انتقد أحمد آدم الخبير المصرفي المعروف استمرار تواجد فلول النظام السابق في المؤسسات المالية والاقتصادية المختلفة وعلي رأسها القطاع المصرفي، مؤكدا أن ذلك من أبرز أسباب الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد المصري حاليا, مطالباً بضرورة تطهير هذا القطاع الهام من كل القيادات التي تنتمي للحزب الوطني المنحل حتى يمكننا تغيير أسلوب الإدارة السابقة التي كبدت مصر مزيدا من الأعباء والديون. وصف آدم الدواء اللازم لعلاج الأزمات التي حلت بالقطاع المصرفي وعلي رأسها نزيف احتياطي النقد الأجنبي فضلاً عن كيفية معالجة ديون الحكومة لهذا القطاع ومساوئ الاستثمارات الخارجية للبنوك بالإضافة إلى دور المركزي في تضييق الخناق البنوك الإسلامية للحد من توسعاتها, والمعوقات التي توجهها, مروراً بخطة تطوير البنوك والبورصة خلال المرحلة المقبلة.. وإلى نص الحوار: تعاني مصر حاليا من تراجع مستمر في احتياطيات النقد الأجنبي, فما الإجراءات المطلوبة لوقف هذا النزيف؟ إذا تحدثنا عن تراجع احتياطيات مصر الدولية فينبغي أن نذكر الأسباب أولا ثم نتطرق إلى الحلول, فالتحويلات التي تمت لرؤوس أموال أجنبية قصيرة الأجل والتي كانت مستثمرة بأذون الخزانة تأتي علي رأس هذه الأسباب حيث تجاوزت هذه الأموال التي خرجت العام الماضي أكثر من 5.9 مليار دولار خرجت في 5 شهور فقط, فضلاً عن زيادة إيداعات البنوك المصرية لدى البنوك في الخارج والتي تودع بالدولار رغم تدني أسعار فائدة البنوك الخارجية بالإضافة إلى سوء إدارة الاحتياطي النقدي من جانب السياسة النقدية الحالية، مشيراً إلى أن أقصى رقم حققه البنك المركزي من خلال إدارته للاحتياطيات هو 36 مليار دولار وهو رقم ضئيل جدا لا يغطي حاجات الاستيراد. وفيما يتعلق بالحد من تراجع الاحتياطي النقدي، أؤكد أن من أهم هذه الخطوات رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك العاملة في مصر من 500 مليون جنيه إلى 3 مليارات جنيه، وأن ذلك من شأنه ضخ 67.4 مليار جنيه تمثل 11.3 مليار دولار في أوصال الاقتصاد، ومن ثم رفع الحد الأدنى لفروع البنوك الأجنبية العاملة بمصر من 50 مليون دولار إلى 300 مليون دولار وهذا من شأنه أيضا ضخ ما لا يقل عن 1.7 مليار دولار في أوصال الجهاز المصرفي المصري. وأضاف أنه لابد من اتخاذ التدابير اللازمة لتدعيم المصريين العاملين بالخارج؛ نظرا لكون تحويلات المصريين العاملين بالخارج أصبحت تعد ثاني أكبر مواردنا الدولارية، مع ضرورة الإسراع بإجراء الاتصالات اللازمة مع قيادة الثورة في ليبيا للإسهام في إعادة إعمارها، مشيرا إلى أن لدينا شركات مقاولات كبرى والعمالة القادرة على القيام بمشروعات الإعمار. وأضاف أيضاً أنه لابد من منع استثمار الأجانب بأذون الخزانة المصرية وقصر استثماراتهم فقط على سندات الخزانة، وكذلك منع استثمارات الأجانب بالبورصة المصرية تماماً لحين تحسن أوضاع النقد الأجنبي بمصر من سعر الصرف واحتياطيات رسمية وكذلك عجز ميزان المدفوعات. وأكد أن أبرز الخطوات المطلوبة دراسة نموذج اتفاقيات المقايضة الذي قامت به الصين مع دول البرازيل والهند والأرجنتين وروسيا وجنوب أفريقيا الأمر الذي أدي لرفع تجارتها المتداولة للعملة الوطنية إلى 7% من إجمالي تجارتها خلال الربع الأول من هذا العام، وكذلك رغبة الصين في أن يحل اليوان الصيني محل الدولار كعملة للتجارة الدولية، في حين يقتصر طموحنا على تخفيف الضغط على سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية بتخفيض الطلب على هذه العملات وخصوصاً الدولار، مشيرا إلى أهمية دراسة هذا النموذج ومحاولة تطبيقه خاصة على تعاملاتنا مع الدول العربية في ضوء أن وارداتنا منهم بلغت خلال العام المالي الماضي 6.6 مليار دولار بينما كانت صادراتنا لهم 4.9 مليار دولار فقط. اضطرت الحكومة مؤخرا للاقتراض حل عجز الموازنة, فما هو الحل لمعالجة هذه الديون؟ - خطورة الاستدانة العاجلة من خلال طرح أذون الخزانة لسد عجز الموازنة تتجلى في أن هذا الدين قصير الأجل، ويسدد من الاحتياطي الذي اقترب من النفاد نتيجة للسياسات الخاطئة المتواصلة طوال الفترة الماضية، التي اضطرت الحكومة إلى طرح أدوات دين قصيرة الأجل بالعملة الأجنبية بعد أن اكتشفت أنها تدفع سعر فائدة 14 % على الاقتراض بالعملة المحلية، فاختارت أن يكون من بين أذون الخزانة ما هو بالعملة الأجنبية وتتحمل عليه تكلفة أقل بلغت نحو 3.8 %. كما أن البنوك الأجنبية العاملة في مصر استفادت من ذلك الاتجاه الحكومي من خلال رفع أرصدة توظيفاتها في أذون الخزانة لتصل إلى 16.7 مليار جنيه (2.77 مليار دولار) بالمقارنة بنحو 8.4 مليار جنيه (1.3 مليار دولار) في يناير الماضي، بزيادة بلغت 8.3 مليار جنيه (1.3 مليار دولار)، ويعمل بالسوق المحلية حاليا 7 فروع لبنوك أجنبية وهى «سيتي بنك» و«أبوظبي الوطني» و«العربي» و«المشرق» و«الأهلي اليوناني» و«الوطني العماني» و«ذا بنك أوف نوفا سكوشيا»، وانطلاقًا من ذلك نؤكد أن ضمانات الاقتراض الآمن تتطلب إعادة النظر في السياسات الخاصة بالاقتراض من الداخل بما يتيح توفير الآليات اللازمة لحماية الاقتصاد المصري من التدخلات الأجنبية بمختلف أشكالها. كما أن زيادة نسبة استثمارات الأجانب في الدين المحلى بصفة عامة وفى أداة من أدواته قصيرة الأجل بصفة خاصة، تشكل أداة للتآمر الاقتصادي على مصر. كيف ترى توسع البنوك في استثماراتها الخارجية؟ لابد من تشكيل لجنة للوقوف علي أسباب زيادة إيداعات البنوك المصرية بالخارج في هذه الفترة الحرجة، خاصة وأن زيادة الإيداعات بالخارج في الأمور الطبيعية ترجع لزيادة حجم الاعتمادات المفتوحة للاستيراد, وبالنظر إلي الميزان التجاري بداية العام الماضي, فقد شهد تراجعاً في قيمة الواردات بقيمة 0.8 مليار دولار، ورغم ذلك زادت إيداعات بنوكنا المصرية لدي البنوك بالخارج بواقع يزيد علي 5.5 مليار دولار خلال شهور ديسمبر ويناير وفبراير ومارس، وهو الأمر الذي لابد من الوقوف على أسبابه. وطالب آدم بضرورة اتخاذ عدد من الإجراءات لتقليص العجز في الميزان التجاري أهمها دخولنا في شراكة مع السودان الشقيق لزراعة القمح والذرة, وكذلك إقامة مشروعات للثروة الحيوانية ومنتجاتها من ألبان وخلافه، مع إمكانية إقامة مصنع ضخم للسكر والتوسع في زراعة قصب السكر بالسودان يمكن أن يوفر لنا واردات بقيمة 3.7 مليار دولار، وذلك لأننا نستورد قمحاً وذرة بقيمة 2.2 مليار دولار ولحوم بقيمة 0.8 مليار دولار، وألبان وسكر خام بقيمة 0.6 مليار دولار في تسعة أشهر فقط. وشدد على ضرورة إقامة القوات المسلحة المصرية لمصنع لإنتاج الحديد والصلب ومنتجات الحديد وتشغيله يمكن أن يوفر لنا 2.4 مليار دولار حديد قمنا باستيراده خلال تسعة أشهر، وتدعيم الصيادين المصريين والأسطول المصري للصيد، فرغم سواحلنا الممتدة إلا أننا نستورد أسماكاً خلال 9 أشهر بقيمة 246 مليون دولار إلي جانب ذلك مراجعة الاستثمارات في القطاع الدوائي لأننا نستورد منتجات صيدلية بقيمة 1.4 مليار دولار في تسعة أشهر. أعلنت المالية عن نيتها لإصدار صكوك إسلامية, فما رأيك؟ لاشك أن طرح هذه الصكوك بتلك الطريقة العشوائية ليست إلا محاولة من الفلول لإفشال المشروع حتى يقول الناس إن التمويل الإسلامي فكرة غير صالحة، رغم أن الصكوك الإسلامية ساهمت في إنجاح مشروعات دولية ضخمة وكبيرة, لكن المطروح الآن هو محاولة ساذجة لتمويل عجز الموازنة من المواطن البسيط. فالمشروع يهدف لتوفير سيولة تغطي عجز الموازنة الذي تجاوز تريليون دولار, رغم أن الصكوك الإسلامية عندما يتم تطرحها يكون ذلك بهدف تمويل مشروع تنموي في المقام الأول كما يحدث في الدول العربية والإسلامية حيث يقدم هذا المشروع عائدا للدولة ولحاملي الصكوك ويوفر فرص عمل ويخلق إنتاجاً أو يقدم خدمة, كما أن قوانين البنك المركزي التي تعمل على الحد من نشاط الاقتصاد الإسلامي تحتاج إلى تعديل أولاً لكي تسمح للبنوك الإسلامية بالعمل بنوع من الحرية في مختلف المجالات. ما هي معوقات انتشار البنوك الإسلامية في السوق المصرفي المصري من وجهة نظرك؟ تعاني البنوك الإسلامية بمصر من 3 مشكلات رئيسية والتي تعوق انتشارها خلال الفترة الماضية، لذلك لابد من النظر إلى هذه المشكلات بعين الاعتبار من جانب البنك المركزي لتحقيق النمو المأمول في السوق المصرفية، المشكلة الأولى تخص مجال الودائع حيث تجد البنوك الإسلامية صعوبات في التعامل مع القطاع الخاص كعميل ودائع لأن الشركات لها موازنة تقديرية سنوية يتعارض معها عدم تحديد العوائد على إيداعاتها مقدمًا وبالتالي فهي تفضل أن تتعامل مع البنوك التي لا تتعامل بالشريعة والمحددة للعائد على الودائع مقدمًا وكذلك لأن هذه البنوك تقبل أيضًا بمنحها عوائد إضافية مميزة لاجتذابها وهو أمر لا تقوم به البنوك الإسلامية. أما المشكلة الثانية، فتخص نشاط التوظيف لدى العملاء حيث تواجه البنوك الإسلامية مصاعب في التعامل مع القطاع الخاص أيضًا كعميل للائتمان تمامًا كالودائع إلا أنه هنا صاحب الوزن النسبي الأهم في نشاط التوظيف لدى العملاء إذ تبلغ نسبته 64.9 %من إجمالي القروض والتسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك للعملاء (حتى نهاية سبتمبر الماضي) وذلك لأن القطاع الخاص قد اعتاد على تقديم الضمانات وفي مقابلها يحصل على نقدية في صورة قروض وتسهيلات ائتمانية، بينما في النظام الإسلامي لابد أن يقابل كل تحرك نقدي بتحرك سلعي والبنك يقوم بشراء المعدة أو الآلة أو إجراء التوسعات بنشاط العميل بنفسه ومن خلال رقابة كاملة للعميل وهذا لا يقبله معظم العملاء من القطاع الخاص, إلا أن قروض التجزئة المصرفية وهي القروض التي توجهت إليها وبقوة البنوك العاملة بمصر بداية من عام 2006 وحتى الآن وقد حققت معدلات نمو خلال 6 سنوات قدرها 145.9 % قد وجدت فيها البنوك الإسلامية متنفسًا لها فأنتجت منتجات مصرفية خاصة بالتجزئة تتشابه لحد بعيد مع المنتجات التي تقدمها البنوك الأخرى وأصبحت تنافسها في هذا المجال. وتتمثل المشكلة الثالثة في الاستثمار في سندات الخزانة الحكومية حيث لا تقوم البنوك الإسلامية بالاستثمار في هذه الأدوات وقد أرادت الحكومة المصرية في ظل حاجتها للسيولة الاستفادة من ودائع البنوك الإسلامية والتي مازالت لا تمثل أكثر من 5 % من إجمالي ودائع العملاء بدراسة إصدار صكوك إسلامية. ما رأيك في إعلان الحكومة عن نيتها لطرح سندات دولارية للعاملين بالخارج؟ أتوقع أن تلقي هذه السندات فشلا كبيرا لعدم ثقتهم في الإجراءات الإصلاحية التي تتبعها لإصلاح الاقتصاد والنهوض به من عثرته، بالإضافة إلى عدم التخلص من فلول النظام السابق والذين لا يزالون في المواقع السياسية والاقتصادية المختلفة. كما أن تخفيض التصنيف الائتماني لمصر يعني أن تلك الشهادات سيكون العائد المستحق عليها مرتفعًا لارتفاع نسبة مخاطر عدم السداد مما يشكل عبئا كبيرًا علي عاتق الحكومة والأجيال القادمة ويؤدي لتصاعد أعباء الدين, فتجربة يوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق، بهذا الصدد والتي حدثت منذ ما يقرب من عشر سنوات قد أثبتت فشلها، واضطرت الحكومة إلى إعادة طرح تلك السندات الدولارية لسداد مبلغ ال 1.5 مليار دولار الذي جمعته، كما أن تلك السندات قد طرحت في وقت كان يتمتع فيه الاقتصاد بتصنيف جيد فما بالك بطرحها في التوقيت الحالي. ما هي سبل تطوير ودعم البورصة والقطاع المصرفي خاصة وأنهما من أكثر القطاعات التي قد تساهم في بناء الاقتصاد مجددا؟ تطوير البورصة والقطاع المصرفي ليكونا قادرين علي خدمة الاقتصاد المصري بشكل عام يحتاج إلي تنفيذ العديد من النقاط الآتية: 1- تعديل المادة (32) بقانون البنوك ليصبح الحد الأدنى لرأس مال البنوك التي تعمل تحت مظلة البنك المركزي من 2 مليار جنيه حتى 3 مليارات جنيه بدلاً من 500 مليون وهو الحد الأدنى الحالي فلو وضعنا في الاعتبار أن عدد البنوك العاملة بمصر 39 بنكاً رؤوس أموالها 50 مليار جنيه ولو تم رفع الحد الأدنى لرأس مال البنك إلى ملياري جنيه لارتفعت رؤوس أموال البنوك إلي 78 مليار جنيه أي أن القرار يضخ 28 مليار بأوصال الجهاز المصرفي , كما أنه لو تم رفع الحد الأدنى لرأس مال البنك إلي 2،5 مليار جم فهذا القرار سيضخ 48 مليار جم بأوصال البنوك المصرية مشيرا إلي أن بنك الإسكندرية مثلا ومنذ بيعه لمجموعة انتيسا سان باولو ورأس ماله يبلغ 800 مليون جنيه فقط تم تغطيتها عدة مرات من صافي الأرباح التي حققها البنك منذ بيعه وحتى الآن. 2- بالنسبة لبنوك القطاع العام التجارية "الأهلي ومصر والقاهرة" فيجب أولا وعلي وجه السرعة إقالة قياداتها بعد ما قيل ويقال عن تورط هذه القيادات في أمور دعم رجال أعمال وما لديهم من فوضي إدارية في تعيينات بدون خبرة بوساطة وبمرتبات خرافية. 3- يجب بعد ذلك القيام بطرح أسهم للاكتتاب في زيادة رؤوس أموال البنوك والاكتتاب يكون اكتتابا شعبيا أي يقتصر علي المواطنين المصريين دون الشخصيات الاعتبارية وعدم البيع للأجانب "قصر ملكية أسهم هذه البنوك علي المصريين فقط" مع إطلاق حملة للاكتتاب تحت عنوان "الشعب شريك ورقيب". 4- ضرورة وجود عضو ممثل للمشاركة الشعبية في مجلس الإدارة بكل بنك ومع هذه الحماسة الحالية من قبل الشعب للنهوض بمصر وأسعار الفائدة السلبية علي الودائع أمام التضخم فنراهن علي نجاح الاكتتاب الشعبي وبشكل مذهل مع ضرورة أن نترك تحديد قيمة الزيادة برأس مال كل بنك والتي ستتم بالاكتتاب الشعبي لإدارات هذه البنوك الجديدة وطبقا لحاجتها لدعم مراكزها المالية. 5- إصدار قرار في ذات الوقت يمنع البنوك من زيادة رؤوس أموالها من الاحتياطيات. 6- بنك التنمية والائتمان الزراعي يمكن رفع رأسماله من خلال حلول أخري سنذكرها تباعا بموضوعات قادمة لأن سمعة البنك من الممكن أن تعيق زيادة رأس المال عن طريق الاكتتاب الشعبي إلا أن للبنك دوراً عظيماً في تحقيق الكفاية الذاتية لمصر من القمح وهو ما سنعرض له لاحقا وتباعا باستعراضنا للإستراتيجية الآتية لدعم الاقتصاد المصري والبنك أيضا في حاجة ملحة لتغيير قيادته. 7- تغيير قيادات بنك ناصر الاجتماعي بقيادات مصرفية تقوم بتطوير شامل للبنك وهناك طرق عده تدعم البنك ماليا لتقديم قروض حسنة للأسر الفقيرة لإقامة مشروعات ومع طول فترة السداد والمتابعة المستمرة يمكن تخفيض لنسب الفقر المتفشي بمصر وبمحافظات الصعيد بصفة خاصة.