خيمت أزمة التصريحات الإعلامية على علاقة الإمارات بالثورة المصرية، وكادت تصريحات رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان ضد جماعة الإخوان في مصر أن تحدث قطيعة مع دبي ، في وقت تبحث فيه القاهرة عن أشقائها العرب. الأزمة كشفت وبشكل واضح ارتباط دول الخليج - وليس الإمارات وحدها- بعلاقة مميزة وإستراتيجية مع نظام المخلوع مبارك السياسي وليس الشأن الداخلي الفاسد، وبرأي بعض المراقبين فإن دول الخليج لا تتدخل في الشأن الداخلي المصري بتاتاً . وهو ما جعل الداعية السعودي الدكتور عوض القرني، يتهم خلفان بالعمالة لصالح قوى خارجية، هي الموساد الصهيوني، أو فلول النظام المصري، أو إيران. وأدت مجموع التغيرات التي تعرضت لها دول الخليج العربية، خلال العقدين الماضيين، إلى زيادة حساسية هذه الدول لأي تطورات جديدة في المنطقة قد يكون لها مردود على أمنها القومي. وقد تجلي هذا في موقفها من الثورات العربية، خاصة المصرية، حيث تأرجح رد الفعل الخليجي على الأخيرة بشدة بين دعم مصر الثورة، وإنقاذ الرئيس المخلوع من المحاكمة. وجاء قرار دول مجلس التعاون الخليجي، في الوقت نفسه، بفتح باب العضوية أمام الأردن والمغرب ليزيد الموقف غموضا، خاصة أن اليمن لم ينجح في اكتساب عضوية المجلس، رغم محاولات استمرت أكثر من ربع قرن. ربيع مصر: ومع قيام الثورة في تونس ثم مصر ثم ليبيا وامتدادها لليمن ثم سورية، أدركت جميع دول الخليج أنها ليست بعيدة عن الربيع العربي. ولأول وهلة، اتخذت موقفا متحفظا متمثلا في اعتبار المشكلة داخلية، مع الإعراب عن الأمل في حل الأزمة سلميا، وحث الولايات المتحدة على عدم التخلي عن الرئيس السابق مبارك، ووصل الأمر إلى اقتراح تعويض مصر عن المعونة الأمريكية، إذا لزم الأمر. وبالرغم من بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة المصرية ضد بعض رجال الأعمال العرب في الخليج، فإن السعودية كان لها فضل السبق في الفصل بين هذه الأمور والعلاقات مع مصر بعد الثورة. قيم خليجية: وقد كان الموقف المتحفظ الذي اتخذته السعودية،بصدد الموقف من الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، نابعا من قيم "خليجية" تتمثل في المحافظة على هيبة رئيس وإجارته، خاصة أن الرئيس التونسي علي زين العابدين كان قد هرب من تونس إلى جدة بعد الثورة مباشرة، ووفرت له السعودية ملاذا آمنا مقابل ألا يعمل بالسياسة. وقد اقترحت القيادة السعودية في ذلك الحين إمكانية تطبيق الحل نفسه، إلا أن الرئيس المخلوع مبارك رفض الفكرة. وعقب وقوع اضطرابات في البحرين، بدءا من 14 فبراير2011، قام وزير الخارجية البحريني بزيارة القاهرة،والاجتماع برئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، باحثا عن إجابة لتساؤل مشروع وهو أين مصر من أحداث البحرين. ودعا ذلك رئيس الوزراء المصري للسفر إلى الخليج مرتين متتاليتين لتأكيد أن أمن البحرين خاصة، وأمن الخليج عامة، جزء من الأمن المصري، وأن انشغال مصر في أوضاعها الداخلية لن يثنيها عن الوقوف إلى جانب أشقائها في الخليج. الخليج والثورة: وعلى الرغم من إعلان دول الخليج عن توفير دعم مالي للاقتصاد المصري، فإن هذا الدعم لم يعلن عن وصوله، إلا بنسب محدودة، في وقت انتشرت فيه أنباء عن سفر مبارك لتبوك للعلاج، ورغبة السعودية في عدم محاكمته، مما أدى في النهاية إلى ملابسات مهاجمة السفارة السعودية بالقاهرة، أو مابدا أنه مهاجمة لها. هذه المواقف المتناقضة لدول الخليج، والتي تتلخص في طلب مساعدة مصر لدعم البحرين رغم الأزمة المصرية، وعدم تقديم دعم للاقتصاد المصري، أثارت تفسيرات عديدة لم تأخذ بعين الاعتبار حالة القلق التي تنتاب دول الخليج بشأن الأمن الخليجي، كما لم تأخذ بعين الاعتبار القيم التي انطلقت من الثورة المصرية. وبرأي بعض المراقبين فإن دول الخليج وبواسطة آلتها الإعلامية العربية الضخمة ساهمت بنجاح الثورة المصرية بنسبة كبيرة، وبفضل قناة الجزيرة القطرية نجحت الثورة. ويرى مراقبون أنه وبعد الثورة كانت دول الخليج حاضرة في عدم إنهيار الإقتصاد المصري بضخ أموال لدعم الجنية المصري وضمانته ، وكذلك وعدت بمنح الحكومة المصرية بهبات وليست قروض وصلت الى عشرة مليارات دولار. كما أن لدول الخليج علاقات مميزة كلاً على حده بتيارات معينة في مصر فالسعودية وارتباطها بالتيار السلفي، وقطر وعلاقتها بتيار الإخوان المسلمين، والإمارات وعلاقتها برجال الأعمال المصريين. ويؤكد المراقبون أن دول الخليج لم تتدخل في الشأن الداخلي المصري، ولم تؤثر علية سلباً أو إيجاباً، فيما يخالفهم الشارع هذا الرأي.