د.مازن النجار \n\n وكان باحثون من معهد تكنولوجيا ماساتشوستس (MIT)، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قد أعلنوا عن تطوير سلسلة خطوات هندسية ومعادلات رياضية (ألغورثم) جديدة من أجل تصميم وإنتاج أجهزة تعويضية ذكية، تحول إشارات الدماغ إلى أفعال، لدى مرضى فقدوا أطرافهم شللاً أو بتراً، كما أفادت إصدارات المعهد.\nنشرت حصيلة تطوير هذه التقنية في دراسة بدورية \"مجلة الفسيولوجيا (الوظائف الحيوية) العصبية\"، وهي تقنية فيما يبدو توحد بين مناهج متباينة اتخذتها مختلف المجموعات البحثية لبناء نموذج أولي لأجهزة تعويضية عصبية للحيوانات أو البشر.\nألغورثمات بيوهندسية\nالدكتور رام سرينيفاسان، المؤلف الأول للدراسة والباحث في مركز إصلاح الجهاز العصبي بمستشفى ماساتشوستس العام، يقول أن هذا العمل يمثل تقدماً هاماً من جهة كيفية بناء \"ألغوررثمات\" أجهزة تعويضية عصبية لأناس لا يطيقون الحركة أو الكلام. \nوكان سرينيفاسان قد بدأ العمل على \"ألغورثم\" هذه الأجهزة عندما كان طالباً بالدراسات العليا في قسم الهندسة الكهربائية وعلم الحاسوب.\nمن المعلوم أن الصدمات والإصابات والمرض يمكن أن تؤدي إلى الشلل أو بتر الأعضاء، مما يحد من القدرة على الحركة أو الكلام رغم استمرار القدرة على التفكير وتكوين النوايا.\nفي إصابات الحبل الشوكي (بالعمود الفقري)، والسكتات، وأمراض كالتصلب الوحشي الضموري الجانبي (مرض لوجيهريج)، قد تصاب العصبونات أو الخلايا العصبية التي تنقل الأوامر من الدماغ إلى العضلات. وفي حالات بتر الأطراف، يفقد المريض الأعصاب والعضلات معاً.\nتمثل الأجهزة التعويضية العصبية نهجاً هندسياً لمعالجة الشلل والبتر. هنا تستخدم الإليكترونيات لرصد الإشارات (الرسائل) العصبية التي تعكس نوايا الفرد للجهاز التعويضي أو الحاسوب الذي يسعى لاستخدامه.\nتشكل ألغورثمات الأجهزة التعويضية العصبية الصلة أو الوصلة بين الإشارات العصبية التي يتم تسجيلها ونوايا المستخدم التي يتم فك شفرتها لتشغيل الجهاز التعويضي.\nعلى مدى العقد الماضي، انقسمت الجهود الرامية إلى وضع النماذج الأولية لهذه الاجهزة على طول الحدود ذات الصلة بمختلف مناطق الدماغ، ووسائل التسجيل، والتطبيقات. بيد أن تقنية معهد ماساتشوستس المقترحة توفر إطار عمل مشترك يقوم على كل هذه الجهود المختلفة.\nدوائر وسهام\nاستخدم هذا البحث طريقة تسمى \"النماذج البيانية\" التي طبقت على نطاق واسع لحل مشكلات في علوم الحاسوب مثل تحويل حديث إلى نص، أو تحليل الفيديو آلياً. النماذج البيانية المستخدمة من قبل فريق الباحثين هي رسومات بيانية (diagrams) وتتألف من دوائر وسهام تمثل معاً كيف تترتب على نوايا الشخص أنشطة عصبية موجهة للأجهزة التعويضية المستخدمة.\nتمثل الرسوم البيانية علاقة رياضية بين نوايا الشخص نوايا والتجسيد أو التعبير العصبي لتلك النوايا، وما إذا كانت النوايا تقاس بالتخطيط الدماغي (EEG)، أو أنساق القطب الكهربائي لداخل القحف، أو التصوير الضوئي. هذه الإشارات يمكن أن تأتي من عدة المناطق بالدماغ، بما في ذلك البنى القشرية وتحت القشرية.\nحتى البارحة، كان الباحثون العاكفون على أجهزة تعويضية ذات صلة بالدماغ يستخدمون ألغورثمات أو حلولاً مختلفة وفقاً للطريقة التي يستخدمونها لقياس نشاط المخ. هذا النموذج الجديد قابل للتطبيق مهما كان أسلوب القياس المستخدم. فليس هناك حاجة لإعادة اختراع نموذج جديد لكل طريقة أو لكل منطقة في الدماغ.\nتحديات هامة\nيؤكد سرينيفاسان على وجود كثير من التحديات لا تزال قائمة فى تصميم ألغورثمات الأجهزة التعويضية العصبية، قبل أن تصبح التقنية الجديدة متاحة للاستخدام. ورغم أنه ألغورثم يسعى لإطار عمل موحد، لكنه ليس شاملاً بالمطلق.\nفهو يدعم طرق متعددة لتطوير أطراف تعويضية، لكنه ليست النهج الوحيد والنهائي وفقاً لتوقعات هؤلاء الباحثين في السنوات القادمة. وعلاوة على ذلك، هناك اعتبارات رئيسة في أي جهاز تعويضي إليكتروحيوي مثل الكفاءة في استخدام الطاقة والمتانة.\nمن خلال فهم كمي أفضل للكيفية التي يسيطر بها الدماغ عادة على الحركة وآليات المرض ذاته، يأمل سرينيفاسان أن تتمكن هذه الأجهزه يوماً ما من السماح بمستوى المهارة الذي تصوره الأفلام السينمائية لهذا النمط من الأجهزة الذكية.\n لا تزال البون شاسعاً بين النماذج الأولية المتاحة والهدف النهائي المنشود. فترجمة أو تحويل ألغورثم إلى جهاز إكلينيكي تؤدى مهامه على أكمل وجه سيتطلب قدراً كبيراً من البحث والتطوير، ولكنه يمثل أيضاً سبيلاً مثيراً إلى التطوير العلمي والهندسي في السنوات القادمة.\n