بينما عبر رئيس الحكومة الفلسطينية المنتخبة إسماعيل هنية عن سعادته الشديدة بالاستقبال الذي قام به عدد كبير من شباب جماعة الإخوان المسلمين والأحزاب المصرية الأخرى، لاقت زيارته للقاهرة فتوراً متعمداً من الجهات الرسمية التى تدير البلاد بلغ حد إلغاء لقاء مقرر مع رئيس الوزراء، دون توضيح الأسباب. وكشف مدير مركز الدراسات الفلسطينية في القاهرة إبراهيم الدراوي عن خطاب قال إن الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم أرسله إلى السفراء الفلسطينيين لدى الدول التي زارها هنية من أجل مطالبة مسؤولي هذه الدول بعدم استقبال هنية رسميا كرئيس للحكومة. وقال هنية للشباب الذى إحتشد في استقباله "أنتم شباب مصر البواسل"، ردًّا على هتافات الشباب المحتشدين الذين حرصوا على استقباله بمطار القاهرة، شاكرًا إياهم على الاستقبال الحافل الذي نظموه له. وردد الشباب العديد من الهتافات المؤيدة لهنية، من بينها "يا هنية يا هنية .. أوعى تسيب البندقية"، "تسقط تسقط إسرائيل"، وغيرها من الهتافات المناهضة للكيان الصهيوني والمنادية بنصرة فلسطين وتحريرها. دعوات غير حكومية: وكان بعض النشطاء المصريين قد وجهوا دعوات على صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لتنظيم استقبال شعبي لهنية، حيث تعالت هتافات المستقبلين لتحية هنية لدى وصوله حاملين صوره والأعلام الفلسطينية والمصرية وبعض اللوحات المكتوب عليها "الأقصى ينادينا" وشعارات أخرى إلى جانب التكبير. وقد زار رئيس الحكومة الفلسطينية المنتخبة في قطاع غزة إسماعيل هنية مصر للمرة الثانية في غضون نحو أسبوعين ليلقى حفاوة من القوى السياسية، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، مقابل تجاهل رسمي بلغ حد إلغاء لقاء مقرر مع رئيس الوزراء، دون توضيح الأسباب. وكان هنية زار القاهرة قبل نحو أسبوعين في مستهل جولة خارجية شملت السودان وتركيا وتونس، حيث التقى في تلك الزيارة رئيس جهاز المخابرات العامة مراد موافي والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، قبل أن يحل ضيفا على مقر الإخوان المسلمين، حيث التقى مرشدها العام محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر. عند الإخوان والأزهر وقوبل هنية بحفاوة في مقر الإخوان المسلمين، حيث أشاد المرشد بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واعتبر أنها قدمت نموذجا يثير الإعجاب، خصوصا في صفقة الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الصهيونية مقابل الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، وكذلك بالاتفاق على إتمام المصالحة مع حركة التحرير الوطني (فتح). لكن لقاء كان مقررا بين هنية ورئيس الوزراء كمال الجنزوري تأجل إلى الزيارة التالية التي كان مقررا أن يقوم بها هنية لمصر في طريق عودته إلى قطاع غزة بعد نهاية الجولة. وحل هنية ضيفا على شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي أكد على مشروعية المقاومة وقال إنها حق للشعب الفلسطيني. وأضاف أن الأزهر عبر دائما عن دعمه للقضية الفلسطينية في كل المواقف، وآخرها الحرب ثم الحصار على غزة، وكذلك المحاولات الصهيونية لتهويد القدس. من جانبه، أشاد هنية بمواقف الأزهر تجاه القضية الفلسطينية, وقال إنه أصبح البوابة الرئيسة للفلسطينيين إلى العالمين العربي والإسلامي, وأنه يعد القدس أمانة في عنق الأزهر وشيخه، وطالب بعقد مؤتمر دولي للدفاع عن القدس والمقدسات. لكن الأمور لم تمض بالقاهرة على هذا المنوال، حيث ألغي اللقاء الذي كان مقررا لهنية مع رئيس الحكومة المصرية، كما ألغي مؤتمر جماهيري كان مقررا مساء أمس، مما دفع الرجل إلى إنهاء الزيارة قبل موعدها والعودة إلى قطاع غزة. ضغوط خارجية ورجح مدير مركز الدرسات الفلسطينيةبالقاهرة إبراهيم الدراوي أن القاهرة تعرضت لضغوط من الولاياتالمتحدة وكيان العدو الصهيوني والسلطة الفلسطينية لعدم استقبال هنية رسميا والاكفتاء باستقباله كقيادي في حماس. وقال الدراوي إن هذه الضغوط مورست على كل الدول التي زارها هنية، لكن دون جدوى, مشيرا إلى الاستقبال الحافل لهنية رسميا وشعبيا في تركيا والسودان وتونس. وكشف الدراوي عن خطاب قال إن الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم أرسله إلى السفراء الفلسطينيين لدى الدول التي زارها هنية من أجل مطالبة مسؤولي هذه الدول بعدم استقبال هنية رسميا كرئيس للحكومة المقالة. واعتبر الدراوي أن ما حدث كان نوعا من الرغبة في إفشال الزيارة لإبقاء الحصار على غزة، وهو ما يعني أن المصالحة التي كانت تعدت إدارة الانقسام إلى إنهاء الانقسام، تبدو في طريقها للاحتضار، خاصة مع استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وكيان العدو الصهيوني في عمان. من جانبه, قال الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين محمود حسين للجزيرة نت إن الجماعة نصحت الحكومة باستقبال هنية كرئيس للوزراء, مضيفا أنه لا يعرف حتى الآن ملابسات إلغاء اللقاء بين هنية والجنزوري. أما القيادي بالجماعة جمال حشمت فقال إنه لا يستبعد تعرض القاهرة لضغوط, معتبرا أن هذا الموقف يعني أن الحكومة ما زالت تسير على خطى نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أهمل القضية الفلسطينية وسعى إلى تهميشها. لكن حشمت لا يرى الأمر سلبيا تماما، مشيرا إلى أن جولة هنية منحت زخما سياسيا وحرية حركة لم يكن مسموحا بها من قبل للحكومة الفلسطينية المنتخبة, وهو ما يمثل برأيه بعدا إيجابيا يمكن البناء عليه