\r\n بدأت حقبة الليبراليين الجدد برونالد ريجان واستمرت لمدة 27 عاما في عهد جورج بوش الأب وبيل كلينتون الى بوش الإبن وكانت تستند على مبدأ جوهري واحد وهو ان أسواق المال يجب أن تتمتع بسلطة أكبر لتقرر السياسة العامة أكثر مما تتمتع به الحكومات الديموقراطية. \r\n ويختلف الليبراليون الجدد فيما بينهم حول العديد من القضايا بل إنهم يختلفون حتى على خصائص الدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة في تقرير السياسة العامة ، ولكنهم يتفقون على أولوية السلطة المالية المهيمنة على الحكومة. \r\n وقد سار أصحاب المذهب الليبرالي الجديد مارجريت تاتشر ورونالد ريجان وجورج دبليو بوش على خطى الإقتصادي المحافظ ميلتون فريدمان في مهاجمة الحكومة. \r\n يقول ريجان ان الحكومة ليست حلا لمشاكلنا ولكن الحكومة هي المشكلة. وقد مهدت حكومة ريجان الطريق أمام وول ستريت للنمو. بيد أن الليبراليين الجدد الاكثر محافظة بنوا على تناقض وذلك أنهم طلبوا رعاية حكومية إلا أنهم جحدوا بها وأنكروها. وربما تتماشى أزمة وول ستريت الأخيرة بدقة مع هذا الوصف. \r\n وقد وضع البراجماتيان كلينتون وتوني بلير تصورا لدور مختلف الى حد ما للحكومة وهو دور على الرغم من تابعيته للأسواق المالية إلا انه يغلب عليه الطابع المحافظ والداعم. وعلى أية حال فالإختلافات بين المحافظين والليبراليين في حقبة الليبراليين الجدد هي في الأسلوب ونواحي التركيز. في عام 1992 وعد كلينتون أن يضع الشعب في المقام الأول ، بيد أنه قام بتعيين وزير خزانته روبرت روبين الذي وضع وول ستريت في المقدمة بالضبط كما فعل ريجان. ومنذ انتخاب كلينتون عام 1992 ظل الجدال السياسي محصورا داخل اطار الليبراليين الجدد ، ليقبل المبادئ الريجانية والكلينتونية ويتفاوض على الشروط الهامشية. وحتى دعاوى كلينتون من اجل رعاية صحية عامة كانت تندرج تحت الليبرالية الجديدة. فقد تضمنت تلك الدعاوى وعودا بإيجاد قوى عاملة أكثر مرونة وحراكا وقدرة على التأقلم. \r\n وقبل نهج كلينتون أن تكون الاسواق خلاقة وأكثر ديناميكية وانتاجا للثروة كما أنه أعاد تعريف دور الحكومة مختصرا إياه في مجرد شبكة للتصحيح والأمان. وكان الغرض من الحكومة هو \" دفع عجلة نمو الإقتصاد\". وفي النهاية فإن مزايا إعادة صياغة القواعد المالية من شأنه أن يفيض على جميع الأميركيين. \r\n وقد كرست حقبة الليبراليين الجدد من كلا الحزبين في الولاياتالمتحدة خلال الفترة من 1981 حتى الأسبوع الماضي من أجل النمو الاقتصادي ورأس المال والاستخدام الابداعي للدين. وأحاطت هالة من الفضائح الجنسية والحروب الثقافية بالسياسات الإقتصادية الكئيبة والموحشة \r\n وفي حين ان كلا الحزبين والمثقفين دخلوا في سجالات حول معارك الغذاء الا أنهم وافقوا على أن يترك للسلطة المالية تحديد معايير السياسة العامة. وفيما دخلوا في نقاشات حادة حول الزواج المثلي وحمل السلاح والاجهاض إلا أن الحزبين اتفقا على أن السياسات العامة الجيدة هي تلك التي تكسب ثقة الاسواق. \r\n وقد أمكن الصراع الشكلي حول القيم كلا الحزبين ان يحتفظ كل منهما بسماته المميزة منفصلة على الرغم من أوجه التشابه في الفلسفات الأساسية : السياسيون يفكرون والأسواق هي التي تقرر. \r\n وبالنسبة للجناح الليبرالي لليبراليين الجدد فالسياسات تتألف من أساليب واجراءات وأسئلة حول الكيفية. ومع سخريتهم من بوش واتهامهم له بعدم الكفاءة راح الديموقراطيون يقدمون انفسهم على أنهم يتمتعون بقدر أكبر من الكفاءة. وانتقدوا بوش لفشله في وضع خطة للحرب في العراق وتعيينه لأشخاص سذج للتعامل مع آثار اعصار كاترينا المدمر وإدارة الإقتصاد على نحو سيئ. وقدموا وعودهم بأداء أفضل على جميع الأصعدة. \r\n بيد أن ما لم يخبرنا به الديموقراطيون على أية حال أكثر بلاغة مما فعلوه. فقد اتهموا المحافظين بسعيهم وراء أهداف تفتقد الكفاءة ولكن ما جاء بعد ذلك أظهر انهم لم يكترثوا أن تكون الأهداف هي نفسها المشكلة. \r\n والديموقراطيون حرضوا على حرب العراق وعلى رفع القيود المالية واصلاح نظام الإفلاس ومركزية القوة المالية. ومن خلال حصر السياسات على الأمور المقبولة لدى وول ستريت شتت الليبراليون الجدد الإنتباه بعيدا عن الأسئلة المركزية للسلطة السياسية : من الذي يمتلكها وفيما تستخدم ؟ \r\n ولو أننا فهمنا حقبة الليبرالية الجديدة لربما جاءت استجابة أحزابنا وقادتنا بشكل مختلف ولربما طرحت أسئلة مغايرة وكانت إجاباتها أفضل ، كما أننا ربما كنا قد أدركنا تفاهة من يشكون من الاستقطاب السياسي في واشنطن عندما كان الخيار بين المدير التنفيذي الديموقراطي لمؤسسة جولد مان ساكس \" روبرت روبين\" والمدير التنفيذي الجمهوري للمؤسسة نفسها \" هانك بولسون\" \r\n \r\n ميشيل ماكدونالد \r\n أستاذ العلوم السياسية في كلية وليامز \r\n خدمة ام سي تي خاص ب(الوطن)