ومنها وأهمها أوكرانيا التي تحصل على الغاز الطبيعي الروسي بأقل من نصف سعره العالمي، وكان هذا الأمر مستمرا خلال السنوات الماضية بحكم الظروف والروابط بين روسيا وجيرانها وتقديرها لظروفهم الاقتصادية الصعبة، كما أن أوكرانيا ليست دولة عادية بالنسبة لروسيا، فالبلدان يربطهما التاريخ والجغرافيا والثقافة والدين، وقد كانا شعبا واحدا منذ عدة قرون. \r\n \r\n \r\n الآن الظروف تغيرت تماما، خاصة بعد اندلاع الانقلاب البرتقالي في أوكرانيا عام 2004، وجاء في كييف نظام حكم ليس له عدو في العالم سوى روسيا، وكان من الصعب على هذا النظام البرتقالي المدعوم من الغرب وخاصة من واشنطن أن يقنع الشعب الأوكراني بأن روسيا عدوة له وتريد له الشر، بالضبط كما فشل هذا النظام في إقناع شعبه بالديمقراطية والحرية الأميركية. \r\n \r\n \r\n كما فشل فشلا ذريعا في تحسين أحوال شعبه واقتصاد بلده الذي أصبح بعد أربعة أعوام واحدا من أكثر اقتصاديات العالم ضعفا ومهددا بالانهيار مع الأزمة المالية العالمية، أضف إلى ذلك الانقسام الشديد الذي حدث داخل هذا النظام البرتقالي بين قادته في صراعهم على السلطة، وخاصة بين رأسيه الكبيرين الرئيس فيكتور يوشينكو ورئيسة الوزراء يوليا تيموشينكا، هذا الصراع الذي وصل إلى حد الاتهامات بالخيانة الوطنية. \r\n \r\n \r\n الآن يحاول النظام البرتقالي في أوكرانيا أن يضع روسيا في أزمة مع الأوروبيين تشوه سمعتها وتجعل البعض لا يثقون في قدرتها على تنفيذ تعهداتها بتوريد الطاقة، وخاصة الغاز الطبيعي، حيث يمر جزء كبير من الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط أنابيب يمر في الأراضي الأوكرانية، وقد أكدت مصادر أوروبية ( وليست روسية) أن أوكرانيا كانت طيلة العامين الماضيين تسرق كميات من الغاز الذي يمر في الأنابيب عبر أراضيها إلى أوروبا، لكن الأمر مؤخرا لم يقتصر على سرقة الغاز بل وصل إلى حد التهديد بقطع الغاز عن الأوروبيين. \r\n \r\n \r\n خاصة بعدما قررت شركة غازبروم الروسية في آخر أيام العام المنصرم قطع إمدادات الغاز عن أوكرانيا بسبب رفضها لسداد ديون متراكمة عليها من شراء الغاز الروسي بلغت أكثر من مليار ونصف مليار دولار، ويدعي النظام الأوكراني أنه قام بتسديد الديون لروسيا، لكنه لم يسدد سوى مليار واحد فقط بينما تبقى نصف مليار وأكثر من سبعمئة مليون دولار غرامات تأخير في السداد. \r\n \r\n \r\n ولكن المشكلة ليست فقط في الديون بل في الرفض القاطع من جانب النظام الأوكراني لشراء الغاز الروسي بالسعر العالمي، ورغم أن روسيا وافقت على عمل ما يشبه المقايضة على رسوم عبور الغاز من الأراضي الأوكرانية فوافقت على جعل سعر الألف متر مكعب من الغاز لأوكرانيا مئتي وخمسين دولارا فقط وليس خمسمئة مثل السعر العالمي، إلا أن النظام الأوكراني رفض هذا العرض وأصر على عدم دفع أكثر من مئتي دولار. \r\n \r\n \r\n الخلافات في الواقع ليست حول توريد الغاز ولا حول أسعاره، بل هي خلافات سياسية يسعى النظام الأوكراني من ورائها مدفوعا من واشنطن إلى تشويه سمعة روسيا في أسواق الطاقة وإظهارها في مظهر الشريك التجاري غير الموثوق فيه، في محاولات أميركية لإبعاد أوروبا عن روسيا، ولا يهم النظام الأوكراني أن تقطع روسيا عن الشعب الأوكراني الغاز بقدر ما يهمه أن يرضي واشنطن ويثبت لها أنه ينفذ بالفعل ما تريده منه، مما يجعلها تدعمه في الانضمام لحلف الناتو. \r\n \r\n \r\n هكذا تشتعل حرب الغاز لتعاني منها الشعوب بسبب مغامرات الأنظمة الحاكمة غير المسؤولة. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أوكراني \r\n \r\n \r\n