\r\n والنتيجة هذه، ويحتمل أن تتكرر في الانتخابات النيابية في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، هي مرآة تغير كبير في الحياة السياسية العراقية يبرز ابتعاد الشيعة والسنّة من الأحزاب الدينية، التي قويت شوكتها اثر الاحتلال الأميركي، في 2003. \r\n وتشير النتائج الى ميل العراقيين الشيعة الى تأييد رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، جزاء إطاحته ميليشيا رجل الدين الشيعي المتشدد، مقتدى الصدر، والتفاوض على انسحاب 142 ألف جندي أميركي، في الأعوام الثلاثة المقبلة، ولجم دور الأكراد. \r\n والحق أن انفضاض الشيعة عن الأحزاب الدينية لم يقتصر عليهم، بل شمل أحزاب العرب السنّة. ف «الحزب الإسلامي العراقي» خسر أمام احزاب سنيّة اخرى في معاقل الطائفة بالموصل، شمال العراق، والانبار، بغرب العراق. ويحمل عدد كبير من العراقيين الأحزاب الدينية المسؤولية عن تأجيج الخلافات الطائفية بين الشيعة والسنّة، بين 2005- 2007. وثمة مؤشر آخر الى ترجيح العراقيين كفة الميول العلمانية والوطنية في صناديق الاقتراع. ويبدو أن رئيس الوزراء الأسبق، اياد علاوي، وهو زعيم حزب، حصد نتائج جيدة في محافظات السنّة والشيعة، على خلاف الانتخابات السابقة في كانون الثاني (يناير) 2005. \r\n ولا شك في أن المالكي استغل سيطرته على أجهزة الدولة للترويج لسياسته. وأغدق الأموال على مجالس قبلية بجنوب العراق. وروج لحزب «الدعوة» على شاشات وسائل الإعلام الحكومية. ولكن هذه التدخلات لم تكن لتفضي الى فوز كاسح في الانتخابات، لو لم يحسب عراقيون كثر ان رئيس الوزراء أفلح في إرساء الاستقرار والأمن. \r\n والحق أن أوجه الشبه بين فوز المالكي وانتخاب فلاديمير بوتين رئيساً لروسيا، في 2000، كبيرة. ويومها، بدا بوتين شخصية وطنية قوية في مقدورها وضع حد لاستشراء الفوضى في عهد سلفه بوريس يلتسين، اثر انهيار الاتحاد السوفياتي. ويبدو أن العراقيين يتوقون الى استعادة الحكومة المركزية هيبتها لترسي الأمن، وتوفر فرص العمل والمياه والكهرباء. وشأن الدولة الروسية، تنفق الدولة العراقية عائدات النفط على تسديد رواتب نحو مليوني موظف حكومي. ويسهم توزيع المالكي الوظائف على انصاره في نجاحه الانتخابي. \r\n ودلّت انتخابات المحافظات على تغييرات حادة في موازين القوى في العراق. ففي محافظة نينوى، وعدد سكانها 2,7 مليون نسمة معظمهم من العرب السنّة، ونحو ثلثهم من الأكراد، فاز ائتلاف قبائل سنّية في الانتخابات. وفي الأعوام الماضية، حاز الأكراد الغالبية في المجلس المحلي جراء مقاطعة أهل السنّة الانتخابات، في 2005. وإقبال السنّة على المشاركة في الانتخابات وبروز دورهم في الحياة العامة يعوق مساعي الأكراد الى ضمّ المحافظة الى منطقة الحكم الذاتي الكردية. وفي محافظة الانبار، اقترع أهالي المدن والبلدات الواقعة على نهر الفرات لحركة الصحوات. ويبدو أن الناخب العراقي يحاسب من أساء إدارة شؤونه المحلية، منذ الانتخابات الأخيرة. \r\n \r\n عن «الاندبندنت» البريطانية، 3/2/2009