هجمات أوكرانية تقطع الكهرباء عن مناطق تحت سيطرة روسيا    العقوبة المتوقعة على العامل الذي أشهر سلاحا أبيض في وجه زبائن المطعم بمدينة نصر    مديرية الطب البيطري بالوادي الجديد تطرح لحومًا بلدية ب280 جنيها للكيلو    صرف 11 مليون جنيه منحة ل 7359 عامل في الوادي الجديد    زلزال بقوة 6.2 ريختر يضرب الحدود التركية.. والمصريون يشعرون به للمرة الثالثة في شهر    زلزال بقوة 6.6 على مقياس ريختر يضرب جزيرة رودس اليونانية    الحوثيون يقصفون دولة الاحتلال.. مستوطنون في الملاجئ وتعليق الطيران    لقطات من حفل زفاف سيد نيمار لاعب الزمالك    مروان عطية: لم نعرف بقرار الإدارة قبل مباراة الزمالك بساعة ونصف.. وألعب مصابا    الدولار ب49.64 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 3-6-2025    قرارات عاجلة من وزير التعليم قبل بدء العام الدراسي الجديد 2026 (تفاصيل)    تعليم الوادي الجديد: 1400 طالب مستفيد يوميًا من المراجعات بالمساجد    تامر حسني يرد على إمكانية عمل ديو مع عمرو دياب (فيديو)    دعاء الزلزال.. «الإفتاء» تنصح المواطنين بترديد هذه الأدعية في أوقات الكرب    طقس معتدل والعظمى في القاهرة 31.. حالة الطقس اليوم    مروان عطية: جوميز طلب انضمامي للفتح السعودي.. وهذا قراري    الكشف عن حكام نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز    الجارديان: استهداف المدارس المستخدمة كملاجئ في غزة "جزء من استراتيجية قصف متعمدة"    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية بكوريا الجنوبية    ترامب: لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم في إيران    وسط تحذيرات صهيونية من دخولها . اعتقالات تطال مهجّري شمال سيناء المقيمين بالإسماعيلية بعد توقيف 4 من العريش    أحفاد نوال الدجوي يبدأون مفاوضات الصلح وتسوية خلافات الميراث والدعاوى القضائية    بيل جيتس يُعلن استثمار 200 مليار دولار في الصحة والتعليم بأفريقيا خلال 20 عامًا    مواعيد مباريات مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية 2025    محامي نوال الدجوي يكشف وصية سرية من نجلتها الراحلة منى    أهم الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من ذي الحجة    «أنا مش مغيب!».. تعليق مثير من هاني سعيد على احتفالات بيراميدز بعد مواجهة سيراميكا    مجلس الاتحاد السكندري يرفض استقالة مصيلحي    ارتفاع كبير ب840 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالصاغة (محليًا وعالميًا)    لاند روفر ديفندر 2026 تحصل على أضواء مُحسّنة وشاشة أكبر    مصدر أمني يكشف ملابسات فيديو لمركبات تسير في الحارة المخصصة للأتوبيس الترددي    البيت الأبيض يعلن استعداد ترامب للقاء بوتين وزيلينسكي    رسميًا بالزيادة الجديدة.. موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025 وحقيقة تبكيرها قبل العيد    سقوط «نملة» بحوزته سلاح آلي وكمية من المخدرات بأسوان    التعليم: زيادة أفراد الأمن وعناصر إدارية على أبواب لجان الثانوية العامة لمنع الغش    عاشور يهنئ فلوريان أشرف لفوزها بجائزة أفضل دكتوراه في الصيدلة من جامعات باريس    أحمد السقا يوجه رسالة تهنئة ل ابنته بمناسبة تخرجها    بسبب لحن أغنية.. بلاغ من ملحن شهير ضد حسين الجسمي    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    "أوقاف سوهاج" تطلق حملة توعوية لتقويم السلوكيات السلبية المصاحبة للأعياد    مستقبل وطن بالأقصر يُنظم معرض «أنتِ عظيمة» لدعم الحرف اليدوية والصناعة المحلية    بمشاركة 500 صيدلي.. محافظ قنا يشهد افتتاح مؤتمر صيادلة جنوب الصعيد الأول    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    طريقة عمل شاورما اللحم، أكلة لذيذة وسريعة التحضير    أخبار 24 ساعة.. برنامج جديد لرد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه في الموازنة    أسطورة ميلان: الأهلي سيصنع الفارق بالمونديال.. وما فعله صلاح خارقًا    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    4 أبراج «بيعرفوا ياخدوا قرار»: قادة بالفطرة يوزّعون الثقة والدعم لمن حولهم    وزارة الإنتاج الحربي تنظم ندوات توعوية للعاملين بالشركات    القومي للبحوث يقدم نصائح مهمة لكيفية تناول لحوم العيد بشكل صحي    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فورين بوليسي ترصد "جمهورية الجنرالات المتقاعدين في مصر"
أشارت إلى أن اللواءات العواجيز يحكمون مصر
نشر في التغيير يوم 10 - 05 - 2012

رصدت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية "التناقض بين رؤية العسكريين في كثير من دول العالم لفترة التقاعد، ورؤية جنرالات مصر لها"، موضحة أنه بالنسبة لمعظم الناس في العالم، فالتقاعد وقت الراحة والإنفاق بحرص من معاش التقاعد أو المدخرات "لكن كبار ضباط الجيش المصري ليسوا كمعظم الناس في العالم، فعند تقاعد أحدهم من منصبه، يصبح محافظاً أو رئيس حي، أو ربما يدير مصنعاً أو شركة مملوكة للدولة أو للجيش، وأحياناً يدير الجنرالات المتقاعدين ميناء بحرياً أو شركة نفط كبيرة".
وأضافت المجلة الأمريكية :"لحسن حظ هؤلاء الجنرالات، فهم أيضاً يحتفظون بمعاشهم من القوات المسلحة إلى جانب رواتبهم المرتفعة عن الوظيفة المدنية الجديدة"، وأوضحت أن هذه "المجموعة المتميزة من الضباط تحتل تقريبا كل مكان مرموق في الدولة، مما يجعل مصر بامتياز وبلا منازع جمهورية الجنرالات المتقاعدين".
وفيما تقترب أول انتخابات رئاسية فى مرحلة ما بعد مبارك، يسعى المرشحون من مختلف الاتجاهات السياسية بحماس في تقديم أنفسهم عبر وسائل الإعلام ويجولون في البلاد يقدمون وعودا حول كل شيء من الأمن إلى التعليم إلى السياسة الخارجية "ووسط هذا الجو المزدحم، يصمت الجميع حيال السؤال الأكثر حساسية وأهمية وهو: هل سيكون أي فائز مدني في الانتخابات قادرا على نزع الطابع العسكري للدولة المصرية؟"
وتتوقع المجلة في تقريرها أن تأتي هذه الانتخابات بأول رئيس مدني لمصر بعد أكثر من 60 عاما من حكم الجنرالات– سواء المتقاعدين أو الذين ما زالوا في الخدمة- فقد حول 3 رؤساء عسكريين وبعدهم المجلس العسكري الحاكم البلاد إلى نظام يسيطر عليه ضباط من زملائهم المسنين، والحقائق المخفية حول كيفية عمل هذه الجمهورية للجنرالات المتقاعدين صادمة. فكبار ضباط القوات المسلحة موجودون في كل مكان، بدءا من قناة السويس مرورا بشركة الصرف الصحي. وفي الوقت نفسه، يتجنب خطاب المرشحين للرئاسة حتى الاعتراف بهذا الوضع، ناهيك عن إيضاح وجهة نظرهم تجاه مسألة نزع الطابع العسكري للدولة.
ورصدت المجلة التطور التاريخي لبدء الهيمنة العسكرية علي المواقع المدنية في مصر ابتداء من النظام الاشتراكي لجمال عبد الناصر في الستينيات، والذي تراجع قليلا مع محاولة أنور السادات تهميش الجيش في الحكومة خلال السبعينيات، وشهد ارتفاعا مفاجئا خلال السنوات الأخيرة لعهد حسني مبارك في الألفية الجديدة.
واعتبرت المجلة أن مبارك كان يهيئ نجله جمال لرئاسة الجمهورية بعده، وبالتالي حاول ضمان ولاء الجيش وصد أي معارضة محتملة من خلال توظيف ضباط الجيش لشغل مناصب اقتصادية وحكومية.
وتابعت "خلال آخر 14 شهر، منذ تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة بعد رحيل مبارك، شهد تواجد الجنرالات في المواقع المدنية زيادة سريعة. فباستخدام سلطته الرئاسية، قام المجلس العسكرى بتعيين عددا متزايدا من الضباط المتقاعدين في مناصب مدنية، وكان رئيسي الوزراء "العاجزين" -حسب تعبير المجلة- كانوا سعداء لإضافة توقيعاتهم على خطابات التعيين".
وأوضحت "فورين بوليسي" أن النصوص القانونية المصرية للخدمة المدنية سمحت لهذا الوضع أن يتطور، حيث أنها منحت الرئيس سلطة تعسفية لتوظيف وفصل أصحاب المناصب العليا، بما في ذلك المحافظين والمدراء في القطاع العام. وأصدر السادات القانون رقم 47 لعام 1978 من أجل إنهاء إرث عبد الناصر وتقليل الوجود العسكري في الحكومة، لكن مبارك استخدم القانون نفسه لإعادتهم مرة أخرى. وتنص المادة 16 من هذا القانون على أن "لرئيس الجمهورية إصدار قرارات تعيين موظفين في مناصب عليا". وفي حين أن القانون ينص على أهمية قيام هيئة طبية بالتحقق من سلامة الموظف صحياً قبل التعيين، فالمادة 20 تعفي الذين تم تعيينهم من قبل الرئيس من هذا الشرط- وهو ما يلاءم ضباط الجيش المتقاعدين في سنوات عمرهم المتقدمة. كما أن هناك مواد أخرى تعفى هؤلاء المعينين من قبل الرئاسة من الخضوع لأي اختبارات لإثبات مؤهلاتهم للوظيفة وتعطى فقط الرئيس سلطة فصلهم.
وفي عام 1992، قام مبارك بتعديل هذا القانون ليخول للرئيس أن يأمر بإجراء عدد غير محدود من التجديدات فى شروط وفترة الخدمة لشاغلي الوظائف رفيعة المستوى . ويشغل المجلس العسكري حاليا مقعد الرئيس ويتمتع بهذه السلطة القانونية الاستثنائية منذ العام الماضي.
ومن ناحية أخرى، فقوانين القوات المسلحة لا تذكر شيئا فيما يتعلق بتأمين وظائف مدنية للضباط الذين انتهت فترة خدمتهم. وتتم هذه العملية بشكل غير رسمي. وينظم قانون التقاعد العسكري، رقم 90 لسنة 1975، ما يتعلق بالتعويضات المالية في نهاية الخدمة وتحديد معاشات التقاعد على أساس الرتبة، ولكنه لا يشمل مواد تحظر أو تتطلب أو تحث على تعيين الضباط المتقاعدين في وظائف جديدة.
وعادة ما تكون معاشات التقاعد منخفضة، حيث تعادل رواتبهم الشهرية دون العلاوات الإضافية التي يتمتعون بها أثناء وجودههم في الخدمة. وتتراوح تلك الرواتب تقريبا ما بين 400 دولار (2400 جنيه مصري) و 500 دولار (3000 جنيه مصري). وفي فبراير 2011، وبعد خمسة أيام فقط من نهاية المظاهرات خلال الثمانية عشر يوما وحل برلمان مبارك، استخدم المجلس العسكرى سلطته الغامضة لتعديل قانون التقاعد وإقرار زيادة نسبتها 15 % في معاشات التقاعد للعسكريين. لكن هذا لا يزال غير كافٍ لتغطية التكلفة المتزايدة لنفقات المعيشة في مصر. وبالتالي، فإن القيادة تقدم وظائف مدنية للضباط برواتب كبيرة لتكملة معاشاتهم التقاعدية غير المرضية.
ويضيف التقرير"بالتالي تنمو فئة المديرين العسكريين كل عام مع تقاعد ضباط جدد. ومن أجل الحفاظ على الهيكل الهرمي للمؤسسة العسكرية المصرية، فإن المؤسسة تحيل للتقاعد عددا كبيرا من الضباط في صفوف رتبة عميد وعقيد فى أوائل الأربعينيات من عمرهم. وهو ما يسمح لعدد صغير بالدخول في صفوف رتبة جنرال وفريق ورئيس أركان، والذين عادة ما يتقاعدون في أوائل الخمسينيات من عمرهم. وهذا السن المبكر نسبيا، الذي يترك فيه الضباط الخدمة، يمثل عذرا مثاليا للجيش ليضعهم في وظائف مدنية، حتى لا يستخدموا تدريبهم المهني في أنشطة تضر بالأمن القومي. ووفقا للرتبة التي يتركون الخدمة عندها ودرجة الولاء للقيادة، يمكن للضابط أن يحصل على أي شيء بدءا من حكم محافظة مرورا بمنصب حكومي متوسط مثل موظف علاقات عامة في مكتب مدير عسكري".
ويتلقى الضباط الذين يرغبون في الحصول على وظائف مدنية دورات مكثفة في الإدارة وإدارة الأعمال في مراكز الإعداد الخاص بالدولة. مثل في مركز إعداد القادة، ويحضرون دورات قصيرة، ما بين بضعة أيام إلى عدة أسابيع، حول مواضيع مثل الإدارة الإستراتيجية، والتواصل مع العمال، والقيادة الكاريزمية. حيث أن رواد هذا المركز الرئيسيين من قوائم شركات القطاع العام التي يفضل الجيش الهيمنة عليها مثل: شركات النفط والبناء والكيماويات والأسمنت والصناعات الغذائية، وأكثر بكثير.
ويتركز الجنرالات المتقاعدين في إدارة نوعين من المجالات: المناصب الحكومية البيروقراطية العليا والمؤسسات الاقتصادية المملوكة للجيش.
وللحفاظ على وجه مدني للدولة في القاهرة، يتم تعيين عدد قليل من الضباط كوزراء، مثل وزير التنمية المحلية ووزير الإعلام، الذي يدير وسائل الإعلام المملوكة للدولة. وخارج مجلس الوزراء، يفضل الجنرالات مناطق معينة يتركز فيها النفوذ والثروة. فهناك 18محافظا )من إجمالي 27محافظ) جميعهم جنرالات جيش متقاعدين. ويشمل هذا مواقع رئيسية، مثل المحافظات السياحية في صعيد مصر، وكل محافظات قناة السويس، ومحافظتي سيناء، وأحيانا الإسكندرية ومناطق الدلتا الرئيسية.
واستطردت المجلة أنه بالإضافة إلى ذلك، يخدم الجنرالات المتقاعدين كرؤساء للمدن ورؤساء أحياء سواء في المناطق الغنية أو الفقيرة المكتظة بالسكان في القاهرة.
ويتابع التقرير:"يتسم قطاع النفط المملوك للدولة أيضا بصبغة عسكرية، حيث يدير جنرالات متقاعدين العديد من شركات الغاز الطبيعي والنفط. كما أنهم يميلون إلى السيطرة على وسائل النقل التجارية، فرئيس قناة السويس هو فريق سابق فى الجيش، ورؤساء موانئ البحر الأحمر جنرالات متقاعدون، وفي وزارة الصحة، مساعد الوزير للشؤون المالية والإدارية جنرال متقاعد، بين آخرين كثيرين موجودين في المناصب الحكومية في الوزارة.
كما أن هناك العشرات من الجنرالات المتقاعدين في وزارة البيئة. ورئيس المحكمة الدستورية العليا حاليا كان بالأساس ضابط جيش سبق وأن شغل منصب قاض في المحاكم العسكرية. وهذا القاضي، فاروق سلطان، يشغل حاليا منصب رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. ومن المفارقات، أن يهيمن ضباط متقاعدين حتى على هيئات حكومية مخصصة للإشراف والمراقبة، مثل رئيس جهاز الرقابة الإدارية، الجنرال المتقاعد كما تضم فروع الهيئة في مختلف أنحاء البلاد أفراد جيش كموظفين.
وأوضحت المجلة أنه عندما قرر مبارك خصخصة العديد من الصناعات في القطاع العام، سارع ابنه جمال في هذه الخطة في الألفينيات، وقام بتحويل الشركات المملوكة للدولة إلى شركات قابضة. وأنشأت الدولة العديد من هذه الشركات بنية بيعها في نهاية المطاف، وتواجد جنرالات الجيش في كل شركة قابضة تقريبا وفى الشركات التابعة لها.
وعندما أوقف المجلس العسكرى قطار الخصخصة الذي حركته الحكومة السابقة في العام الماضي، كانت تلك أخبارا جيدة بالنسبة لأولئك الجنرالات، الذين سيبقون في أماكنهم يسيطرون على تلك الشركات بلا منافسة من رجال الأعمال الذين كان من الممكن أن يشتروها. فعلى سبيل المثال، ترأس جنرالات متقاعدين شركة المياه والصرف الصحىي، وشركة مصر للسياحة والصناعات الغذائية، وشركات صناعة الأسمنت فى القاهرة وفروعها.
وعلاوة على ذلك، يدير جنرالات متقاعدون الشركات والمؤسسات الكبرى التي تمتلكها المؤسسة العسكرية وينتجون سلعا وخدمات للمستهلكين وليس للإنتاج الحربي، ويشمل ذلك سلسلة من المصانع وشركات الخدمات والمزارع والطرق ومحطات الوقود ومحلات السوبر ماركت، وغيرها الكثير. كما أن هناك ثلاث هيئات عسكرية كبرى تعمل في مجال إنتاج مدني هي: وزارة الإنتاج الحربي والتي تدير ثمانية مصانع، والهيئة العربية للتصنيع وتدير12مصنعا، والمنظمة الوطنية لمنتجات الخدمات، وتدير 15 مصنعا وشركات ومزارع. وينتج هؤلاء مجموعة واسعة من السلع، بما في ذلك سيارات الجيب الفاخرة، وحضانات الأطفال الرضع، واسطوانات غاز البوتان، والأنابيب البلاستيكية والمواد الغذائية المعلبة واللحوم والدجاج، وأكثر من ذلك. كما أنهم يوفرون خدمات، مثل التنظيف المنزلي وإدارة محطات الغاز.
ومع ذلك، في حين أن هذا الترتيب ربما يعمل بشكل جيد بالنسبة للجنرالات المتقاعدين، إلا أن الجميع ليسو سعداء. فالمدنيين الذين يعملون تحت قيادة أفراد جيش متقاعدين يظهرون استياء مستمرا بشأن الفساد وسوء الإدارة والظلم. وخلال ال 14 شهرا الماضية، بعد تولى المجلس العسكرى السلطة، ظهرت العديد من الإضرابات العمالية الكبرى والاعتصامات في المرافق التي يديرها جنرالات متقاعدين. وفي العديد من الحالات، يتصل المدراء بالشرطة العسكرية لإنهاء الاضطرابات العمالية. على سبيل المثال، تم تنظيم واسعة في مصانع عسكرية وموانئ قناة السويس وموانئ البحر الأحمر وشركات النفط، ومصنع الأسمنت ومصانع للصناعات الكيماوية وميناء الإسكندرية وشركة المياه والصرف الصحي.
وأدان المجلس العسكرى هذه الإضرابات العمالية بشكل عام، بحجة أنها تضر باقتصاد البلاد وتوقف "عجلة الإنتاج"، ولكن أكبر هذه الإضرابات تم تنظيمها في الأماكن التى يقودهامدراء عسكريين. وفى الواقع، تضر هذه الإضرابات في المقام الأول بالمصالح الاقتصادية العسكرية وليس الاقتصاد الوطني.
وأشار التقرير إلى أنه "في فبراير 2011، احتج حوالي 2000 عامل ومهندس في قطاع البترول بسبب ظروفهم السيئة، فضلا عن العسكرة المتزايدة لفرص العمل في هذا القطاع. في حين أن جنرالات الجيش المتقاعدين على القمة يتلقون الآلاف من الجنيهات، العمال يكسبون القليل جدا. وفي الشهر التالي، انضم الآلاف من العمال في القطاع نفسه للاحتجاجات، وكان العمال هذه المرة من شركات مثل بتروجيت وبتروتريد. وكان رد فعل الجيش عدوانيا حيث قام باختطاف بعض المتظاهرين، وتم تقديمهم لمحاكمات عسكرية، ثم حكم عليهم بالسجن. وفى تحد للجيش، جدد العمال احتجاجاتهم أمام مجلس الشعب قبل بضعة أسابيع، لكن البرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميون كان بلا حول ولا قوة".
وتابعت:"نظم العاملون في قناة السويس مؤخرا سلسلة من الاحتجاجات ضد المعاملة غير العادلة. وفي واحد من الاحتجاجات، منع العمال حركة سير القطارات. ردا على ذلك، أحالت هيئة قناة السويس بعض هؤلاء العمال إلى النيابة العسكرية وسجنت غيرهم من أجل تخويف الباقي ليصمت،كما نظم العمال في الهيئة العربية للتصنيع احتجاجات. والهيئة العربية للتصنيع التي تمثل مجموعة من 12 مصنعا يتم إدارتهم من قبل الفريق السابق في الجيش حمدي وهيبة. وبالإضافة إلى وهيبة، يدير جنرالات متقاعدون آخرون معظم هذه المصانع. ونظم عمال أربعة من هذه المصانع اعتصامات في فبراير وأغسطس من العام الماضي، واتصل الفريق وهيبة بالشرطة العسكرية لتفريق واحد من هذه الاعتصامات. ودشن العمال الغاضبون للهيئة العربية للتصنيع عدة صفحات غير رسمية على موقع فيسبوك للتعبير عن سخطهم. وقال أحد العمال على واحدة من هذه الصفحات: مشكلة الهيئة في إدارتها، إنهم مجموعة من جنرالات الجيش المتقاعدين الذين جاءوا إلى الهيئة للحصول على كلا من معاش تقاعدي من الجيش وراتب من الهيئة" وتم محاكمة عدد من مستخدمي تلك الصفحات عسكريا لاستخدامهم هذه الشبكة الاجتماعية لانتقاد المدراء العسكريين .
وطرحت "فورين بوليسي"على وهيبة سؤالا خلال لقاء معه مفاده: لماذا تشغل هذا المنصب وتدير جميع هذه المصانع فى حين أنك لا تملك أي خبرة سابقة على الإطلاق في مجال التصنيع؟." وفقا لتصريحاته، قال إن 70 % من انتاج الهيئة العربية للتصنيع مدنيا وليس عسكريا. وكانت إجابته "أن ضباط الجيش هم الأفضل في الإدارة لأنهم يتم تدريبهم في مجال الإدارة". وبالتالي- حسب تصريحه الذي نقلته المجلة- إذا قمت بعرض أي وظيفة مدنية، فستجد دائما أن المتقدمين الأنسب يأتون من الجيش . وقال وهيبة إن "الجيش ينتج أفضل المديرين".
وأوضحت المجلة أن "أفراد طبقة المدراء العسكريين لا يتشاركون نفس الأصول الاجتماعية ولا يوجد لديهم مواقف أيديولوجية. فهم يأتون من مجموعة متنوعة ومختلفة من الخلفيات الاجتماعية، كما أنهم ليسوا بالضرورة أغنياء فى الأصل أو من أسر برجوازية- كما هو موجود عادة في صفوف النخبة من رجال الأعمال في مصر، لكن الولاء يرفعهم إلى الرتب العليا في الجيش ثم بعد ذلك الوظائف المدنية المرموقة. وفي حين تبنى المدراء العسكريون فى عهد عبد الناصر واعتمدوا الفكر الاشتراكي، فهم اليوم لا يتبنون سياسة اشتراكية ولا سياسة ليبرالية، بل يقفون على الحياد. فقد قام قادتهم في المعسكرات بتدريبهم كضباط شباب للحفاظ على الحياد السياسي وضمان دعمهم وتمسكهم بأيديولوجية واحدة فقط وهي: القومية المصرية. والأغلبية ليسوا سوى أفراد يسعون إلى تحقيق أقصى قدر من منافعهم الشخصية في وقت لاحق في الحياة. وبينما يفتقر هؤلاء الذين يشغلون المناصب الحكومية الوسطى- حسب المجلة- إلى الطموح السياسي، لكن من يشغلون الوظائف العليا الذين يتمتعون باتصالات جيدة قد يتطلعون للوصول إلى أعلى المناصب كمحافظ أو وزير في الحكومة".
ويتابع التقرير:"في خضم هذا الجو الغريب في بلد نامي، تأتي الانتخابات الرئاسية التي سيتم خلالها اختيار أول رئيس مدني للدولة منذ 60 عاما. وفي غضون أسبوعين، سيتولى الفائز، سواء كان إسلاميا أو يساريا أو ليبراليا، السلطة من المجلس العسكري ويقوم على الفور بتنفيذ خطط طموحة لتحقيق الرخاء الاقتصادي. ومع ذلك، فلتطبيق الخطط، التي تم عرضها في برامج المرشحين- سيحتاج الفائز أولا إلى التخلص من الجنرالات المتقاعدين، الذين يفتقرون إلى المعرفة والخبرة اللازمة المتعلقة بالتنمية الاقتصادية".
والغريب، حسب المجلة، هو أن مرشحي الرئاسة من كل الاتجاهات السياسية "يمتنعون عن إثارة مسألة نزع الطابع العسكري للدولة"، ويضيف التقرير:"المرشحان الذين يزعمان أنهما الأكثر ثورية، القيادي السابق بجماعة الأخوان المسلمين عبد المنعم أبو الفتوح والناصري حمدين صباحي، لا يشيران على الإطلاق في برامجهم المنشورة أو في خطاباتهم إلى هذه المعضلة، وليس من الواضح ما إذا كان ذلك ناتجا عن قلة وعي أم خوف أم من أجل إرضاء النخبة العسكرية الحاكمة".
وتضيف المجلة :"على مدى الأشهر الخمسة الماضية، فشل البرلمان المنتخب بأغلبيته الإسلامية في أن يقر – أو قد يكون تجاهل – بالاختراق والتغلغل العسكري العميق في الحكومة والاقتصاد المصري. ويحارب البرلمان الآن بشكل يائس من أجل الحصول على جزء من السلطة من المجلس العسكري الحاكم. وفي ظل وجود مرشحين إما غير مدركين للقضية أو خائفين فيفضلون عدم الاهتمام بهذه النقطة، فمن المرجح أن يفشل الرئيس المنتخب في نزع الطابع العسكري المتغلغل فى مصر، ولا شيء سيتغير".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.