فى بلادي مصر، بعد ان قامت ثورة، جعلت لنا قيمة وكيان، كتبت في التاريخ قصة حب بين أبناء وطن، فتحت عهدا جديدا للحوار والاختلاف والتوافق والنقد الذاتى البناء، وبالرغم من كل ما سبق، تظل فلسفة " البيضة ولا الدجاجة " هى العلاقة الشرعية ولغة الحوار السائدة بيننا، ويظل العهد كما تعودنا في ظل نظام فاسد سابق وهو أن المواطن "ابن مصلحته "، وكنت دوما أكذب هذا الاحساس، الذى يعكس رؤية خاصة لعلاقتنا جميعا بعد الثورة، فكان شعورى بأننا سنصبح ذو مصالح مشروعة متوافق عليها، نسعى من خلالها لتحقيق أهداف مترابطة، فتصبح الغاية مشتركة للوصول إلى مصلحة عامة واحدة هى مصر العظيمة،والعجيب أننا انقسمنا أكثر، بل وزاد تفرقنا مصالح جديدة خاصة ذكرتنى بقصة فيلم عربى هو " الراقصة والسياسى "، وكذبت نفسى وقلت أن هناك مصالح دائمة بيننا جميعا ولكن... وجدت انقسامات عديدة وتفرعات كثيرة وكيانات في أعداد لا يمكن حصرها، وكلها متفرقة الهدف، مختلفة في أساليبها وتطلعاتها وزاد الطين بلة، فلم أجد مصالح دائمة ولا تحالفات دائمة ولا سياسات دائمة في بلاد مازالت تحكمه المادة، بتطلعات غير مشروعة وبأساليب ماكرة وبحوارات جانبية لا تسمن ولا تغنى من جوع. واسمحوا لى بما أننى وجدت سيادة لمقولة "الدنيا مصالح وليست علاقات"، أن اتكلم عن الجميع بكل حرية وأطرق الأبواب المغلقة. مصالح الاسلاميين في مصر الاسلاميون في بلادنا منقسمون حسب مصالحهم إلى نوعين، نوع يدعو صراحة إلى تطبيق الشريعة وإلغاء السياحة وهدم الأضرحة والأثار وإقامة الحدود ونوع متحضر سياسى لدرجة لا تتصورها ينشر أنه يدعو لدولة مدنية من وجهة نظرة ورغم ذلك فهناك نقاط اتفاق بينهم ولكن لا يتحالفون حتى لو كانت أهدافهم واحدة، بل يمكنهم أن لا يعيروا أى انتباه ليوم القيامة إذا قام، ليفوزا بالبرلمان أو بالكعكة السياسية كما يسميها البعض وبل يتقاتلون عليها ويتنافسون وكأنهم سيحصدون منها الجنة. مصالح الليبراليين في مصر الليبراليين في وطنى أنواع مختلفة ومتفرقة تجمعهم دائما المصالح والمواقف السياسية ولكن بلا جدوى، فوجودهم وإنتاجهم والتحامهم مع الشارع المصرى منعدم للغاية ولديهم حالة من التهور والتحامل الذى ليس له معنى وبالرغم من ذلك فوجودهم بين الثوار يعطيهم قوة كاذبة تتناسب مع القوى الأخرى. مصالح أمريكا وإسرائيل لأننى أتحدث عن مصر فكان لزاما، ان أوضح أن هناك سياسات خاصة ومصالح مشتركة تجمع بين أمريكا وإسرائيل داخل مصر، فمصلحة إسرائيل ومعاهدة السلام كامب ديفيد والنهج السياسى في أن نكون تابعيين لهم وان لا نتبع كيان دولى قوى أخر مثل روسيا أو الاتحاد الاوربى أو دول أسيا، هى نقطة دائما ما لا يتكلم عنها الكثيرين. مصالح دول الخليج العربى أبهرتنى الثورة حين خرج كل رؤساء دول الخليج لتهنئة مصر بالثورة ومدحها بأطيب الكلام ومساندة شباب مصر ولكن هذا لا ينكر مصلحتهم التى دائما تظهر حين يدافعون عن أسرة مبارك ومحاكمته وكأنه اخيهم في الرضاعة، فلا يجب أن ننسى ان معظمهم جاءوا في عصر مبارك، فكان مبارك سببا من أسباب جلوسهم على الكرسى وحامى لمصالحهم البترولية ولبقائهم في عرش بلادهم. مصالح النظام السابق لا أنكر لكم عن شعور بداخلى، يثبت أن النظام السابق وعلى رأسه المخلوع، له مصلحة خاصة الأن، ليس في محارية الثورة والثوار فقط ولكن يتمنى ان يعود من جديد حاكما لهذه البلاد ويسيطر بحزم وقوة على الأمور. مصالح المواطنين الشرفاء أشخاص قدر لهم أن يكونوا بشر، لولا الكفر لقلت أنهم من نوع جنس غير البشر، لا تفهمهم ولا تعى أهدافهم، متأكلون في بعضهم، تقودهم المادة بشكل قوى، ويمكن شراؤهم لأى مصلحة أردت، ولذا يمكن اعتبارهم نوعا جديدا من المرتزقة. مصالح الثوار شباب ونساء وشيوخ وأطفال، بشر تحسبهم ملائكة، ترى في وجوهم النور، يملئهم حب مصر، معركتهم ليست على حكم او كرسى أو منصب أو مادة، يشاركون فقط من اجل مصلحة عليا هى مصر، يتمنون لها الخير ولشعبها المحبة والمودة والتقدم والرخاء الدائم ولكن نقطة ضعفهم أنهم تفرقوا بين ايدلوجياتهم فهناك ثائر اسلامى وثائر ليبرالى وثائر بلا "مله " يطلق على نفسه مستقل، ولأنهم بلا قائد، تعطلهم فرقتهم عن تحقيق غايتهم، ولاننكر نشاطهم ومثابرتهم وصمودهم فمبدأهم واضح " الانتصار أو الموت " مصالح العسكر "وشك (وجهك) ما يشوف إلا النور" العسكر يتشرفون ببدلتهم العسكرية ويلبسون رداء الحب والأمان والسلام على وجوهم أمام كل المصريين، ونظرا لوجودهم في موقع القوة والحكم يحاولون مرارا وتكرار إرسال رسالة إلى الجميع، بأننا مستعدون لتسليمكم السلطة مقابل الخروج الأمن وعدم محاسبتهم على " بلاويهم " التى اظن في اعتقادى أنها أكبر من المصائب التى أوقعنا فيها مبارك وذلك من خلالة متابعة الاحداث من يوم التنحى فتجد الامور تفاقمت وكأننا نعيش في الاحتلال الانجليزى لمصر. المصالح تحولت إلى لغة تجسد ما يحدث اليوم في بلادنا، من تحالفات حزبية على تقسيم كعكة البرلمان، إلى تحالفات ضد او مع العسكر لتحقيق غايات ومصالح اخرى، وأحيانا تنهار كل هذه المصالح، أن ظهرت في الأفق بوادر مصالح جديدة لها نتيجة أقوى على أرض الواقع، فترى من يجد مصلحته في الحصول على مرآة المال ليبيع اغلى ما يملك، وأخر يرى مجده وعلوه في كرسى أو منصب أو جاه، وأخر يرى أن مصلحته في الثبات والصمود، وأخر يسعى لتحقيق شهرة ورياء على حساب الإخرين شهداء أو مصابين أو مواطنين أخرين كل ذنبهم أنهم يعيشون بفطرتهم ويتعاملون مع الحياة بأسمى القيم وأغلى المبادئ. وفي النهاية فأن الكل يردد أننا نرحب بالديمقراطية في بلادنا مصر، وأننا نسعى لتحقيق توافق اجتماعى سياسى ثورى، والنتيجة أننا نعيش في بلاد المصالح.. حيث مازالت تحكمنا الفرعنة والمادة وكأننا نعيش في الجاهلية والمبررالمزعوم الذى سيتكرر على سمعك كل يوم بأن الجميع يتعلم والاختلاف في الرأى لا يفسد في الود قضية. أحب أن أهنئكم جميعا.. فقد فشلتم في أول اختبار لديمقراطية.. وأسأتم إلى الشعب المصرى إذ أصبح بالنسبة لكم مثل "فئران التجارب". وبكلمات عبد الرحمن الأبنودي "الجميع تآمر على الثورة.. نحن بتخاذلنا وتفرقنا وعدم تواضعنا".