ففي منتديات وغرف المحادثات على شبكة الانترنت يوجه هؤلاء الشباب انتقادهم للقيادة الصينية على عدم اتخاذها إجراءات أكثر صرامة في التبت كما أطلقوا دعوات لمقاطعة الأنشطة التجارية الغربية القائمة في الدول التي تعترض على السياسات الصينية إلى جانب أنهم يصبون غضبهم على أي منتقد للصين. \r\n وانتقلت حالة الغضب الى حرم الجامعات الاميركية حيث قابل الطلاب الصينيون في جامعة جنوب كاليفورنيا راهب من التبت بأسئلة غاضبة كما تظاهر مئات من الطلاب في جامعة واشنطن عندما كان الدلاي لاما يلقي كلمة له. \r\n وربما يبدو هذا التفجر في الروح القومية خاصة بين جيل الشباب صادما إلا أنه كان قد بدأ في الظهور منذ وقت بعيد. والحقيقة فالقيادة في بكين بالرغم من جميع مشكلاتها ربما تكون أقل تشددا من الشباب الصيني الذين يمثلون مستقبل الصين. وإذا حدث وتحولت الصين الى نظام سياسي حر حقيقي لربما كانت اكثر عدوانية. \r\n ومشاعر القومية لدى الشباب تتفجر أمام قضايا مثل الاضطرابات التي تشهدها التبت. وكانت احتجاجات غاضبة سابقة معادية لأميركا قد وقعت على إثر قيام الناتو بقصف عرضي للسفارة الصينية في بلجراد عام 1999 ( ومعظم من قابلتهم من الشبان الصينين لا يعتقدون أن التفجير كان من قبيل المصادفة). وحتى بعد هجمات 11 سبتمبر الارهابية فيما كانت الصين والولاياتالمتحدة تسعيان لتقوية أواصر العلاقات الثنائية بينهما فقد أعرب بعض الشباب الصيني عن ترحيبهم بالألم الأميركي. \r\n كما تفجرت حالة غضب بين الشباب ضد اليابان وتحولت الى اعمال شغب في أنحاء الصين عام 2005 بعد توزيع اليابان كتبا مدرسية اعتبرها البعض في الصين انها عدوانية لما تضمنته من محاولة تغطية على الفظائع التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية. وخلال أعمال الشغب كنت اعمل في مدينة لانزو التي تقع ضمن المناطق الصناعية وسط الصين. ويوما بعد يوم كان الشبان الصينيون يسيرون عبر الشوارع يبحثون عن المحال التي تبيع بضائع يابانية ليقوموا بتدميرها على الرغم من ان تلك المتاجر مملوكة لتجار صينيين محليين. \r\n ومعظم هؤلاء الشبان القوميين ينتمون الى الطبقة الوسطى من سكان الحضر ممن يختلفون عن نظرائهم من سكان المناطق الريفية الذين يعانون الفقر وقد استفادوا بشكل كبير من العقود الثلاثة التي شهدت النمو الاقتصادي في بلدهم. كما أنهم بدأوا في السفر والعمل في الخارج، وأصبحوا يشاهدون شنجهاي وبكين تلحقان بركب المدن الغربية وأن الشركات الصينية التي تضم عدة جنسيات يمكنها ان تنافس الغرب بعد أن ألقت عن كاهلها مشاعر الرهبة من القوة الغربية. \r\n وهناك حالة من الدهشة التي تصل الى حد الذهول لدى كثير من المثقفين الصينيين متوسطي العمر إزاء التباينات بينهم وبين نظرائهم الأصغر سنا. ويعبر عدد من الأكاديميين الذين أعرفهم عن صدمتهم من تصرفات يقوم بها بعض الطلاب مثل احتقار الأجانب وعدم الإكتراث بالمفاهيم الليبرالية كالتحول الى الديموقراطية. ويميل طلاب الجامعة الآن الى تفضيل التخصصات في مجالات الاعمال التجارية عن الفنون الليبرالية مثل العلوم السياسية. \r\n ومنذ وقت طويل دأبت الصين على تشجيع القومية. وعلى مدار العقد الماضي قدمت الحكومة كتبا مدرسية تركز على وقوع الصين ضحية لقوى خارجية. كما أن وسائل الإعلام المملوكة للدولة مثل صحيفة الشعب اليومية تسلط الضوء على المعاملة السيئة التي عانتها الصين على يد الولاياتالمتحدة وقوى اخرى. \r\n وفي السنوات الأخيرة عمد الحزب الشيوعي الى فتح عضويته امام شبان الحضر وراح يؤكد لهم على أن مصلحتهم مع النظام وليس مع التغيير السياسي وأن الديموقراطية يمكن أن تؤدي الى الاضطراب وعدم الاستقرار. \r\n كما تعمل وسائل الإعلام الرسمية على تسليط الأضواء على المشاكل المتزايدة في مناطق الريف الصيني فالصين الآن يعاني من عدم مساواة في الدخول تماثل تلك الموجودة في دول أميركا اللاتينية وتؤكد للحضر أن مشكلة اقتصادية وسياسية قد تواجهه إذا حدث نزوح كبير من المزارعين الى المدن التي تتمتع بالثراء. \r\n والآن، ومع ذلك، وحسب المسؤولون الصينيون ، يبدو ان الحكومة الصينية تريد أن تحتوي \r\n القوميه. ويبدي بعض المسؤولين قلقهم خلال لقاءات غير معلنة أن الاحتجاجات القوميه حتى تلك الموجهة ضد دول أخرى سوف تتحول في النهاية الى اضطرابات ضد بكين كتلك التي وقعت في السابق قبل الحكم الشيوعي عام 1949 وتحولت الى اضطرابات عنيفة في أنحاء الصين. \r\n وعلى المدى البعيد فهذه الدعوات المتفجرة بالقومية ستثير تساؤلات حول نوع الديموقراطية التي يمكن ان تنهجها الصين. ويعتقد كثير من الأكاديميين الصينيين على سبيل المثال ان الصين الأكثر حرية ستكون أكثر خطورة أيضا. فالشباب الصيني إذا أصبح قادرا على التعبير عن آرائهم بحرية حقيقية ربما يكونوا قادرين على ممارسة ضغوط قوية على حكومة أكثر حرية لكي تنهج سياسة أكثر تشددا ضد الغرب بل ودفعها ربما الى غزو تايوان. \r\n وعلى النقيض من ذلك فالنظام الحاكم الحالي في الصين قد شرع في اتصالات واسعة غير رسمية مع القيادة الجديدة في تايوان بما في ذلك اللقاء الذي جرى في ابريل وجمع الرئيس الصيني هو جينتاو والنائب القادم للرئيس التايواني فنسنت سيو ، ومثل تلك اللقاءات تقابل بالشجب من المدونين. والخشية أن تتافقم الاحتجاجات الطلابية في الصين الى ما لا تحمد عقباه. \r\n \r\n جوشوا كورلانتزيك \r\n باحث مساعد في مجلس الباسيفيك الخاص بالسياسة الدولية \r\n خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست خاص ب(الوطن) \r\n