في أفضلية الحرية ووجوبها، نتكلم، فالحرية أفضل نعم الله على الإنسان، كما قال الإمام محمد الغزالي، وحيث تكون الحرية يكون الوطن، كما نقل عن فرانكلين روزفلت.وأخيراً، الحرية هي الحامي الوحيد للأخلاق والقيم الإنسانية، إيمانويل كانط تلك الأقوال وغيرها من آلاف الأقوال الأخرى في مديح قيمة هي من أهم قيم الإنسانية والحياة البشرية, فلا شك بأن الجنس الذي ننتمي له كونه الجنس العاقل الوحيد على سطح كوكبنا فهو الجنس الذي حمل الأمانة :"(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )(72) سورة الأحزاب. تلك الأمانة التي أعتقد (صادقا) أنها الحرية, الحرية في الاختيار الإيمان بما تشاء، وأن تكفر بما تشاء, أن تختار عن حرية ما تعتقد به وما لا تعتقد, تلك هي حرية الاختيار في أفعالنا التي سنحاسب عليها يوم القيامة هل أحسنا فعلا في اختيار الخير, أم أساءنا فعلا، وظلمنا أنفسنا (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ). الملاحظ لبنية أي نظام شمولي وأحادي أنه نظام—دائما—ما يمتهن ويقتل تلك القيمة الإنسانية, فارضا على مواطنيه قتل حرياتهم بأيديهم في مقابل إطعامهم، أي أنه يضعك في مواجهة الإختيار بين حياة الإنسان- الإنسان, أوالإنسان- الحيوان. بعد سقوط النظام، وعودة الحرية التي عانى الشعب وناضل ليصل لها, بدأ الخلاف حول المنهج الأمثل، فكما قال العرب :" لكل فيما يحب مذاهب, وكذلك الحرية لكل فيما يريد لها من تطبيق مناهج". ومن هنا يبدأ صراع الأفكار حول تطبيق المناهج, ويدخل التحيز ليحدد أولويات الأجندات لكل فريق, بإختصار هو صراع الأفكار والإرادات, ويدور الصراع دائما بين فريقين رئيسيين, فريق من الإسلاميين يرى في حضارتنا العربية والإسلامية منهاج الحل, وفريق آخر يرى الغرب بعين الإنبهار فهو المخلص لنا من تخلفنا, ولديه الحل إذا أردنا حقا لحاقا بركب الحداثة والتطور والمدنية، في تبيان الفرق الفلسفي بين مفهوم الحرية شرقا وغربا, وإعطاء الأمثلة للتوضيح, نكمل لاحقا.