د.مازن النجار \n\n أورد بيان لجامعة إلينوي أن دراسة علمية جديدة خلصت إلى إبطال نظرية علمية معروفة حول ضرورة قيام الدماغ ببناء بروتينات جديدة لأجل التمكن من تسجيل خبرات أو ذكريات جديدة في الذاكرة طويلة المدى.\n \nويمكن لنتائج هذه الدراسة -التي أجراها فريق بحث من علماء جامعة إلينوي بمدينة أوربانا-شامبين بقيادة عالم الأعصاب بول غولد، ونشرت نتائجها مؤخراً- أن تغير الفرضيات العلمية الأساسية لدى الأخصائيين بهذا الحقل حول دور توليف (بناء) البروتينات في تكوين الذاكرة.\n \nولطالما استخدم الباحثون في وظائف الدماغ عقاقير تعزز أو تعيق تكوين الذاكرة لأجل دراسة وفهم آلياتها الكامنة. وكانت تجارب أجريت سابقاً على الفئران، قد وجدت أن حقن مثبطات توليف البروتين بمناطق عمل الذاكرة بالدماغ قد يحول دون تكوّن الذاكرة طويلة الأمد.\n\n وقد أفضى ذلك بالعلماء إلى افتراض أن توليف بروتينات جديدة في الدماغ شرط أساسي لتكوين ذاكرة (ذكريات) طويلة الأمد. \n \nتذبذب الناقلات العصبية\n\n غير أن فريق بحث د. بول غولد قد اكتشف تفسيراً بديلاً لتلك الظاهرة. فقد لاحظ الباحثون أن مثبط توليف البروتين أنيسومايسين، شائع الاستخدام في أبحاث الذاكرة، يسبب تغيرات دراماتيكية في كيمياء الدماغ فضلاً عن تثبيط توليف البروتين بما يتداخل مع تكوين الذاكرة.\n \nوقد وجد الباحثون أن تعريض أدمغة الفئران لعقار أنيسومايسين يطلق العنان لتذبذب بالغ في مستويات الناقلات العصبية بمناطق الدماغ المستهدفة بالتجربة، ومنها لوزة الدماغ إحدى البنى الدماغية ذات الصلة بمعالجات الذاكرة والعواطف. والمعلوم أن التذبذبات الكبيرة بمستويات الناقلات العصبية بلوزة الدماغ تتداخل مع عملية تكوين الذاكرة.\n \nوفوجئ الفريق بكثافة الاستجابة الدماغية لعقار أنيسومايسين. فعقب حقنه في لوزات أدمغة الفئران بفترة قصيرة، لاحظوا قفزات هائلة تتراوح بين ألف و17 ألف بالمائة في مستويات الناقلات العصبية نورنبينَفرين ودوبامين وسيروتونين.\n \nتكرار التجربة\nوقال د. غولد إن ذلك كان أبعد ما يكون عن أي شيء فسيولوجي شاهده في تجربة سابقة. فعادة يُتوقع وجود زيادة في مستويات الناقلات العصبية بنسبة 200% في النتائج معقولة التماسك، أو بنسبة 300% في حالات الزيادة المفرطة. ولم يكن يفكر بإمكان إنتاج هذا القدر الهائل من الناقلات العصبية. \n \n\"\nمفهوم أن توليف البروتين ضروري لتكوين ذكريات تستمر طويلاً يستحق النظر مرة أخرى\n\"\nوبعد حصول الزيادة بقليل، هبطت مستويات الناقلات العصبية (دوبامين ونورنبينفرين) دون مستواهما الأصلي لمدة 48 ساعة بعد التعرض الأولي لعقار أنيسومايسين. وكما هو متوقع، فإن الفئران المعرضة لتأثير أنيسومايسين قبل تدريبها أبدت عجزاً عن تذكر أحداث بعيدة المدى.\n \nولتحديد ما إذا كان العجز -عن تكوين ذاكرة أو ذكريات ممتدة زمنياً- ناجماً عن حقن الدماغ بالأنيسومايسين أم بسبب تذبذب مستويات الناقلات العصبية، كرر الباحثون التجربة مع إضافة عقاقير توازن تذبذب مستويات الناقلات العصبية. ولدى تحييد أو تلطيف تذبذبات الناقلات العصبية رغم وجود أنيسومايسين، أمكن استرداد عملية تكوين الذاكرة.\n \nوخلص د. غولد إلى أنه لا يمكن إنكار أن توليف البروتين ضروري للمحافظة على وظائف الدماغ بما فيها الذاكرة، لكن مفهوم أن توليف البروتين ضروري لتكوين ذكريات تستمر طويلاً يستحق النظر مرة أخرى.