د.مازن النجار \n\n رغم التقدم الهائل في وسائل الانتقال وسرعتها ومظاهر الرفاهية التي يتمتع بها بعض المسافرين والتحسن النسبي في معايير سلامة وأمان وسائل السفر، لا يزال السفر بحد ذاته ينطوي على صور متفاوتة من المعاناة والإرهاق، وأعراض مرض السفر من غثيان وتوعك وتوتر القولون، واضطراب النوم بسبب فروق التوقيت بين نقطتي المغادرة والوصول (الهدف)؛ إضافة إلى تورم الأقدام الناجم عن طول فترات الجلوس خاصة في الطائرات والقطارات والسيارات.\nوكانت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة قد أصدرت، منذ أشهر قليلة، تقريراً بنتائج مشروع بحثي يحذر من تضاعف مخاطر تكوّن جلطات دم مهلكة أثناء السفر لدى جلوس المسافر بشكل متواصل لأربع ساعات أو أكثر، وفقاً لبيان المنظمة العالمية. \n\n تعرف هذه الحالة ب\"السُداد التجلطي الوريدي\" (VTE)، ويتمثل بتكون جلطة دموية أولاً، أو تجلط (تخثر) ينشأ في وريد عميق، ويكون ذلك عادة في الساق. وهي حالة تسمى \"تجلط الوريد العميق\"(DVT) ، ويمكن أن تهدد الحياة، إذا ما أفلت التجلط وتنقل خلال الجسم إلى الرئة حيث يستقر هناك، ويسد جريان الدم.\nوهذه الحالة الأخيرة من السداد التجلطي الوريدي تعرف بالانسداد الرئوي. ومن أعراض تجلط الوريد العميق (DVT) الشعور بالألم، والتألم باللمس، والتورم، بينما تشمل أعراض الانسداد الرئوي ألم في الصدر وصعوبة التنفس.\n\n مخاطر منخفضة ولكن مؤكدة\nوتقول الدكتورة كاثرين لوغاليه-كامو، المدير العام المساعد لمنظمة الصحة العالمية لشؤون الأمراض غير المُعْدية والصحة العقلية، أن هذه الدراسة قد أكدت فعلاً زيادة مخاطر الإصابة بالسداد التجلطي الوريدي خلال السفرحيث يجلس المسافر بدون حركة لأكثر من أربع ساعات، سواء كان ذلك في الطائرة أو القطار أو السيارة.\nوتضيف أنه في نفس الوقت من المهم تذكر أن مخاطر نشوء سداد تجلطي وريدي أثناء السفر يبقي منخفضاً نسبياً. وحتى مع زيادة المخاطر، تصل احتمالات نشوء سداد تجلطي وريدي، لدى جلوس الركاب بدون حركة لأكثر من أربع ساعات إلى حالة واحدة فقط بين كل 6 آلاف مسافر.\n\n جاءت هذه النتائج من المرحلة الأولى من بحوث منظمة الصحة العالمية ضمن مشروع مخاطر السفر عالمياً. وتهدف هذه المرحلة إلى توكيد أو حسم ما إذا كانت مخاطر السداد التجلطي الوريدي تزداد بالسفر جواً، وتحديد نطاق هذه المخاطر.\nدوران الدم\nوبجانب السفر لأكثر من أربع ساعات، هناك عوامل أخرى تساهم في إمكانية نشوء سداد تجلطي وريدي، وتضم البدانة واستخدام أقراص منع الحمل وتاريخ نزوع الأسرة لزيادة تكون الجلطات.\nوبينما تستمر مخاطر نشوء سداد تجلطي وريدي مرتفعة لنحو أربعة أسابيع بعد الرحلة، فإن الركاب الذين يسافرون رحلات متعددة لفترات قصيرة هم أيضاً معرضون لتلك المخاطر.\nورغم أن الدراسة لم تبحث صراحة في إجراءات وقائية ضد السداد التجلطي الوريدي أو تجلط الوريد العميق، إلا أن خبراء الصحة يقولون أن تحريك القدم حول كاحل الكعب للأعلى والأسفل أثناء الجلوس يحسن من دوران الدم.\nولدى حصول هذا المشروع البحثي على تمويل إضافي، سيبدأ العمل على دراسات أخرى ضرورية للوصول إلى إجراءات وقائية فاعلة في المرحلة الثانية من هذا المشروع. تدعو هذه الدراسة السلطات المسؤولة عن قطاع النقل وشركات الطيران والوسط الطبي إلى إبلاغ المسافرين حول حالات ومخاطر السداد التجلطي الوريدي.