أكد الكاتب البريطاني روبرت فيسك إن العقوبات التي يفرضها الغرب على طهران ليست سوى جزء من التاريخ الذي يدفع الإيرانيين إلى كره البريطانيين. وذكر فيسك في مقال بصحيفة إندبندنت قصة هارفي موريس مراسل وكالة رويترز في طهران بعد الثورة، إذ طلبت منه وزارة الإرشاد الإسلامي مادة عن تاريخ الوكالة، فحول موريس الطلب إلى مكتب لندن للحصول على معلومات عن البارون فون رويتر، ليفاجأ بأن مؤسس أكبر وكالة أنباء عالمية بنى شبكة السكة الحديدية في بلاد فارس وحصل على أرباح فاحشة، وقال "كيف يمكن أن أقدم هذا للوزارة؟ لقد اتضح أن البارون كان أسوأ من الشاه اللعين"، وقال فيسك "طبعا، كانت الوزارة الإيرانية على دراية بالأمر". وقال فيسك إن بريطانيا اشتركت مع الاتحاد السوفياتي السابق في غزو إيران عندما تقارب والد الشاه محمد رضا بهلوي مع النازيين في الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1953 ساعد البريطانيون الأميركيين على إسقاط حكومة محمد مصدق المنتخبة ديمقراطيا بعدما أمم الحصة النفطية البريطانية في إيران. وأشار فيسك إلى أن وكالة المخابرات الأمريكية أطلقت على العملية اسم "العملية أجاكس"، وكان عميل جهاز المخابرات الخارجية البريطانية أم آي 6 في طهران هو العقيد مونتي وودهاوس الذي أدخل الأسلحة لإيران بغرض إعطائها لمقاومين "وهميين"، كما أنه ساعد مشروع "سي آي أي" لتمويل أصحاب البازار في طهران من أجل إطلاق مظاهرات ضد الحكومة، وسقط في تلك المظاهرات المئات وربما الآلاف. وأضاف فيسك إن العملية نجحت، فتم اعتقال مصدق، وعاد الشاه الشاب إلى عرشه ليفرض قوانينه مدعوما بجهاز السافاك الذي يثق فيه كثيرا، وأصبح تصوير تعذيب النساء المعارضات لنظام الشاه أمرا منهجيا، وأضاف فيسك "وفقا للصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل فإن ضباط المخابرات المركزية الأميركية كانوا يوزعون هذه الأفلام باعتبارها مادة إرشادية لحلفاء واشنطن في العالم"، فكيف ينسى الإيرانيون كل هذا؟ وأوضح فيسك أن الوثائق التي عثر عليها الإيرانيون في السفارة الأميركية بعد الثورة أثبتت لهم أن واشنطن لم تكن تحاول إسقاط نظام الخميني فقط ولكن تسعى لاستمرار التعاون الاستخباري مع بريطانيا في إيران أيضا. وأضاف فيسك أن السفير البريطاني ظل مقتنعا حتى النهاية أن الشاه ورغم فساده يجب أن يستمر، كما أن الحكومة البريطانية ظلت قلقة بشأن المستقبل الإرهابي المفترض للحكومة الإيرانية الجديدة، وقال إن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير -في التحقيق الرسمي الخاص بغزو العراق- كان يهذي بضرورة الوقوف في وجه الاعتداء الإيراني. وختم فيسك مقاله قائلا "على أي حال، لقد وضعنا الإيرانيون أمس في الحضيض، وكما قيل لنا فقد أخذوا مجموعة من وثائق السفارة البريطانية، ولن أنتظر كثيرا لقراءة محتوياتها، فمن المؤكد أنهم سينشرونها".