وزير الهجرة تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    محافظ الغربية يتابع استعدادات المركز التكنولوجي لاستقبال طلبات التصالح في مخالفات البناء    الدكتور أشرف غراب يكتب: حقوق الإنسان.. والادعاءات الزائفة    الهاني سليمان: فزنا على الزمالك رغم الغيابات.. ولعبنا جيدا بعد طرد حسام حسن    دمياط تستعد لاستقبال شم النسيم.. ورأس البر تتزين لاستقبال روادها    بعد خضوعه للعلاج ب «الكيماوي».. محمد عبده: "أنا بخير وفي مرحلة التعافي"    «ابعتها لحبايبك».. أفضل رسائل التهنئة ب عيد شم النسيم 2024    فيديو.. محمد عبده يبكي خلال حديثه عن إصابته بالسرطان: هذا من محبة الله    مجانا.. تقديم خدمات المبادرات الرئاسية بكنائس قنا خلال الأعياد    «لو منعناه هيتباع سوق سوداء».. «الصحة» تحذر المواطنين من الأسماك المملحة خاصة الفسيخ    .تنسيق الأدوار القذرة .. قوات عباس تقتل المقاوم المطارد أحمد أبو الفول والصهاينة يقتحمون طولكرم وييغتالون 4 مقاومين    10 مايو.. انطلاق ملتقى الإسكندرية الأول للسرد العربي بمركز الإبداع    نجل الطبلاوي: والدي كان مدرسة فريدة في تلاوة القرآن الكريم    نتنياهو:‫ الحرب في غزة ستنتهي بانتصار واضح.. ومصممون على إعادة المحتجزين    «جالانت» يحث «نتنياهو» بقبول صفقة التبادل ويصفها ب«الجيدة» (تفاصيل)    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    الإسكان: إصدار 4 آلاف قرار وزاري لتخصيص قطع أراضي في المدن الجديدة    لوائح صارمة.. عقوبة الغش لطلاب الجامعات    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    ظهر على سطح المياه.. انتشال جثمان غريق قرية جاردن بسيدي كرير بعد يومين من البحث    والده مات بسببها منذ 10 سنوات.. خلافات على أرض زراعية تنهي حياة شاب في المنوفية    الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على موقع صوت أوروبا لبثه دعاية مؤيدة لروسيا    الهلال يطلب التتويج بالدوري السعودي في ملعب المملكة أرينا    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    لجميع المواد.. أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2024    روسيا تسيطر على قرية جديدة في شرق أوكرانيا    طريقة عمل الميني بيتزا في المنزل بعجينة هشة وطرية    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    تامر حبيب يعلن عن تعاون جديد مع منة شلبي    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    «أنا أهم من طه حسين».. يوسف زيدان يوضح تفاصيل حديثه عن عميد الأدب العربي    "صحة المنوفية" تتابع انتظام العمل وانتشار الفرق الطبية لتأمين الكنائس    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيف الدولة: حرب بين مصر واسرائيل العام القادم
نشر في التغيير يوم 09 - 10 - 2011

من حرب كبرى مثلت منعطفا كبيرًا في تاريخ العالم كله لا المنطقة العربية فقط، هي حرب أكتوبر المجيدة، إلى واحدة من أكبر حالات سرقة الانتصار التى عرفه التاريخ المعاصر.. هكذا كانت رحلة مصر مع كامب ديفيد بقسميها ثم معاهدة السلام، بحسب وصف الكاتب والمفكر محمد سيف الدولة الذي تحدث في هذا الحوار مع التغيير عن تأثير تلك الاتفاقيات على جوانب الحياة المختلفة في مصر، والأهم أنه يستقرىء مآلها ومستقبلها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، متوقعًا اندلاع حرب بين مصر واسرائيل بسبب هذه المعاهدة.
* مصر انتصرت عسكريا في أكتوبر لكنها هزمت سياسيا
* حكم مصر حسب " الكتالوج الأمريكي" قضى على روح أكتوبر
* مبارك باع القطاع العام عقابا له على تمويل حرب 1973
* رؤية "المخلوع" لملف سيناء تحكم البلد حتى الآن
* 70 % من رجال أعمال "كامب ديفيد" يحكمون اقتصادنا بعد الثورة
* ثورة يناير حررت مصر من أسر اتفاقيات الخضوع لإسرائيل
* على الإسلاميين أن يغيروا شعارهم ليصبح "الاستقلال هو الحل"
* الطريقة الوحيدة لوقف الاعتداءات الصهيونية على حدودنا هي تعديل المادة الرابعة من الاتفاقية المشبوهة
* سيناء ستظل "على كف عفريت" حتى نثور على كامب ديفيد
* لايوجد أمن قومي منفرد أو خاص لأي دولة عربية بمعزل عن باقي دول المنطقة
* النخبة السياسية المصرية لديها بعد الثورة "موقفان وربع" فيما يتعلق بامريكا وإسرائيل
* على التيار الإسلامي أن يكون رأس حربة للحركة الوطنية المصرية
كيف حدث الانحدار من روح أكتوبر والانتصار إلى روح الانحسار والرضوخ لإملاءات الغرب والصهاينة التى تجلت أوضح صورها في بنود معاهدتي كامب ديفيد ثم معاهدة السلام الشهيرة؟
بالتأكيد كانت هناك مقدمات لذلك الانحدار، أهمها أن الغرب ظل يعتقد طوال 200 سنة في سهولة هزيمة العرب وأنهم لن تقوم لهم قائمة، ذلك الاعتقاد تعزز بعد تولي أمريكا زمام قيادة العالم الغربي، ودعمته شواهد تمثلت مثلا في حملة نابليون بونابارت على مصر والشام في 1798 م، ثم الحربين العالميتين الأولى فالثانية، ثم سهولة الاستيلاء على فلسطين، ثم سهولة النصر الصهيوني على الدول العربية مجتمعة في 1967 م، مما رسخ القناعة بسهولة الانتصار على العرب، لكن جاء انتصار أكتوبر لينسف تلك القناعة ويزعزع هذا الاعتقاد، النصر أحدث صدمة كبرة لدى الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما، فتم اتخاذ قرار بضرورة دراسة مصر المنتصرة وتفكيكها مسمارا مسمارا وصامولة صامولة، وتم التوصل لتصور كامل للتعامل مع مصر وتحجيمها، هذا التصور أطلق عليه أنا "الكتالوج الأمريكي لحكم مصر"، استطاع الكتالوج ان ينقل مصر من مصر المقاتلة عام 1973 إلى مصر الخاضعة.
أما القواعد التى صيغ على أساسه ذلك الكتالوج فعلى رأسها ترتيب الوضع في سيناء بحيث تظل رهينة لدى إسرائيل يمكنها التهديد بإعادة احتلالها مرة أخرى، وأن يكون هذا التهديد هو الفزاعة التى يتم بها الضغط على أي إدارة سياسية لمصر، وهو ما طبقه الصهاينة مع النظام المصري قبل ثورة يناير وبعد الثورة!
القاعدة الثانية التى صاغ الغرب بقيادة أمريكا بناء عليها كتالوك حكم مصر، هي بيع القطاع العام لأنه كان يدعم المجهود الحربي وهو الذي مول الحرب في أكتوبر لذا تم بيعه بالأمر المباشر من قبل أمريكا والبنك الدولي.
كيف تقرأ الرضوخ الذي تعامل به صانع القرار السياسي المصري مع إملاءات كامب ديفيد ومن بعدها معاهدة السلام، خصوصا وأن ثمة مفارقة هي أن الرئيس الراحل السادات أعلن ذات مرة أنه اعتراضه على نزع سلاح سيناء لأن ذلك يجعلها في مهب الاعتداء الصهيوني في أي وقت؟
هناك عدة تفسيرات لهذا الرضوخ كلها تدور حول عقلية وأسلوب ونوايا الرئيس الراحل السادات في التعامل مع ذلك الملف، لكن في المحصلة نتج على الأرض في مصر نظام سياسي تابع لأمريكا يأتمر بأمرها ويعيش تحت حمايتها ويتواطأ مع مخططاتها فيما يتعلق بمصر، وقد حكم ذلك النظام مصر أيام الرئيس السادات ومن بعده حسني مبارك ومازال يحكم مصر حتى الآن.
ترتب على كامب ديفيد ثم معاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيوني جعل الرقابة على تنفيذ بنود الاتفاقيتين في يد أمريكا وهو ما جعل لها السيطرة عمليا على سيناء، كيف ساهم ذلك في تهديد الأمن القومي المصري؟
هذه نقطة هامة، فقد أعلن الساسة الإسرائيليون في عدة مناسبات أنهم استبدلوا قواتهم التى كانت تحتل سيناء بقوات أمريكية، فالجميع يعلم أن القوات الموجودة في سيناء ليست قوات محايدة أو نزيهة أو قوات لحفظ السلام لكنها قوات أمريكية للرقابة على مصر، كما أعلنت إسرائيل أكثر من مرة أنها خرجت من سيناء بضمانات أمريكية على أن تعود إليها ولاحتلالها في حال تغيرت الأوضاع في مصر في غير الصالح الإسرائيلي ومن أشهر من أعلنوا عن تلك النية السياسي الإسرائيلي الشهير آفي ديختر عام 2008، وقد أعلن السفير الصهيوني السابق في مصر أنه إذا كان هناك أحد يظن أنه يمكن العودة بالوضع بين مصر وإسرائيل لما قبل المعاهدة فهو "واهم".
إذن الأمن القومي لمصر رهينة في يد أمريكا وإسرائيل، لكن تجب هنا الإشارة إلى حقيقة هامة هي أن جملة "الأمن القومي المصري" عبارة غير دقيقة، فقد أثبت التاريخ أنه لايوجد أمن قومي منفرد أو خاص لأي دولة عربية بمعزل عن باقي دول المنطقة، حدث ذلك منذ دخل الاستعمار الأوروبي لمصر والشرق بدءا من الاسكندرالأكبر وحتى نهاية الاستعمار البيزنطي، فمنذ تلك الفترة التى استمرت حوالي 1000 عام وبدأت قبل 2500 سنة تأكد أنه لا يوجد أمن قومي لأي جزء من العالم العربي بمعزل عن باقي الأجزاء.
تؤكد دائما في دراساتك كتبك أن من أخطر نتائج كامب ديفيد ومعاهدة السلام عدم استقرار الوضع الأمني في سيناء، كيف ذلك؟
استقرار الوضع الأمني دائما مرتبط بقدرة الدولة على فرض كامل سيادتها على كل أجزائها، والسؤال الآن هو: لماذا يستطيع المجلس العسكري الآن أن يفرض سيادته على أي منطقة في مصر ويمنع الشغب والبلطجة لكنه لا يستطيع فعل ذلك في سيناء؟
الإجابة: لأنه لا يستطيع نشر قواته في سيناء، وذلك حادث بسبب بنود كامب ديفيد ومعاهدة السلام، ترتب على ذلك الواقع أن كثرا من الجماعات التى تمارس العنف في سيناء تستغل عجز مصر عن فرض سيادتها على سيناء لتفعل ما تقوم به، ومن أوضح الأدلة على ذلك قيام بعض قبائل سيناء بعقد مؤتمراتها في المنطقة "ج" الممنوع على القوات المصرية الانتشار فيها، أنا لا أهاجم أيا من اهل سيناء لكن الواقع يقرر أنه عندما تعجز الدولة عن فرض كامل سيادتها على أرضها فإن ذلك يحرض على كل التجاوزات وهناك دليل آخر على ذلك هو أزمة البائعين المتجولين التى شهدتها شوارع القاهرة قريبا عندما تراخت الشرطة في القيام بدورها فتمدد تواجد الباعة في كل المناطق بشكل مثل تهددا للأمن..باختصار ستظل سيناء "على كف عفريت" إلى حين إلغاء كامب ديفيد أو تعديلها.
ما هي أهم محطات وقوعنا في فخ كامب ديفيد؟
بدأت المأساة مع قبول الرئيس الراحل السادات لفك الاشتباك الأول بين القوات المصرية والإسرائيلية في فبراير 1974 وقبوله إعادة القوات المصرية إلى غرب قناة السويس فبعد أن كان لنا 80 ألف جندي في سيناء اكتفى السادات ب 7000 فقط وبدلا من 1000 دبابة أبقى على 30 دبابة، تخيل 6 سنوات من الاستعداد لحرب تحرير سيناء تنتهي إلى 7000 جندي و 30 دبابة! وكانت تلك هي الضربة الأولى لحرب اكتوبر.
الضربة الثانية جاءت في الترتيبات الأمنية الموجودة في المادة الرابعة من كامب ديفيد التى تجرد سيناء من السلاح. ولا يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل إن تلك الترتيبات الناشئة عن كامب ديفيد تخالف المادة الثالثة من الدستور التى تنص على أن السيادة للشعب وحده..فواضح أن هذه المادة لا تطبق على سيناء، ووفقا لتك الترتيبات أيضا فإن التهديد بإعادة احتلال سيناء يرغم أي إدارة مصرية على الرضوخ للأمريكان والصهاينة وهو ما ينفي الاستقلال السياسي لمصر.
ثمة مفارقة تحتاج لتوضيح، فالأمريكان هم من أشرفوا على صياغة بنود كامب ديفيد ثم معاهدة السلام لكنهم هم أنفسهم من يؤكدون في إعلامهم أن مصر هزمت في حرب السادس من أكتوبر؟
للأسف مصر هزمت سياسيا في أكتوبر، قبل الحرب كانت مصر مستقلة سياسيا لكنها مهزومة عسكريا وأرضها محتلة لكن بعد الحرب استردت مصر أرضها وفقدت إرادتها واستقلاليتها السياسية، من هنا نشأت مقولة بعد الحرب مفادها أن مصر أخذت سيناء لكن أمريكا أخذت مصر كلها! منطقي إذن أن يزعم الأمريكان في إعلامهم أن مصر خسرت حرب أكتوبر لأن لنتائج السياسية جاءت في صالح الصهاينة.
كيف تم تحويل بوصلة الضمير والروح المصريين المنتصرين في أكتوبر إلى القبول بعلم إسرائيلي يرفرف فوق أعلى عمارة مطلة على نيل القاهرة؟
الإجابة على هذا السؤال كانت صعبة جدا في الماضي، لكن الآن وبعد الثورة صارت واضحة ومفهومة، إنه دور الإعلام، إعلام نظامي مبارك والسادات الذي ظل طوال العقود الماضية يدفع باتجاه مقولات باطلة من نوعية "مصر أولا" وأن مصير مصر منفصل عن مصير فلسطين، لكن واقع الأمر أن هذه المقولة كانت ستارا لإخفاء حقيقة أن "إسرائيل أولا".
ثم كانت هناك تلك الحملات الشعواء على انتماء مصر العربي، ثم اللعب على الجانب الاقتصادي والكذب على الناس بأنه لولا الحرب على إسرائيل لكنا في حال اقتصادية أفضل، بعد ذلك كانت هناك مرحلة سفر كثير من المصريين للخليج حيث تدفقت عليهم الأموال مما رسخ قناعة بان حالة "السلام" هي التى تسببت في هذا الرخاء والسفر وهذه الأموال، ثم انهالت على مصر في أول عشر سنوات من حكم مبارك مئات القروض التى كبلتها مما أحدث انتعاشا اقتصاديا مؤقتا وزائفا إلى أن توصل الغرب لقناعة مفادها أن مصر انتهت وخضعت فتوقفت المعونات القروض، تلك كانت أدوات تدجين روح أكتوبر..بالإضافة لصياغة الواقع المصري سياسيا على نحو وعلى أسس تحرم أية قوى سياسية ترفض كامب ديفيد ومعاهدة السلام من أن يكون لها نشاط شرعي.
هناك أيضا صناعة جيل من رجال الأعمال الموالين لكامب ديفيد والرافضين لأي صحوة وطنية حقيقة، وللأسف 70 في المائة من هؤلاء يتحكمون في الاقتصاد المصري بعد الثورة.
كيف تقرأ خطاب النخب السياسية المصرية بشأن التعامل مع ملف إسرائيل بعد ثورة 25 يناير؟
أرى أن النخبة السياسية المصرية لديها بعد الثورة "موقفان وربع" فيما يتعلق بامريكا وإسرائيل، الربع هو تلك القوى التى تتبنى خطابا رافضا للرضوخ لأمريكا وإسرائيل ليس من باب الدعوة للوقوف بوجههما ولكن أحيانا كثيرة يتم ذلك من باب مغازلة الرأي العام. هناك بعد ذلك موقف القوى الليبرالية وهو في جوهره يتبنى مقولات وأفكار أمريكا سواء بوعي أو بدون وعي.
الموقف الثاني هو موقف التار الإسلامي الذي يرى أن هناك "فيتو" أمريكيا على مسألة وصوله للسلطة لذا فهو يؤجل الاشتباك مع ملف إسرائيل مؤقتا، متصورا أن هذا التأجيل قد يعصمه من الفيتو الأمريكي، ولسان حاله يقول "عندما نصل للسلطة يحلها ألف حلال".
هذا الكلام رغم ما فيه من حكمة وتريث، لكن خطورته أن أمريكا لا تصدقه، ثم إننا في حالة ثورة وحالة توعية للرأي العام توجب علينا ان نحكي للناس ما تم مع مصر من تدمير وتدجين طوال حكم مبارك، خصوصا وأن أمريكا بإمكانها حصار الإسلاميين حتى لو وصلوا للحكم إلا إذا تبنى المصريون مشروعهم السياسي.
وأرى ان المصريين لن يتبنوا الخطاب الإسلامي للإسلاميين إلا بصورة جزئية لأن الخطاب الإسلامي موجود داخل نفوس المصريين بصيغ أخرى وبالتالي فقد أفضل مثلا اختار صيغتي الشخصية للتعامل مع هذا الملف وأرفض صيغة الإخوان مثلا أو السلفيين، لذا على التيار الإسلامي أن يكون رأس حربة للحركة الوطنية المصرية وأن يتبنى مشروعا للتحرر الوطني وأن يشرح للناس ضرورة وجود مشروع للتحرر الوطني.
ولدينا هنا دليلان على هذا الكلام، الأول أن كل الحركات والقوى العربية الوطنية دعمت المقاومة في فلسطين لأنها مقاومة لا لكونها إسلامية، الثاني أن نفس القوى دعمت المقاومة في لبنان لأنها مقاومة بصرف النظر عن كونها شيعية، ثم هناك نموذج أردوغان الذي التف حوله الشعب التركي عندما تأكد أنه يعلي المصلحة الوطنية التركية وليس لكون إسلاميا، لذا أرى أن الإسلاميين عليهم أن يجعلوا شعارهم "الاستقلال هو الحل" وبين قوسين لأن الإسلام يحضنا على الاستقلال.
إلى أي مدى تمثل ثورة 25 يناير بداية تحرير مصر من أسر "كامب ديفيد" والتبعية للأمريكان والصهاينة؟
هذا صحيح مائة بالمائة، رأيي أن أهم إنجازات ثورة يناير التى لم تستكمل أهدافها بعد هو أنها حررت مصر من نظام الفرد الواحد الذي يتيح لأمريكا وإسرائيل أن يضغطوا عليه أو يجندوه أو يستقطبوه لكي يضمنوا خضوعه لتحقيق منظومة مصالح إسرائيل، بعد الثورة لم يعد هناك في مصر نظام يمكن أن يبيع مصر في الأسواق الأمريكية.
بعد حادث قتل الصهاينة لجنودنا الستة على الحدود تجدد الحديث عن ضرورة إلغاء أو تعديل كامب ديفيد ومعاهدة السلام لأنها تقيد حماية مصر لحدودها، كيف تقرأ هذا المطلب وفرص تحققه؟
عندما استشهد جنودنا الستة برصاص الصهاينة على الحدود تلفت الناس حولهم وتساءلوا: ما الذي يمنع الجيش من حماية سيناء؟ فجاءتهم الإجابة سريعا: إنها قيود كامب ديفيد ومعاهدة السلام..فصارت هناك قناعة بضرورة تعديل أو إلغاء تلك البنود والقيود.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أمر مهم هو أن الوسيلة الوحيدة لتجنب أي عدوان صهيوني جديد على سيناء هي تعديل كامب ديفيد، وذلك على العكس تماما مما يتصوره كثيرون، فإسرائيل تدخل الحروب بمنطق الردع وتمتنع عنها بمنطق الردع، وبالتالي فالطريقة الوحيدة لمنع إسرائيل من تكرار عدوانها على سيناء هي أن تنتشر قواتنا المسلحة هناك، لأنه في حالة العدوان ستكون خسائرها كبرى لو اعتدت على الحدود وسيناء بها قوات مسلحة كافية لصد العدوان.
لكن طالما أنها تدرك أن كل ما سيطالها إذا اعتدت على مصر هو قليل من الشجب والإدانة الدوليين فذلك لا يعنيها في شىء ولن يثنيها عن شن اعتداء جديد على مصر خصوصا لو أفرزت الانتخابات القادمة حكومة لا ترضى عنها إسرائيل وأمريكا.
ورأيي أنه مالم يتم تعديل المادة الرابعة في كامب ديفيد على الأقل فإن إسرائيل ستشن عدوانا على سيناء خلال عام 2012، وإذا لم يتم تعديل هذه المادة ولم يحدث العدوان فاعلم أن صفقة تم إبرامها بين حكامنا الجدد وبين العدو الصهيوني، والاحتمالان "العدوان أوالصفقة" كلاهما شر.
كيف يمكن تعديل كامب ديفيد؟
ببساطة يمكن ذلك عبر خلق رأي عام مليوني يرفع الحرج عن المفاوض المصري داخل قاعات التفاوض ويجعله يعلن للأمريكان والصهاينة أنه غير قادر على مقاومة الضغط الشعبي الداعي لتعديل الاتفاقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.