الفقاعات التصاعدية التي تعقبها فقاعات انخفاضية ليست بالأمر الجديد، بل إنها قصة قديمة معتادة في كتب التاريخ الاقتصادي للعالم. في بعض الأحوال تكون تلك الفقاعات متقلبة بما فيه الكفاية لدخول الاقتصاد بأسره في سلسلة من حالات متباينة من الركود والانتعاش. \r\n \r\n \r\n إن آلية عمل هذه الفقاعات بسيطة للغاية. فعندما ترتفع أسعار العقارات، تتعرض العائلات لضغوط ومصاعب في عملية سداد الفائدة الشهرية المترتبة على عملية الرهان العقاري، ومن ثم فإن إنفاق المستهلك على ضروريات الحياة الأخرى وكمالياتها يقل بشكل مفهوم بعد أن تنفجر الفقاعة. وأيضا فإن الوظائف والأجور في صناعة البناء تقل عندما تنخفض أسعار المساكن. \r\n \r\n \r\n لقد تصورت البنوك المركزية الحديثة أنها تعلم كيف تنحني أمام تلك الرياح. فبنك انجلترا والاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي الجديد تخفض أسعار الفائدة لديها في الأوقات الحرجة، وذلك من أجل تقليص وتعويض مدفوعات الرهان العقاري المرهقة للمستهلك. \r\n \r\n \r\n \r\n وبشكل مشابه، فإن ارتفاع إجمالي الناتج المحلي بشكل سريع للغاية يتسبب في حدوث معدلات تضخم تزيد تقريبا 3 %، الأمر الذي يدفع البنوك المركزية إلى تقليص السيولة عن طريق رفع معدلات الفائدة الرسمية. وعادة ما تهدأ الأمور عندما تحدث طفرة في مجال التوظيف. \r\n \r\n \r\n سأضيف ملاحظة واحدة مهمة في هذا الشأن. لم يكن حماي عندما كان رئيسا لفيرست ناشونال بنك في بلدة صغيرة تدعى برلين في وسكونسن حيث كان كبير المقرضين لجهات الإقراض في مجال الرهان العقاري- لم يكن يعلم هؤلاء الذين كانوا يأتون إليه بغرض اقتراض الأموال لاستخدامها في أغراض الرهان العقاري وقتها فحسب. \r\n \r\n \r\n وإنما كان بالتأكيد يعلم أيضا وبشكل شخصي أجداد المقترضين الحاليين، ونتيجة لذلك فإنه عندما تتغير ظروف الائتمان وتتغير أسعار العقارات، فإنه لم يكن يفاجأ عندما يتعرض بعض المدينين لضغوط أقل من غيرهم ممن يكونون في ضائقة كبيرة. \r\n \r\n \r\n ما هو العنصر الجديد في هذا السياق والذي يختلف عن التقلبات المعتادة في عمليات التمويل العقاري؟ \r\n \r\n \r\n هناك ثلاث كلمات يمكنها تلخيص الأمر وهي: الهندسة المالية الحديثة. ماذا يشمل هذا المصطلح؟ \r\n \r\n \r\n إنه يشمل مشتقات مالية جديدة، مثل خيارات بيع كمية محددة من الأوراق المالية أو الأسهم بسعر ثابت خلال مدة محددة، وهي الخيارات التي يستفيد منها الشخص عندما تنخفض أسهم شركة مثل آي بي إم، ومثل خيارات شراء كمية محددة من الأوراق المالية أو الأسهم بسعر ثابت خلال مدة محددة، وهي الخيارات التي يستفيد منها الشخص عندما يرتفع سعر أسهمه أو سنداته. هذا المصطلح يشمل أشكالا جديدة من الرهون أو الضمانات الإضافية التي تسمح للشركات والمصارف لأنفسها بإبعادها عن بيانات ميزانياتها. \r\n \r\n \r\n في العام الماضي عندما قامت مصارف صغيرة في كل مكان بتقديم رهون عقارية لعقارات محلية، فإنها باعت بأسعار مخفضة لأطراف غير معلومة في نيويورك أو في الشمال القطبي في النرويج مجموعة من عمليات الرهن الجيدة والسيئة، والرهن السيئ هو الذي يُمنح لعائلة فقيرة من غير المحتمل أنها ستقدر على سداد الأقساط الشهرية للرهن إلا في حال استمرار فقاعة العقارات. \r\n \r\n \r\n إن أميركا لم ترسل جراثيم الجدري أو جرثومة الجمرة الخبيثة إلى الخارج. فما قامت بفعله هو أنها قامت بتصدير شحنات من الجبن الرهن الجيد والجبن السيئ وجبن تقف حالته بين السيئ والجيد. غير أنه تم منح المجموعات الثلاث من الجبن تقدير «إيه إيه إيه» الذي يؤكد على سلامته الغذائية وذلك من قبل ثلاث وكالات تصنيف رئيسية في البلاد، الأمر الذي بالقطع يمثل نكتة سخيفة ذات عواقب وخيمة. \r\n \r\n \r\n صناديق التحوط القليلة الجديدة كانت من بين الأطراف التي اشترت هذه المنتجات، ولكن ليس بأموال مديريها وإنما بأموال عملائها من المستثمرين فيها. \r\n \r\n \r\n لقد ضاعت الشفافية. ولم يفهم أي شخص حتى في المصارف الكبرى والبنوك الاستثمارية أنهم بهذا الشكل يفشلون في التعامل مع المخاطر التي يقابلونها. \r\n \r\n \r\n وبمجرد أن انتهت فقاعة العقارات في فلوريدا ونيويورك ولوس أنجلوس وبوسطن، أصيبت وول ستريت وزيورخ ولندن وأصيب المستثمرون في كل مكان بحالة من الهلع والرعب والإفلاس. \r\n \r\n \r\n لقد فوجئ الجميع ابتداءً من رئيس مؤسسة جودمان ساكس إلى عاملي المصاعد في المؤسسة نفسها بما وقع على حين غرة ودون استعداد منهم، وبشكل متأخر، تدخلت البنوك المركزية للقيام بعملية إنقاذ وذلك عن طريق ضخ كميات كبيرة من السيولة. غير أن الجزء الظاهر من جبل الجليد ليس هو حجمه الحقيقي، فما خفي كان أعظم. فلا محافظ بنك انجلترا ألوين كينج ولا رئيس الاحتياط الفيدرالي الأميركي بن برنانكي يمكنهما اليوم القيام بأي توقعات دقيقة لحجم الإفلاس المقرر حدوثه بالفعل. \r\n \r\n \r\n سيُنحي بعض المؤرخين في المستقبل باللائمة على إدارة بوش- تشيني الجمهورية. ربما كانت هناك ذات مرة إدارة جمهورية استطاعت إحداث رخاء وول ستريت وفي مين ستريت. وعندما كان كالفين كوليدج موجودا بشكل منتظم في البيت الأبيض، حدثت طفرة وول ستريت في العشرينات. \r\n \r\n \r\n الزمن يتغير. لقد كان الرئيس الديمقراطي الأسبق فرانكلين روزفلت هو الذي أطلق سوق اسهم تمتعت بحالة ازدهار على امتداد 20 عاما. وبعد عام 1960، نجح الرئيس جون كينيدي في إنعاش بلاده مرة أخرى كما كان يعد في أحاديثه الانتخابية. \r\n \r\n \r\n سيكون من الظلم والقسوة أن ننحي باللائمة على الحزب الجمهوري لأبراهام لينكولن بسبب عدم كفاءة فريق العمل الحكومي لإدارة بوش. \r\n \r\n \r\n لقد ساعدت على تدريب جيل كامل من المهندسين الماليين في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا. وفي وقت سابق نصحتُ من خلال كتاباتي في أحد أعمدة مجلة «نيوزويك» نصحتُ قادة دول الشرق الأوسط والبرلمانيين النرويجيين بالاستثمار في الخارج بدلا من التسبب في زيادة التضخم داخل بلادهم، ربما يتعين علي أن أشعر مثل الدكتور فرانكشتاين الذي قام بتكوين مخلوق خيالي،غير أن ذلك المخلوق للأسف تحول إلى وحش. \r\n \r\n \r\n إن العلوم المتطورة يمكنها مساعدة الجنس البشري بشكل هائل. ويمكنها أيضا تصنيع قنبلة ذرية لقتل مئات الألوف من البشر. \r\n \r\n \r\n الهندسة المالية هي أحد هذه العلوم. ففي ظل إدارة جيدة ومناخ من الشفافية يمكنها التسبب في نشر مخاطر مؤثرة وفي الوقت نفسه تقلص من النزوع الفطري نحو المخاطرة. ولكن هل ربما تأتي الهندسة المالية بنقطة ضعف جديدة تعاني منها العلوم الحديثة في حال عدم وجود شفافية وافتقاد الفهم الصحيح لكيفية تقليل المخاطر؟ \r\n \r\n \r\n إنني انهي حديثي كما ينبغي أن يُنهى: أي بعلامة استفهام. وسيأتي لنا المستقبل بالإجابة. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس أنجلوس تايمز» خاص ل «البيان» \r\n \r\n