د.مازن النجار \n\n يبدو أن فوائد الكاكاو والشوكولاتة لا تقف عند المذاق اللذيذ أو المشروبات الساخنة والباردة باللبن أو بدونه، أو دور ألواح ومستطيلات الشوكولاتة مع فنجان القهوة أو الشاي في أوقات استراحة الموظفين والعمال كمصدر للطاقة وتجديد النشاط.\nفقد اكتشف باحثون بريطانيون ومجريّون أن أحد مركبات الكاكاو يمكنه أن يوقف السعال المتواصل؛ إذ توصل فريق من الباحثين بكلية \"إمبريال كوليدج\" بلندن ومستشفى \"برومبتون\" الملكية وشركة \"تشينوين\" المجرية أن لمركب الثيوبرومين، الموجود في بودرة الكاكاو المستخدمة في تصنيع الشوكولاته، فاعلية في إيقاف السّعال المتواصل تكاد تزيد بمقدار الثلث عن فاعلية الأدوية المعتمدة على مادة \"الكودايين\"؛ التي يسود الاعتقاد أنها أقوى مثبط للسعال حالياً.\nمقارنة الفعاليات\nقارن الأطباء القائمون على الدراسة بين فاعلية الثيوبرومين والكودايين بالمقارنة بين المقدار الذي سيتطلبه كل مريض من مادة \"كابسايسين\" ليصاب بالسعال. والكابسايسين هي المادة المستخدمة في التجارب الإكلينيكية لإحداث السعال، وذلك لتجريب وقياس كفاءة أدوية السعال قيد الاختبار. \nوجد الباحثون أن إحداث السعال لدى أفراد تعاطوا الثيوبرومين قد تطلب مقداراً من مادة الكابسايسين يزيد بمقدار الثلث مقارنة بأفراد يتعاطون الكودايين أو سواه.\nفالثيوبرومين تفوق قدرته على تثبيط السعال المتواصل قدرة أدوية الكودايين المضادة للسعال بمقدار الثلث تقريباً. ويُعتقد أن ذلك يعود لقدرة الثيوبرومين على تثبيط نشاط العصب المعروف باسم \"فاغس\" المسؤول عن إحداث السعال.\nكذلك لم يترتب على استعمال الثيوبرومين آثار جانبية، فليس هناك إذن قيود على مقدار الجرعة التي يمكن استخدامها لإيقاف السعال. وقد كان ذلك هو العائق التقليدي لاستخدام جرعات أكبر من مثبطات السعال المستخدمة.\nوهكذا، فإن عدم وجود أي آثار جانبية تقليدية لمثبطات السعال، كالنعاس مثلاً، يجعل استخدام الثيوبرومين غير مقيد بوقت محدد، إذ أنه لن يؤثر سلبا على انتباه المرضى، ومن ثم فلا عائق أمام استعماله أثناء العمل على الآلات مثلا، أو قيادة السيارات. وهي المحاذير التي يجب الانتباه إليها عند استعمال أدوية السعال التقليدية.\nتحسين سيولة الدم وخفض مخاطر الجلطات\nمن ناحية أخرى، وجدت دراسة أخرى لعلماء جامعة جونز هوبكنز أن تناول قليل من قطع الشوكولاتة الداكنة كل يوم يمكن أن يخفض مخاطر تكون جلطات الدم، وأن الشوكولاتة الداكنة تساعد على تحسين سيولة الدم على نحو قريب جداً من طريقة عمل الأسبرين.\nدرس الباحثون تأثير الأسبرين على صفائح الدم. وهي جسيمات دقيقة موجودة في الدم، تلتصق ببعضها البعض لتكوين كتل صغيرة، تتجمع بدورها مكونة جلطة دموية.\nقرر الباحثون إجراء مقارنة بين المدة اللازمة لتجلط الدم المأخوذ من مجموعة لم يمتنع أفرادها عن استهلاك الشوكولاتة والدم المأخوذ من مجموعة امتنع أفرادها عن ذلك.\nوجد الباحثون أن صفائح الدم المأخوذة من أفراد المجموعة الأولى (الشوكولاتة) تتجلط بعد 130 ثانية من أخذها، مقارنة ب 123 ثانية بالنسبة للمجموعة الأخرى (الممتنعة عن الشوكولاتة). بكلمات أخرى، صفائح الدم المأخوذة من المجموعة التي استمرت في تناول الشوكولاتة أخذت وقتا أطول لتكوين جلطات.\nخلص الباحثون إلى أن كيمياويات معينة في حبوب الكاكاو الخام، قد تكون الفلافونويدات (flavonoids)، وهي مضادات أكسدة لها تأثير كيميائي حيوي يماثل تأثير الأسبرين في خفض تكتل الصفائح الدموية؛ والذي يمكنه أن يحدث انسداداً في الأوعية الدموية مسبباً أزمات قلبية.\nيرى الباحثون أن بإمكان الجمهور الاستفادة من تناول بعض الشوكولاتة الداكنة أو من مشروب الشوكولاتة. ومن المهم أن يكون محتواها من السكر والزبدة أقل ما يمكن. والكمية المثالية هي بمقدار ملعقتي شاي من الشوكولاتة الداكنة يومياً.\nتثبيط سرطان الثدي\nوكان باحثون من مركز لومباردي الشامل لأبحاث السرطان بجامعة جورج تاون بواشنطن قد أجروا اختبارات معملية، اكتشفوا على أثرها أن أحد المركبات الموجودة في حبوب الكاكاو له أثر في مقاومة نمو سرطان الثدي. وتأتي هذه الدراسة ضمن سلسلة دراسات يجريها مركز لومباردي للوقوف على العلاقة بين مركبات الكاكاو ومرض السرطان.\nوالمعلوم أن مضادات الأكسدة من الفلافونويدات، المتوافرة بكميات كبيرة في حبوب الكاكاو وأوراق الشاي وكثير من الخضروات والفاكهة، تلعب دورا هاما في هذه الخصائص؛ وتساعد على وقاية الخلايا من العطب.\nفمضادات الأكسدة تقي خلايا الجسم من التلف التي قد تسببه مجموعات الجذور الحرة (free radicals)، والتي تنجم عن تقدم الخلايا في العمر، والتعرض لعناصر مؤكسدة كالتلوث الكيميائي والإشعاعي، بجانب عوامل أخرى. ويُعتقد أن مجموعات الجذور الحرة هي أحد الأسباب الكامنة خلف ظهور أمراض القلب والسرطانات.\nقام الباحثون باختبار تأثير مستخلص نقي من أحد مضادات الأكسدة الطبيعية الموجودة في الكاكاو (واسمه \"بنتيمر\" pentamer) على مجموعة من خلايا سرطان الثدي، معملياً، وقارنوا النتائج بأثر ذلك المستخلص على خلايا ثدي طبيعية. واستخدم الباحثون اختبارات مختلفة لإيجاد وتعريف البروتينات التي استطاع مركب الكاكاو تثبيطها.\nبروتينات متعددة\nوجد الباحثون أن مركب \"بنتيمر\" أدى إلى تثبيط أربعة من البروتينات المسؤولة عن انقسام الخلايا السرطانية، مما أدى لتوقف نموها. وبصورة أكثر تحديداً، قلل مركب الكاكاو من نشاط اثنين من البروتينات المعروفة بدورها في تحول الخلايا من الطور \"الهادئ\" الطبيعي إلى الطور المنقسم \"السرطاني\".\nاللافت في هذه النتائج أن المركب المستخلص من الكاكاو قد ثبّط عدة بروتينات في آن واحد، ولعل هذا هو السبب في ظهور نتائج إيجابية لمركب \"بنتيمر\" في تثبيط نمو خلايا السرطان رغم احتمال حدوث طفرات (تحويرات) جينية لواحد أو أكثر من الجينات التي يستهدفها ذلك المركب.\nوليس ثمة تفسير لقدرة مركب الكاكاو على تثبيط نمو الخلايا السرطانية. فربما يرجع ذلك إلى كون هذا المركب قادرا على تعطيل إحدى الآليات الأساسية المسؤولة عن نمو الخلايا. وربما يكون ذلك بسبب قدرة مركب \"بنتيمر\" على إحداث عدة تأثيرات مستقلة على وظائف مختلفة في الخلية، مما يؤدي إلى تثبيط نموها. وسيكون هذا السؤال على الأرجح هو لب أبحاث قادمة.\nوأشار الباحثون إلى أن نتائج الاختبارات المعملية التي تم التوصل إليها لا تشير بأي قدر من اليقين إلى أن تناول منتجات الكاكاو أو الشوكولاتة له أثر علاجي على مرضى سرطان الثدي.