كشف نائب رئيس قسم الدراسات في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي توماس كاروثرز أن الولاياتالمتحدة لا تزال تدعم الأنظمة المستبدة في الشرق الأوسط، وأضاف أنه يبدو أن واشنطن لم تستخلص العبرة من الربيع العربي في المنطقة. وأوضح كاروثرز في مقال نشرته له صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أنه ما إن حلت الذكرى السنوية الأولى للثورات الشعبية، حتى أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في ديسمبر الماضي عن عزمها بيع صفقة ضخمة من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، بسعر قد يزيد على حجم إجمالي الناتج المحلي السنوي لأكثر من نصف دول العالم. وقال كاروثرز إن الإدارة الأمريكية باركت الصفقة واعتبرتها "إنجازا تاريخيا" من شأنه ترميم وتعزيز العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسعودية. وأضاف أن الصفقة مثلت أيضا شكلا من أشكال التجاوز لماهية الحقائق التي أوجدها الربيع العربي على أرض الواقع. وقال الكاتب إنه بالرغم من أن الثورات الشعبية ربما توحي بأنها تمثل موجة من التغيير السياسي في جميع أنحاء الشرق الأوسط، إلا أن الواقع يبدو خلاف ذلك، موضحا أن الموجة أغرقت معظم الجمهوريات في المنطقة، مثل تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، ولكنها لم تقترب كثيرا من الأنظمة الملكية، باستثناء ما يجري في البحرين. وأضاف أن بعض الأنظمة الملكية النفطية ربما تعتقد أن لديها من الأموال ما ترضي به مواطنيها وتحافظ عليهم بما يمنعهم من التفكير في الثورة، وأن بعض الملكيات ربما تظن أنها تمتلك شرعية ذات صبغة دينية خاصة، ولكن حقائق الربيع العربي تقول عكس ذلك. وأوضح كاروثرز أنه يجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار أن ما سماها بالأنظمة الطاغية التي سقطت أمام الثورات الشعبية العام الماضي، كانت تبدو أيضا أنظمة راسخة وقوية، ولكن المفاجآت السياسية -التي غالبا ما تنبع من الاحتجاجات الشعبية- سرعان ما أطاحت بتلك الأنظمة. وقال الكاتب إن إدارة أوباما تدرك مدى هشاشة الأنظمة الاستبدادية العربية، وأن واشنطن ساعدت على الديمقراطية في ليبيا وفي مصر بشكل أو بآخر، ولكنها لا تبدو مستعدة للمخاطرة بمصالحها وبعلاقاتها القوية مع بعض الأنظمة بالرغم من كونها أنظمة استبدادية. وأوضح أن واشنطن برغم حرصها على تعزيز الديمقراطية في العالم العربي، فإنها تحرص أكثر على أصدقائها الدكتاتوريين، وذلك لما يقدمونه من دعم لقضايا تتعلق بالأمن والاقتصاد الذي يعود بالتالي بالنفع على المصالح الأمريكية.