هجوم حاد واجهه مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة بسبب الزيارة التي فاجئ بها الجميع، يوم الأربعاء، بدعوة من مؤسسة "آل البيت الملكية الأردنية" باعتباره أحد أمناء المؤسسة، وذلك لافتتاح كرسي الإمام الغزالي للدراسات الاسلامية بالقدس الشريف؛ حيث أمّ جمعة - خلال الزيارة - المصلين في صلاة العصر داخل مسجد البراق بالحرم القدسي الشريف. وقال جمعة :"إن الزيارة تمت تحت الاشراف الكامل للسلطات الاردنية وبدون الحصول على أي تأشيرات أو أختام دخول باعتبار أن الديوان الملكي الأردني هو المشرف على المزارات المقدسة للقدس الشريف"، لافتاً إلى أنه "أكد للمقدسيين خلال لقائه بهم رفضه أي إجراء يصب في مصلحة تطبيع علاقات المسلمين مع إسرائيل"، مشددا في الوقت عينه على "ضرورة دعم القدس و|حياء القضية الفلسطينية في نفوس المسلمين جميعا خاصة الشباب". هجوم حاد .. وحرب ضروس ورغم تأكيدات المفتي - من القدس - على أنه يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني إلا أن ذلك لم يرحمه من الهجوم الشرس الذي شنه عليه سياسيون ومثقفون ، فقد صرح الدكتورمحمد البلتاجي عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة أنه تقدم بطلب لرئيس مجلس الشعب لمساءلة الحكومة حول سفر علي جمعة مفتي الجمهورية للقدس عصر اليوم .. مشيرا إلى أن الطلب لم يتم مناقشته نظرا لضيق الوقت لأنه قدمه متأخرا عقب الإعلان عن الزيارة عصر اليوم. وأشار البلتاجى إلى أن هناك سياقا تطبيعيا واضحا مع الكيان الصهيونى يتزامن مع وجود دعوات من شخصيات دينية تبرر الذهاب للقدس وهي في قبضة العدو الصهيوني تحت مبرر افتتاح كرسي الإمام الغزالى للدراسات الإسلامية بالقدس الشريف وغيرها. يأتي ذلك في حين شن الإعلامي وائل الإبراشى ، هجومًا عنيفًا المفتي ، ووصفه بأنه أصبح "مفتى الخزي والعار"، وليس مفتيًا لمصر، وذلك خلال افتتاح حلقته مساء اليوم من برنامج "الحقيقة" اليوم علي قناة دريم، مطالبًا بعزله من منصبه على الفور لأنه أساء للإسلام وللعروبة. وواصل الإبراشى هجومه على جمعة قائلا: إن عمامة الدكتور جمعة أصبحت ملوثة، وإنه أثبت أنه فى خدمة الصهيونية وإسرائيل، مشيرًا إلى أن تبرير المفتى بأنه لم يحصل على تأشيرة إسرائيلية ليست كافية لمحو العار الذى أصابنا به .. وأضاف أن المشكلة لا تنحصر في الحصول على التأشيرة أو عدم الحصول عليها لكن أساس المشكلة في التطبيع مع إسرائيل، موضحا أن زيارة الدكتور جمعة وبعض المشايخ للقدس يعتبر اعترافا بالكيان الصهيوني . وقال الإبراشى: للأسف المفتى انتحر سياسيًا ودينيًا، وكان يجب عليه ألا يذهب مطلقًا إلى القدس، كما فعل من سبقوه في مقعد الإفتاء كالدكتور عبدالحليم محمود، والشيخ جادالحق على جاد الحق عليهما رحمة الله، واللذين رفضا من قبل تلبية دعوى إسرائيل بزيارة القدس وهى تحت سيطرة الاحتلال. الدكتور خالد سعيد، المتحدث الرسمي باسم الجبهة السلفية، قال إن ما حدث شيء ليس بغريب على رموز النظام البائد، وأن ذلك بمثابة وصمة عار على جبين الأزهر الشريف. وتساءل د. سعيد: "كيف يمنع البابا شنودة الراحل، الأقباط من زيارة القدس، بينما يقوم مفتى الديار المصرية نفسه بالزيارة". وطالب المتحدث باسم السلفية، بعزل الدكتور على جمعة فورًا، باعتباره أحد الأشخاص الذين عقام بتعيينهم نظام مبارك، وقال: "سنسعى لإقالته بشتى الطرق، خاصة من خلال أعضاء مجلس الشعب من السلفيين". من ناحيته ، استنكر الدكتور باسم خفاجي رئيس حزب التغيير والتنمية تحت التأسيس، زيارة مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة إلى القدس يوم الأربعاء، في تحد للرغبة الشعبية الرافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ودعا إلى إقالته بشكل فوري. وقال خفاجي معلقًا على الزيارة التي أثارت استياءً شعبيًا واسعًا في مصر :"ينضم المفتي إلى الحبيب الجفري .. ويقوم بزيارة إلى القدس اليوم 18 إبريل 2012 في تحد واضح للرغبة الشعبية المصرية في استمرار معاداة التطبيع مع الكيان الصهيوني .. أتمنى أن يعود المفتي إلى مصر فيجد أنه قد أقيل من منصبه؛ لأنه لا يشرف الشعب المصري أن يكون مفتي مصر مطبعاً مع الصهاينة". وأضاف جفاجي على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، :"أدعو إلى إقالة المفتي فوراً .. وأن يكون هذا أحد مطالب شعب مصر في المرحلة القادمة لإيقاف موجة التطبيع الديني التي يتجرأ عليها من يحسبون على الدين في مصر". وأضاف :"إلى من يبررون الزيارة أن هناك تأصيل شرعي بجوازها .. أقول لهم: لو أحد اغتصب بيت أخيك .. وطرده منه وقتله .. وقتل من أقاربك الكثير .. وفي البيت المغصوب بعض الأماكن العزيزة عليك .. هل تذهب لتزورها .. وتقول أنا أزور الأماكن فقط! ألا نستحي من دماء إخواننا". أعرب طارق الزمر المتحدث باسم حزب البناء والتنمية الجناح السياسى لتنظيم الجماعة الإسلامية عن تمنيه أن تكون من ضمن أهداف مليونية الجمعة القادمة 20 إبريل، رفض التطبيع مع العدو الصهيونى وضد سلوك المفتى على جمعة للتنديد بزيارته للقدس اليوم وهى تحت الاحتلال الإسرائيلى. واصفًا زيارة المفتى ب "غير المسئولة" وكان من المتوقع حسب قول "الزمرأن" الشخصيات الدينية أبعد ما يكونوا عن التطبيع مع العدو الصهيونى. وأشار الزمر إلى أن عدم اكتمال الثورة هو أحد أسباب ذلك، معتبرًا هذه الزيارة من أهم المبررات التى تدعو إلى ضرورة استكمال الثورة حتى يتم التخلص من جميع السياسات التى أرساها مبارك وكذلك لتخلص القيادات التى صنعها نظامه. على الطرف الآخر .. هناك مؤيدون وإذا كان مفتي الجمهورية قد واجه هجوماً حاداً، إلا أن هناك من أيد فكرة ذهابه إلى القدس والصلاة بالمسجد الأقصى، ويقول الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إن زيارة الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، اليوم الأربعاء إلى بيت المقدس، لا يوجد شرعا ما يمنعها، إذا كانت تصب فى صالح أهل المقدس. وأضاف الطيب أن الحصار الإسرائيلى، والتضييق على المقدسيين، أدى إلى تعطيل زيارتهم، وإغلاق حوانيتهم، وإصابة اقتصاد أهل المقدس فى مقتل، وأن مادامت هذه الزيارات تشجيعا، لهم فلا بأس منها. وردا على سؤال حول مخالفة تلك الزيارة لفتاوى سابقة تحرم زيارة القدس، قال الإمام الأكبر إن هذا الأمر لا يخضع لفتاوى الحلال والحرام، بينما يخضع قياسا على المصلحة العامة للمقدسيين، وإذا كانت هذه الزيارة فى مصلحتهم فإن الأزهر لا يرى مانعا منها. بينما أكد الدكتور جمال قطب ، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر أنه طالما جاءت زيارة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية للقدس عن طريق تأشيرة ليست بإسرائيلية، فلا توجد مخالفة فى ذلك، بينما لفت الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع الى أنه فى حالة حصول المفتى على تأشيرة غير إسرائيلية لدخول القدس، فالمواطنون العاديون لا يستطيعون فعل ذلك، مضيفا "الزيارة هى الزيارة". وقال السعيد بهذه الزيارة نتخلى عن موقف إيجابى عظيم أخذه المصريون على أنفسهم بعدم زيارة القدس، طالما أنها لا تزال تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلى، وستضع هذه الزيارة الكنيسة القبطية في مأزق عنيف جدا وكان عليه أن يدرس جوانب الموقف قبل قيامه بهذه الزيارة". أما الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة فقد أكد أن القدس الشريف في قلب كل مسلم، وتحريره ليس مسئولية الحكومات فحسب، بل هو مسئولية كل مسلمي العالم بلا استثناء، فالمسجد الأقصى هو أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى الحبيب صلى الله عليه وسلم. وأضاف عبد الجليل "اليهود يحاولون من وقت لآخر دخول المسجد الأقصى واقتحامه وترويع المصلين في ساحته، بل ويدبرون لهدمه لإقامة الهيكل المزعوم، فإنني أرى ما ارتآه بعض المسئولين الفلسطينيين على المستوى الديني والسياسي بضرورة تنظيم رحلات دينية لإعمار المسجد الأقصى، ودعم إخواننا في القدس الشريف ولو أتيحت لي الفرصة لشددت الرحال إليه كما أشد الرحل إلى أخويه المسجد الحرام والمسجد النبوي، وأحترم الوجهة الأخرى التي ترى عدم الزيارة حتى يتحرر، ولكل اجتهاده". وأضاف الشيخ عبد الجليل "زيارة السجين لا تعني الرضا بالسجان الظالم فلا أحد أبغض إلينا من الصهاينة ولا أحد أظلم منهم لاحتلالهم لفلسطين والحصار المضروب منهم على غزة ومع ذلك فنؤكد رؤيتنا بأن الزيارة من عموم المسلمين قد تغير الواقع على الأرض، وتفرض سياسة الأمر الواقع، وتقول للعالم إن المسلمين لن يفرطوا في القدس الشريف ومن باب أولى لن يدعو إخوانهم الفلسطينيين في بيت المقدس أو غزة يواجهون الصهاينة وحدهم بل نحن معهم بكل ما نملك على أمل أن يهيئ الله تعالى للأقصى ولفلسطين جندًا شجعانًا وقائدًا مغوارًا يعمل على طرد الاحتلال من فلسطين وما ذلك على الله بعزيز".