بعد إتمام ركن الوقوف على صعيد عرفات بدأ حجاج بيت الله الحرام النفرة إلى المزدلفة تأسيا بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث يؤدون صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا في مزدلفة، ويبيتون فيها قبل أن يتوجهوا إلى منى لرمي أولى الجمرات جمرة العقبة الكبرى وذبح الهدي، ومن ثم يقوم الرجال بحلق شعر الرأس أو تقصيره إيذانا بالتحلل الأصغر، بينما تأخذ النساء أقل القليل من شعورهن تعبدا لله تعالى. وأدى حجاج بيت الله الحرام صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا في مسجد نمرة بعرفات؛ اقتداء بسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعد أن انتظم عقدهم على صعيد عرفات الطاهر، وامتلأ مسجد نمرة والساحات المحيطة به بجموع المصلين الذين توافدوا على المسجد لأداء الصلاة . وأم المصلين مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وألقى خطبة عرفة استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات . وخلال الخطبة ناشد المفتي المسلمين بعدم الوقوع في الفتن الطائفية وقال إن العالم الإسلامي يمر بأخطر مراحله داعيا الحجاج إلى صدق التوبة واللجوء إلى الله, وقال إن "الحج ليس منبرًا للمهاترات السياسية والمبادئ البغيضة وإنما لعبادة الله ووحدة الأمة المسلمة". وحذر من أن يحول الحج إلى ما يتنافى مع مقاصده "فلا دعوة إلا إلى الله وحده ولا شعار إلا شعار التوحيد والسنة". وأكد آل الشيخ على أن الحج يهدم ما قبله ذاكرًا الحديث الشريف "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، والحجة المبرورة ليس لها ثواب إلا الجنة" وقال أيضا "ما أعظم هذه الأيام وما أجلها من مواسم، واليوم عرفة يوم شريف كريم وعيد لأهل الموقف، يوم تعتق فيه الرقاب ويسمع فيه الدعاء ويجاب، وما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وأنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول ما ذا أراد هؤلاء، فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة، فعلى المسلمين أن يظهروا فيه التوبة والاستغفار والتذلل والانكسار طمعا في رحمة الله ومغفرته". واستقر نحو أربعة ملايين حاج على صعيد عرفات, وسط أجواء إيمانية, تلهج فيها ألسنتهم وقلوبهم بالذكر والدعاء, لأداء ركن الحج الأعظم, متضرعين إلى الله عز وجل أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار في هذا اليوم المبارك.