة العربية تعيش خارج التاريخ، ولا يوجد مشروع عربي أو دور عربي فاعل قادر على إحداث تأثير جدي على المصالح وبالتالي على السياسة الأمريكية. وفي ظل هذا الوضع أكد على أن باراك أوباما لو كان مثل الأم تيريزا، لن يستطيع أن يقدم سياسة أمريكية مختلفة تنصف الفلسطينيين والعرب.حتى لو اتخذ قرارات إيجابية لصالح الفلسطينيين لن يستطيع أن يمررها. فلا يمكن أن يكون فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين، ولا ملكيا أكثر من الملك. وتناول المغربي في الاجتماع جملة من المسائل الهامة،مثل السياسة الفلسطينية وغياب سياسة فلسطينية قادرة على التأثير في ظل وصول المشروع الفلسطيني الى طريق مسدود، وعدم التوجه الى المؤثرين على القرار في الولاياتالمتحدةالأمريكية مثلما تفعل إسرائيل واللوبي المؤيد لها في الولاياتالمتحدةالأمريكية . فالسياسة الخارجية الأمريكية يمكن التأثير عليها من خلال التأثير على العناصر المؤثرة عليها محليا. وأشار المغربي إلى أن الخطاب الفلسطيني الذي يصدر من الضفة وغزة لا علاقة له بالواقع ولا يؤثر جديا،ونوه إلى تنامي ظاهرة إعادة إنتاج الهوية الفلسطينية من خلال أشكال وأدوات خارج السياسة من خلال الفن والثقافة والمجتمع والاقتصاد، والتي أدت الى تغييرات كبيرة في الرأي العام العالمي والأمريكي، وركز على أهمية المقاطعة السياسية والاقتصادية والثقافية لإسرائيل، وعلى أهمية المطالبة بإنزال عقوبات دولية على إسرائيل. واختلف المغربي مع الآراء التي تنقسم بين من يقول: بأن اللوبي المؤيد لإسرائيل والذي يشمل الحركة الصهيونية والمحافظون الجدد وغيرهم هو الذي يقف وراء السياسة الأمريكية المؤيدة لإسرائيل. أو أن المصالح الأميركية هي التي تتطلب الانحياز لإسرائيل. وأكد على أن هناك مصالح أميركية منفصلة عن تأثير اللوبي المؤيد لإسرائيل، كما أن هناك في الوقت نفسه تأثيرا كبيرا لهذا اللوبي ولا يمكن رؤية عامل وإغفال العامل الأخر، فكلا العاملين يؤثران بشدة على السياسة الأميركية.